انفصام

بقلم: حمدي فراج*

الناظر للشعب الفلسطيني من خلال توليفات هيكلياته السياسية وغير السياسية، يرى بوضوح حالة ما يمكن ان نسميها في علم النفس بالفصام، او السكيزوفرينك، على الاقل في سياقه الافقي الممتد من اول رقاعاته حتى آخرها، ومن يساراته الى يميناته.

انظروا على سبيل المثال كيف نادت جبهة النضال الشعبي الى تأييد ابو مازن في الانتخابات الرئاسية التي لم يعد يفصلنا عنها سوى ثلاثة اسابيع.

انظروا مثلا الى الجبهة الديمقراطية التي قفزت من القفة الى أذنيها، حين ناهضت المجلس التشريعي وانتخاباته، واليوم تقدم مرشحها للرئاسة، البعض يقول  انها قفزت الى داخل القفة بعد ان كانت ترفض الاقتراب منها، والبعض يقول انها بهذا الترشح انما تريد ان تدعم ابو مازن من تحت الطاولة، على عكس جبهة النضال التي تدعمه عيني عينك، لأن الاصوات التي سيحصل عليها تيسير خالد، على ضآلتها ، ستحجب عمليا عن مصطفى البرغوثي، المرشح الأكثر فرصا في منافسة ابو مازن.

انظروا مثلا الى حزب الشعب، الذي بدوره يعد على قوى اليسار والمعارضة، يتمثل في وزارات الفساد، بدءا بالوزارة التي شكلها عرفات، ومرورا بوزارة ابو مازن وانتهاء بوزارة احمد قريع، والآن يقدم الحزب مرشحه الخاص للرئاسة، وبعد فشله، سيكون اول القافزين الى الحكومة ،القفة، لكن العجيب في هذا الحزب، انه في الوقت الذي يذهب في التنافس على الرئاسة، فانه لا يذهب للتنافس على البلديات، والسبب معروف لجماهير الناس، انه بالكاد يجد مرشحا واحدا لعضوية البلدية، فكيف بالتالي سيجد ناخبين، الا اذا اوهم نفسه ومن تبقى من اعضائه، انه سيجدهم في  صناديق التنافس على الرئاسة.

الفصام الأخير في هذه الفصائل التقدمية والديمقراطية، هو ما مثلته الجبهة الشعبية، التي يتلخص موقفها في (تعى ولا تيجي) التي تغنيها فيروز، بمعنى (بدي وبديش) في آن معا، فهي لا تقاطع الانتخابات، لكنها تقاطع الترشيح.

 اما حركة حماس التي تناهض ابو مازن وبرنامجه السياسي القائم اولا على وقف عسكرة الانتفاضه، واشياء اخرى عديده، لا داعي للخوض في تفاصيلها، فانها تقاطع الانتخابات الرئاسية جملة وتفصيلا، فلا ترشح ولا تنتخب، وهو الأمر الذي يعني دعم ابو مازن الذي تدعي مناهضته.

هل حركة فتح العمود الفقري في حل من الفصام الطام والعام؟  ان هذا السؤال ليجيب عليه حالة الاجماع الفتحاوي شبه المطلق على شخصية ابو مازن، في حين يصل الامر بجناحها العسكري ان يتشارك مع حماس  ومع الجهاد في العمليات النوعية، بما في ذلك عملية النفق، رغم معرفتهم المسبقة ان ابو مازن الذين اجمعوا على دعمه ليتصدر مسيرتهم، يناهض مثل هذه العمليات، على الأقل في الوقت الراهن، بل لربما يصل بالبعض ان يقول عن مثل هذه العمليات انها انفجارات في وجهه قبل ان تكون في وجه اية جهة اخرى.
 

* كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع