انسحاب منقوص وسيادة «نص كم»

 

من منا يعتقد للحظة أن الانسحاب الإسرائيلي من أراضي الـ 67 سيلقى طريقه للتنفيذ ومن منا يقتنع بان إعلان الصوم والصلاة في سائر أنحاء الدولة العبرية يوحي بان رغبة في التعايش قد تطرأ على المجتمع الإسرائيلي مستقبلا حتى رغم اقتطاع الـ 67 إلى غيتوهات مقطعة الأوصال ومن منا لا يعرف أن إسرائيل ستبقى دولة توسعية حتى قيام الساعة...........

في الإعلام الإسرائيلي يقولون أن نسبة التحريض في الجامعات والمدارس الفلسطينية انخفضت بموجب قرار وتعميم حتى أن خطبة الجمعة باتت تخضع لتفتيش ومراقبة قوانين منع التحريض

وفي الإعلام الفلسطيني لا يعلمون أن غدا يوم صيام وصلاة للرب في معظم المستوطنات الإسرائيلية لمنع تنفيذ خطة الانسحاب الشارونية

نعم المستجلبون من كافة بقاع الأرض يقولون أنهم يخضعوا لعملية اجتثاث من" بيوتهم وأراضيهم"...! في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية ونحن نسن القوانين التي تتلاءم وسياسة التعايش مع الأمر الواقع والإجراء الواقع والسياسة الواقعية

نعم للتعايش الذي يمنح الفلسطينيون حقوقهم الكاملة ويحقق لهم الحرية والاستقلال.. التعايش الذي يقوم على التكافؤ واحترام حقهم في تقرير مصيرهم..

فالتناقض بين التعبئة الفلسطينية ونقيضها الإسرائيلية لا يترك مجالا للشك بان التعايش ضمن هذه الحلقة مفقود ولا يمكن تحقيقه.

الإسرائيليون يعتمدون على إبراز القضية الفلسطينية كقضية إنسانية ترتبط بلقمة العيش وانتفاضة الجياع في غزة وبكيفية عبور الفلسطينيين من مدينة إلى أخرى وبحجم التصاريح والاذونات التي من شانها أن تخفف من حجم الضائقة الاقتصادية......

الإسرائيليون يصرون على إنكار الحقوق السياسية للفلسطينيين في كل زمان ومكان ويروا في إعادة فتح الملفات التفاوضية ضرورة أمنية بحتة تكفل لهم برمجة أهدافهم واستراتيجياتهم المستقبلية على وقع ضرب المجتمع المدني الفلسطيني بسلطته الوطنية أو الأخيرة بفصائل العمل الوطني.

يوشع بن نون هاجم أريحا عام 1988 قبل الميلاد وشاؤول موفاز احتلها ثانية عام 2000 وما بين تحرير المؤابيين لأريحا وبين الانسحاب الإسرائيلي الرث منها في 2005 أصبحت أريحا على راس عناوين التعايش والانسحاب والانفصال والتحرير والاستقلال.

ذهب بن نون وجاء موفاز وبقيت أريحا من احتلال "الهكسوس" لها حتى تقديمها على كل فلسطين في اوسلو عنوانا رثا للتعايش....لأنه الاحتلال باستبدادية برنامجه لا يقبل القسمة على اثنين حتى وان ارتضى الفلسطينيون ذلك.

يعلم الاحتلال ونعلم نحن أن انسحابه منقوص حتى أولئك الذين سيصومون غدا ويصلون تحت محراب الرب لينجي بيوتهم من هلاك الانسحاب من مستوطنات قطاع غزة يعلمون بان انسحابهم ليس اقل من" تافه" مع تواجدهم على بوابات المدينة من جهاتها الأربعة... هم يعلمون أنهم خرجوا من قلبها إلى أطرافها وان أريحا خرجت من حصار إلى حصار أقذر ألف مرة...

الناس والسكان وزوار المدينة فقط يدركون ما معنى أن  تجثم سلطة الاحتلال على بوابات المدينة وما معنى أن  تمارس إسرائيل إذلالها  للعابرين على الحواجز تحت أشعة الشمس الحارقة ...

الناس في أريحا فقط يعلموا أن أريحا بعد تحريرها اليوم انتهت إلى الكازينو الذي انتزع الأولوية رغم وجود الحواجز وبقائها جاثمة على صدور الفلسطينيين ويعلموا أيضا أن الانسحاب الأمنية ليس أكثر من خدعة احترافية تمارسها حكومة اليمين المتطرف في الدولة العبرية التي أعلنت صيامها وصلاتها أملا بحصول كارثة ومعجزة إلهية توقف ما يدعى بالانسحاب.

من هنا سيبقى الانسحاب عن أريحا  فاقدا لمعانيه ومرتكزاته في ظل عدم السماح للفلسطينيين وبالا حرى للسلطة الوطنية وأجهزتها الأمنية  بالسيطرة على الطريق الواصل بين قرية العوجا وأريحا وستبقى السيادة الفلسطينية مقتصرة على الأجواء الداخلية للمدينة  ...

 وسيبقى انسحابا رمزيا خاليا من أية أبعاد سياسية في ظل عدم عودة الاحتلال إلى ما قبل 29 أيلول 2004  وهو الإجراء الواجب على الاحتلال الإسرائيلي اتخاذه كمقدمة لإنهاء خمس سنوات من الاشتباكات وسفك الدماء إذا ما أرادت التقدم بالتسوية السياسية إلى الأمام عدا ذلك فان  من حق العالم باجمعه أن يدرك بان صلوات الغد في المستوطنات الإسرائيلية لا تقتصر على الحزب الصهيوني  في الدولة العبرية بل هي إسرائيل  بأكملها تصلي لأجل العنف وضد السلام.

جميل حامد

صحافي وكاتب فلسطيني- مدير مكتب الحقائق(فلسطين)

Hjam32@yahoo.com

  3/16/2005

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع