عبر انقلاب عباس و"دناديشه" على صناديق الإقتراع
في دحض ذرائع الأزمة المفتعلة مع "حماس"

شاكر الجوهري-23/3/2006
ابتداء من الآن يجب أن تسمى الأشياء بمسمياتها, ولم يعد جائزا السكوت و"الطبطبة" أو لفلفة مسلكيات لا تختلف, بل تتطابق نتائجها مع افعال الخيانة الوطنية..!
نعني بذلك في شكل محدد كل من محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية, وحركة "فتح" والجبهتين الشعبية والديمقراطية, وبقية "الدناديش" التي لا يقدم ذكر اسماء "فصائلها" ولا يؤخر.
إن البهلوانيات التي يمارسها عباس بهدف افشال عمليات التغيير والإصلاح من شأنها أن تثير الأسئلة والتساؤلات حول ما إذا كان قد وقع في اخطاء تفاوضية مع الإسرائيليين قبل التوقيع على اوسلو, أم أنه عمد إلى ايقاع القضية الفلسطينية في الفخاخ الإسرائيلية. كما أن هذه البهلوانيات تدعو الجميع إلى القيام بعملية اعادة نظر شاملة في كل ما ألصق بهذا الرجل, على مدى سنوات تفرغه في حركة "فتح", ولا نقول في الثورة, من صفات مثل الصدق والنزاهة والإستقامة والصراحة والشجاعة.. الخ..
إن البهلوانيات التي مارسها, ويمارسها عباس, منذ انفراده برئاسة السلطة الفلسطينية وحتى الآن, هي ما يدعو إلى ذلك.
وكذلك تقاعس فصائل "الدناديش" عن محاولة تصويب الأوضاع, وانضمام فصائل كانت رئيسة في منظمة التحرير إلى شلة "الدناديش", واكتفائها بإعلان المواقف النظرية الصحيحة, بهدف تضليل الرأي العام الفلسطيني, وحلفاء وأنصار القضية الفلسطينية عن حقيقة المواقف العملية, التي لا تخرج عن دور التابع للمتبوع, وهو هنا رأس السلطة.. ولا ندري إن كانت هناك رؤوسا أخرى تدفع, أو قد تدفع في الخفاء..!
عباس, حين بدأ العمل, منذ اوائل السبعينيات, وهو الذي تفرغ في حركة "فتح" اواسط العام 1969, على دفع منظمة التحرير لانتهاج سياسة مساومة غير نضالية, بادر إلى التخريب داخل المنظمة, التي يدعي الآن الحرص على دور لها, لم ينص عليه لا القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية, ولا النظام الداخلي للجنة التنفيذية للمنظمة, ولا كذلك الميثاق الوطني الفلسطيني..
عباس, حين بدأ العمل على ذلك, بعد أيام قليلة من تفرغه في حركة "فتح", نجح لاحقا في اقناع ياسر عرفات بابتداع دائرة العلاقات القومية والدولية في منظمة التحرير, لتكون برئاسته, والمعبر عن النهج والخط السياسي الجديد, أو البديل عن الدور الذي تقوم به الدائرة السياسية للمنظمة, والمنفلت من قرارات وثوابت منظمة التحرير الفلسطينية.
يومها, ارتكب فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الخطأ الأول في علاقته مع محمود عباس, حين سكت, وإن على مضض, على ابتداع دائرة العلاقات القومية والدولية.
لم كانت هذه الدائرة..؟
كان الهدف منها تقديم موقف فلسطيني منفلت من قرارات الشرعية الفلسطينية ممثلة في قرارات المجالس الوطنية الفلسطينية, والثوابت المتمسكة بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني, لدول العالم, والدول العربية التابعة لها, التي ترفض الإعتراف بهذه الثوابت والحقوق, ومنظمة التحرير باعتبارها العنوان الذي كان للشرعية الفلسطينية وثوابت الشعب الفلسطيني.
دائرة العلاقات القومية والدولية هي التي أثارت حراكا مختلفا داخل منظمة التحرير وصولا إلى الدورة الخامسة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر, واعلان وثيقة الإستقلال الفلسطيني الذي صدر عنها.
سألني يومها المرحوم صلاح خلف: ما رأيك في اعلان وثيقة الإستقلال..؟ أجبته: ما لم تكن هناك ضمانات فعلية بقيام دولة فلسطينية مستقلة على خمس الأراضي الفلسطينية الذي احتل عام 1967, فإن هذه الوثيقة التي قمت بالترويج لها, وتسويقها لدى أعضاء المجلس الوطني لا تعدو أن تكون وثيقة تنازل عن أربعة اخماس الأراضي الفلسطينية, دون ضمانات باستعادة الخمس الخامس..!
وهذا ما حدث في التطبيق العملي, حتى الآن.
كان بدهيا بعد ذلك, وحين شكل محمود عباس حكومة فلسطينية فرضها وفرضه الأميركان والأوروبيين على ياسر عرفات, أن يواصل السير على ذات الطريق الذي انتهجه منذ بدايات تفرغه في حركة "فتح", فحول وزارة التخطيط والتعاون الدولي في حكومة السلطة إلى وزارة للشؤون الخارجية, التي أراد لها, من خلال قانون السلك الدبلوماسي الذي أقره المجلس التشريعي السابق, وصادق عليه, أن تحل محل الدائرة السياسية لمنظمة التحرير, ووزارة الخارجية لدولة فلسطين, التي قرر استحداثها المجلس الوطني في دورته المشار إليها, وكلف بها فاروق القدومي.
لم تكن المسألة مجرد احلال لوزارة محل أخرى, أو محل دائرة تتبع منظمة التحرير.. لكنها كانت تتعدى ذلك إلى احلال نهج محل آخر, والسلطة محل المنظمة, والإنقضاض على الثوابت الفلسطينية لصالح مساومات غير مبدئية, قادت القضية الفلسطينية إلى تقديم تنازلات كبرى, دون الحصول على أي مقابل.
لهذا, كان لا بد يومها من الإختلاف مع القدومي الذي تجاهل كل ذلك, وانساق وراء شخصنة الخلاف مع عباس..!
يومها, حين كان عباس يعمل على شطب منظمة التحرير كلها لصالح السلطة, وباعتباره رئيس دائرة العلاقات القومية والدولية, فقد كانت أولى ضحاياه هذه الدائرة, باعتباره المسؤول المباشر عنها. ولأنه كان مطلوبا قتل منظمة التحرير بصمت, فإنه لم يعمد حتى إلى اصدار نعي بدائرة العلاقات القومية والدولية..!
ولكن سبحان الله الذي يحيي العظام وهي رميم. فحين خسر عباس وحركة "فتح" الإنتخابات التشريعية, وبات مؤكدا أن تشكل حركة "حماس" حكومة جديدة وبديلة للسلطة الفلسطينية. وأصبح معلنا أن الدكتور محمود الزهار وزير الشؤون الخارجية الجديد سيعمل بالتنسيق الوثيق مع فاروق القدومي وزير خارجية دولة فلسطين, رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير, كان لا بد من أن يتذكر عباس أولا أنه رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ أن ارتكب القدومي خطأ التنازل له.. ثم ليتذكر في وقت لاحق أنه كان أيضا (ويا سبحان الله) رئيس دائرة العلاقات القومية والدولية, فبادر يوم الثلاثاء الماضي لإصدار بيان باسم هذه الدائرة مهمته الإعلان عن أنها لا تزال على قيد الحياة.!!
ما هو المطلوب من بعث الحياة مجددا بهذه الدائرة..؟
باختصار وكل وضوح, مطلوب منها الإعلان عن أنها هي الجهة المخولة بالعلاقات مع الدول العربية ودول العالم المختلفة.. لا الدائرة السياسية لمنظمة التحرير, ولا وزارة خارجية دولة فلسطين, ولا وزارة الشؤون الخارجية في حكومة السلطة.
وبعبارة أخرى إن دائرة العلاقات القومية والدولية هي أداة محمود عباس. واحتياطيه الإستراتيجي الآن, الذي يريد من خلاله إبقاء قبضته على السياسة الخارجية الفلسطينية, بعيدا عن أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح", وعن حركة "حماس", التي انتخبها الشعب الفلسطيني قائدة لنضاله للمرحلة المقبلة, لا فقط مسيرة لأموره المعيشية, في خدمة سياسات التنازل والتفريط.
بعد كل هذا العبث بمنظمة التحرير الفلسطينية, ورفض الإلتزام بإعادة بنائها وتفعيلها, وهو ما تم التوافق عليه في حوار القاهرة (17/3/2005), يريد عباس الآن تفعيل منظمة التحرير, دون اعادة بنائها كي يظل ممسكا بها, بذات الطريقة التي كان يديرها بها ياسر عرفات, ولكن دون تطابق في التكتيكات والسياسات, وكذلك في الأهداف.
كل ذلك هدفه الإلتفاف على حركة "حماس", وحكومتها, ومنعها من اجراء التغيير والإصلاح الذي خاضت الإنتخابات التشريعية على قاعدة برنامجه. والأهم من كل ذلك, منع "حماس" من تصويب الأخطاء والخطايا السياسية التي ارتكبها عباس, على مدى سنوات تفرغه في حركة "فتح", بحق القضية الفلسطينية.
أصبح المشروع الوطني الفلسطيني لدى عباس, ومن خلفهم له عرفات من الموظفين الفاسدين, يقتصر على الإعتراف بإسرائيل, دون الإعتراف بحقوق الشعب الفلسطيي. وليس في هذا أي تجن على الرجل, فقد سبق له أن قصر خطابه في قمة العقبة الشهيرة على التحدث عن آلام اليهود دون آلام الشعب الفلسطيني على أيدي الدولة العبرية. وتلك لم تكن زلة لسان, ولم يكن اختصارا لخطاب فرضه ضيق الوقت, لأنه لم ينشر بقية ذلك الخطاب إن كانت له بقية, ولم يبلغنا لاحقا بموقفه من آلام الشعب الفلسطيني ولو عبر تصريح..!!
وأصبح مطلوبا من حكومة "حماس" التي انتخبها الشعب الفلسطيني, أن تقدم كل التنازلات التي سبق أن قدمها عباس لإسرائيل, قبل أن يسمح لها بممارسة الحكم. بل وأصبح مطلوبا منها كذلك, ومشترطا عليها, أن تقدم هذه التنازلات أمام اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير, التي يصفها نايف حواتمة بالمشلولة, وقاطعتها الجبهة الشعبية على مدار سنوات عضويتها فيها, أكثر مما شاركت في اجتماعاتها الشكلية.
ما هي الشرعية التي تمثلها اللجنة التنفيذية, وما هي سلطاتها على حكومة السلطة..؟
القانون الأساسي الفلسطيني, وكذلك النظام الداخلي للجنة التنفيذية, والميثاق الوطني الفلسطيني, لا ينصون على شيء من هذا القبيل. وحكومة محمود عباس, وخلفه أحمد قريع, صاحب مصنع القدس للخلطات الإسمنتية الجاهزة في أبو ديس, لم تحصلا على مباركة أو ثقة اللجنة التنفيذية.
ثم إن هذه اللجنة فقدت شرعيتها. وهذا ما يقرره, ليس فقط فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير, أمين سر الجنة التنفيذية لحركة "فتح", إنما هو كذلك ما أعلنه مؤخرا نايف حواتمة أمين عام الجبهة الديمقراطية.
وتتأسس عدم شرعية اللجنة التنفيذية على انتهاء ولاية جميع مؤسسات منظمة التحرير (اللجنة التنفيذية والمجلسين الوطني والمركزي) منذ 1991. ووفاة واستقالة ومقاطعة وأسر أكثر من ثلث اعضائها لاجتماعاتها. ولأن الأمر كذلك, فإن اجتماعات هذه اللجنة غير قانونية, وانتخابها لمحمود عباس رئيسا لها غير قانوني.
هذا من الناحية القانونية, أما من الناحية الواقعية, فإن هذه اللجنة فقدت كل صفة تمثيلية لها في ضوء الحقائق التالية:
أولا: دفع محمود عباس بالذات إلى احلال شرعية الدولة محل شرعية الثورة.
ثانيا: فوز "حماس" في الإنتخابات التشريعية الفلسطينية وسقوط "فتح" التي كانت تمثل الأغلبية السابقة.
لقد اختيرت "فتح" عام 1969 لقيادة منظمة التحرير في ضوء توافق الجميع على أنها كانت تمثل أغلبية الشعب الفلسطيني, وتحوز الشرعية الثورية, كونها مفجرة الثورة الفلسطينية المعاصرة, وقائدة نضال الشعب الفلسطيني. وهو ما لم يعد قائما الآن.
إن فوز "حماس" الساحق في الإنتخابات الفلسطينية يفرض الآن الإعتراف بقيادتها لمنظمة التحرير, قياسا على سابقة "فتح" عام 1969, أو اجراء انتخابات لتشكيل مجلس وطني فلسطيني جديد, كما ينص نظام المنظمة.
ثالثا: وإذا كانت "فتح" لم تعد تمثل الأغلبية, فإن الفصائل الأخرى والأعضاء الآخرين في اللجنة التنفيذية لم يعودوا يمثلون شيئا.
لقد أظهرت الإنتخابات التشريعية الأحجام الحقيقية لكل الفصائل التي شاركت فيها (78 مقعدا "حماس", 45 مقعدا "فتح", 3 مقاعد الشعبية, مقعدان قائمة البديل المشكلة من الديمقراطية وحزب الشعب وفدا, مقعدان قائمة فلسطين المستقلة, ومقعدان للمبادرة الوطنية".
هل يعقل منطقا أن ترهن الثقة بحكومة الأغلبية النيابية الساحقة بموافقة من لا يمثلون شيئا ولا أحدا..؟!
لماذا يتوجب على حكومة "حماس", وبأي منطق, أن تمر عبر موافقة سمير غوشة, الذي فشل الجناح الذي يقوده في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني بالتحالف مع أربع قوى أخرى في تجاوز نسبة الحسم في الإنتخابات..؟!
وما الذي يمثله ياسر عبد ربه, مع احترامنا لكل تاريخه, وهو الذي لم يعد يمثل "فدا" في اللجنة التنفيذية, كما أن "فدا" لم ينجح في ايصال نائب واحد للجلس التشريعي..؟!
وما يقال عن غوشة وعبد ربه يمكن أن يقال كذلك عن الجبهتين الشعبية والديمقراطية, وحزب الشعب, وحركة المبادرة الوطنية التي انشق نائبيها مصطفى البرغوثي وراوية الشوا على نفسيهما فور ظهور نتائج الإنتخابات.
وما يقال عن البرغوثي, هو ذات الذي يقال عن سلام فياض وحنان عشراوي لجهة التمويل الأميركي والأوروبي لحملتهم الإنتخابية..!
باختصار, إن ما يفعله عباس و"دناديش فتح" الآن هو محاولة لإفشال حكومة "حماس", تماما كما تتواصل محاولات "فتح" افشال المجالس البلدية التي فازت بها "حماس". وهو افشال يتم على حساب مصالح المواطنين الفلسطينيين قبل أي أحد آخر.
ولنعد إلى الذاكرة, كيف قرر رئيس السلطة اجراء الإنتخابات البلدية على مراحل من أجل التمكن من حشد كل ما يلزم للحد من حجم الفوز الذي يمكن أن تحققه "حماس".
أما الإنتخابات التشريعية, فلا ينكر أحد أن عباس هو الذي أصر على اجرائها, لكنه فعل ذلك في ضوء تقديرات تؤكد أن "حماس" كانت ستحصل على ما بين 30 ـ 40 بالمئة من المقاعد, وكان اصراره من أجل:
أولا: تطويع "حماس" وادماجها في مخطط التسوية الذي يقوده دون انجازات, فلا تعود هناك معارضة قوية وفاعلة لسياساته.
ثانيا: الإلتزام بخارطة الطريق التي تنص على اجراء انتخابات تشريعية.
ثالثا: استئناف عملية التسوية في ظل تمثل "حماس" في السلطة.
رابعا: اكمال الإجهاز على منظمة التحرير, حيث أن "حماس" غير العضو في المنظمة تغدو في السلطة.
الإصرار على اجراء الإنتخابات التشريعية, كما تؤكد كل "الفهلوات" اللاحقة, لا علاقة له بصدقية أو نزاهة أو استقامة.. فالرجل ثبت أنه ملعبان كبير..!!
وما يجب التأكيد عليه في هذا المقام هو أن الإصرار على ايقاع "حماس" في ذات الأخطاء والخطايا التي أوقع عباس الشعب والقضية الفلسطينية فيها, وبعد انكشاف كل مستور, وبدلا من أن يبادر هو إلى تصويب اخطائه, يرتقي إلى مستوى تدمير القضية الفلسطينية عن سابق تصور وتصميم.. وهو الذي يمعن في محاصرة "حماس" من أجل دفعها للتخلي عن برنامجها الفائز في الإنتخابات, لصالح برنامجه المهزوم, والحيلولة دونها والعمل على تصويب اخطائه.
عباس يريد من "حماس" الإعتراف بإسرائيل, وبكل الوثائق والتعهدات التي سبق له أن أوقع الشعب والقضية الفلسطينية بها, ويرفض أن يكون اعتراف "حماس" مرهونا باعتراف اسرائيل بالحقوق الفلسطينية..!
عباس يرفض ما بدأ يتفهمه المجتمع الدولي, وهو بهذا يحرض من يتفهم هذا المنطق الصائب على رفض موقف ورؤية "حماس", والإبقاء على الموقف الدولي السابق الذي يدين الضحية ويطالبها بمواصلة تقديم التنازلات دون تلقي أي مقابل.. وهو سلوك يفترض أنه يتناقض مع تبريراته للأخطاء التي قاد القضية الفلسطينية إليها, واعتبار أن التنازلات هي التي تعبد طريق تفهم المجتمع الدولي لعدالة القضية..!
أما مواقف الجبهتين الشعبية والديمقراطية, و"الدناديش" الأخرى, التي تخطىء اعلاميا سياسات عباس, وتسير عمليا في ركابها.. وها هي الجبهة الشعبية, التي رفعت شعار عدم جواز تجاهل "حماس" لوحدانية تمثيل سمير غوشة وياسر عبد ربه للشعب الفلسطيني, تقدم لعباس المدخل لرفض برنامج حكومة "حماس" التغييري والإصلاحي..
هذه المواقف النظرية لا يجوز أن تظل تنطلي على الشعب الفلسطيني والرأي العام العربي.. ذلك إن اعلان المواقف الصحيحة والصائبة يوجب كذلك انتهاج سياسات وممارسات صحيحة وصائبة.. لأن القضية الفلسطينية, لا يجوز أن يمارس النضال فيها على طريقة حتى كلمتك وامش إلى الصندوق القومي لقبض عدم الإلتزام بها..!
إن مثل هذه السياسات التفريطية والمتقاعسة عن العمل, هي التي جعلت "حماس", بما تمثله من فكر, غير مطالبين بالموافقة عليه واقراره في كليته, هي البديل الوحيد أمام الشعب الفلسطيني للخلاص من سلطة الفساد والإفساد والتفريط. وهي سياسات تقوم على انتاج المواقف المعارضة والصائبة, بهدف تكبير الثمن الذي يتم قبضه مقابل السكوت عنها ونسيانها, وتعطيل أية محاولة لوضع آليات تنفيذية لها..!!
لقد تحولت هذه الفصائل و"الدناديش" إلى أشبه ما يكون بمصنع يسعده ارتكاب الأخطاء من أجل انتاج مواقف معارضة لها, يتم تسويقها وبيعها لصاحب السلطة بالعملة الصعبة..!!!
إن مثل هذه السياسات التي استمرأت على مدى سنوات الكفاح والنضال الفلسطيني, بيع المواقف بمقاعد لا يستحقها اصحابها في المجلسين الوطني والمركزي, وفي اللجنة التنفيذية ودولارات وسحت, وموازنات تخصص لجيوب اصحاب القرار في الفصائل المعنية, لا تضر فقط بمسيرة الكفاح الفلسطيني, لكنها تعرقل كذلك الإستراتيجية, التي يفترض أن تكون موحدة لكل اطراف مقاومة الهجمة الأميركية ـ الإسرائيلية, واقترح نايف حواتمة أمين عام الجبهة الديمقراطية أن تعدها وتصيغها لدى التقاء الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قادة تحالف القوى الوطنية الفلسطينية أثناء زيارته الأخيرة لدمشق.
إن هذه البهلوانيات تضر بالمصالح الإستراتيجية لجميع اطراف المعسكر الذي يقف في مواجهة العدوانية الأميركية ـ الإسرائيلية, لأنها تنفس تحالف اطراف الممانعة والصمود من الداخل, وتضعف قدراتها على المواجهة والتصدي للمؤامرات.
وإلا, ما معنى أن يرى الرئيس السوري في انتصار "حماس" نصرا لسوريا, وأن تقدم فصائل, من قلب دمشق, على العمل من أجل افشال حكومة "حماس"..؟!
نأمل أن تكون العلة مقتصرة فقط على موازنة رئيسا السلطة, التي تدفع منها مخصصات الفصائل, حتى لا نقول اثمان المواقف الصائبة التي يبرع البعض في انتاجها لغايات البيع, ولا شيء آخر غير البيع..!!!!!
حين يكون الأمر كذلك, يتوجب أن نطالب بأعلى صوت ممكن: حلو عن سما الشعب الفلسطيني, ولينتهي عهد "الشرعية الثورية", ولنعترف فقط بشرعية صناديق الإقتراع, التي قالت كلمتها في كل واحد منكم.
 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع