16/4/2005
تحليل
سياسي
سياسة ادارة الظهور الفلسطينية لشارون..!
شاكر
الجوهري
محمود
عباس يدير ظهره لإعلان القاهرة، والفصائل الفلسطينية التي اصدرت ذلك
الإعلان إلى جانبه، تماما كما يدير ظهره للإصلاح، وكما يدير بوش وشارون
ظهريهما لعباس..!
والمحصلة أن فصائل فلسطينية مقاومة قررت هي الأخرى أن تدير ظهرها لرئيس
السلطة، وإن فعلت ذلك مواربة.
الكل
يدير ظهره للكل، باستثناء شارون الذي تدار له الظهور..!!
هكذا
يبدو المشهد الفلسطيني بهد شهر من توقيع واصدار اعلان القاهرة، الذي نص على
تهدئة من جانب واحد، لم تجد أي تجاوب اسرائيلي.
رئيس
السلطة الفلسطينية لم يلتزم بالتعهدات التي اعطاها في القاهرة لفصائل
المقاومة، في حين أنه ركز كل جهوده من أجل الوفاء بتعهداته لرئيس وزراء
اسرائيل.
هذا ما
تؤكده فصائل مقاومة فلسطينية منبثقة من داخل حركة "فتح"، كما يدل على ذلك
موقف لجان المقاومة الشعبية بقيادة جمال أبو سمهدانة، وكتائب شهداء الأقصى
وكتائب العودة، وكلها منبثقة عن حركة "فتح".
فأبو
سمهدانة الذي لم يوافق ابتداء على اعلان القاهرة، والتهدئة التي نص عليها،
وجد في ادارة شارون ظهره لرئيس السلطة، عبر سلسلة جرائم اسرائيلية جديدة
ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني ومناضليه، اتخذ قراره باستئناف اطلاق النار على
اسرائيل.
ذات
الموقف اتخذته كتائب شهداء الأقصى، وكتائب العودة، ما دام شارون لا يلتزم
بسلوك مماثل، وما دامت قواته تواصل اغتيال واختطاف قادة ورموز المقاومة،
الذين التزموا التهدئة.
وليس
هناك ما يدعو ابتداء لثقة هذه الفصائل برئيس السلطة، الذي سبقت تجربته يوم
كان رئيسا للوزراء في عهد ياسر عرفات، فلم يفلح في الحصول على شيء من بوش
أو شارون مقابل دعواته السلمية الرقيقة..!
وها هو
شارون ينفي عبر ناطق باسمه من العاملين في مكتبه وجود أي اتفاق مع عبد
الفتاح حمايل، الممسك بملف المطاردين في سلطة عباس، يقضي بوقف التعرض لهم
إن عادوا لمنازلهم.. حيث تم اغتيال بعض رموزهم حين صدقوا "حمايل"..!
الفصائل
الفتحاوية هي لتي جرت "حماس" والجهاد الإسلامي إلى ادارة ظهرهما هما أيضا
لإعلان القاهرة.. ذلك أنهما لا تقبلان أن تنفرد فصائل "فتح" بالمقاومة.
الجميع
اطلق الصواريخ والقذائف المدفعية على الأهداف والمستوطنات الإسرائيلية، ثم
عاد إلى التهدئة من جديد.
ماذا
يعني ذلك..؟
إنه
يعني:
اولا:
عدم رغبة "حماس" والجهاد، وكذلك الفصائل الفتحاوية في الإشتباك مع سلطة
عباس، واعطائه مبرراً لتنفيذ المزيد من طلبات شارون التي باتت تتركز الآن
على ضرورة نزع اسلحة فصائل المقاومة وتفكيك تنظيماتها.
ثانيا:
أن هذه الفصائل لن تلتزم بالتهدئة من جانب واحد، دون التزام الجانب
الإسرائيلي بما هو مترتب على التهدئة، وخاصة اطلاق الأسرى الفلسطينيين.
ثالثا:
أن سلطة "عباس" من خلال عبد الفتاح حمايل، تكذب على المناضلين المطاردين،
وتعرضهم للموت المجاني عبر حديثها عن اتفاق غير قائم مع اسرائيل.
رابعا:
عدم قدرة سلطة عباس على انجاز برنامجه ذا الخيار السلمي الوحيد.
لقد
تحدث عباس على الدوام عن ضرورة توحيد كل الجهود الفلسطينية لشن هجمة سلام
واسعة النطاق تحرج شارون. فما الذي حققته هذه الهجمة في ظل اعلان
القاهرة..؟!
الجبهة
الديمقراطية بزعامة نايف حواتمة تجيب على ذلك في الأمس نافية أن يكون عباس
فعل شيئا من تعهداته الفلسطينية في اتفاق القاهرة، والتي تنصب على امرين
اساسين:
الأول:
تفعيل واعادة بناء منظمة التحرير ومؤسساتها.
الثاني:
متابعة الإصلاح الفلسطيني.
البيان
الذي اصدره الإعلام المركزي للجبهة الديمقراطية أمس (السبت) يركز على أن
"الصراع على النفوذ بين مراكز السلطة وداخل كتلة "فتح" البرلمانية يعطل
اصدار قوانين الإصلاح الديمقراطي الشامل لمؤسسات السلطة". ويلفت البيان إلى
"إن قرارات اعلان القاهرة تؤكد: قانون الإنتخابات التشريعية (البرلمانية)
الجديد وفق التمثيل النسبي الكامل لبناء نظام سياسي فلسطيني جديد، نظام
برلماني ديمقراطي واصلاح شامل لمؤسسات السلطة". كما يلفت البيان إلى أن
قرارات القاهرة تؤكد "دعوة السلطة لإصدار هذه القوانين لفتح الطريق نحو
اعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير في الوطن والشتات بانتخاب مجلس وطني
فلسطيني موحد على اساس التمثيل النسبي". وخلص إلى أن "تعطيل القوانين
الجديدة هدفه افراغ اعلان القاهرة من اصلاح مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير،
وتعطيل بناء الوحدة الوطنية، وتأجيل الإنتخابات على اساس التمثيل النسبي".
لا أدل
على صحة ما جاء في بيان الجبهة الديمقراطية من قرار عباس عزل رمزي خوري من
منصب مدير عام مكتب رئيس السلطة.
لقد
اتخذ هذا القرار على خلفية الإتهامات الموجهة لخوري بالإستفادة من منصبه،
عبر ابتزاز من يريد مقابلة الرئيس السابق، وتمرير مطالب ومصالح مادية أو
غير مادية منه.
خوري
نفسه نشر في الصحف الفلسطينية بعيد وفاة عرفات مقالا اعتذاريا عن خطاياه
أين منه "اعتذاريات النابغة الذبياني"..؟ وذلك بهدف البقاء في ذات الموقع.
إلا أن
عباس، رئيس السلطة الإصلاحي قرر ابعاد خوري من ادارة مكتبه جراء الإتهامات
المتعلقة تحديداً بذمته المالية، وقرر تعيينه نائبا لمدير عام الصندوق
القومي الفلسطيني، المرحوم نزار أبو غزالة، أي أنه قرر تعيينه مديرا عاما
بالوكالة للصندوق القومي الفلسطيني، الذي كان مديره العام يعاني سكرات
الموت لحظة صدور القرار..!!
لقد
رفسه إلى رأس النبع..!!!
وهكذا
يكون الإصلاح، وإلا فلا..!!!
لا أحد
يدري ما الذي يجعل عباس يتصرف هكذا..؟ والمعني بالسؤال الإقدام على كل ما
من شأنه تفكيك الوحدة الوطنية الفلسطينية وتفشيلها، ومواصلة رعايته
للفاسدين وعدم احالتهم للقضاء، باستثناء حالة معزولة تتعلق بأربعة مسؤولين
ماليين ما زالوا احرار طلقاء، بالرغم من قرار احالتهم إلى التحقيق بتهم تقل
كثيرا عما هو موجه لرمزي خوري، واعترف به في اعتذاريته الشهيرة.
هل هي
الخشية من قاعدة التمثيل النسبي أن تؤدي إلى فقدان "فتح" لقيادة الشعب
الفلسطيني، والإستئثار بالقرارات المتعلقة بقضيته..؟
إن كان
الأمر كذلك، فعلى عباس أن يقرر أيهما أولا: استئثار "فتح" بالقرار، أم
استمرار التهدئة ونجاح نهج المفاوضات خيار وحيد للحل، ما دامت التهدئة
والإصلاح وتعطيل منظمة التحرير مفردات متوازية في اعلان القاهرة..؟
وكذلك،
ما دام بوش وشارون لا يكتفيان بادارة ظهرهما لعباس والجانب الفلسطيني، بل
هما يطعنان الظهر الفلسطيني بما يتجاوز المواقف النظرية..!
فها هو
بوش يؤيد بقاء المستوطنات الإسرائيلية الكبيرة في الضفة الغربية، التزاما
منه برسالة الضمانات التي زود بها شارون قبل عام، مديرا ظهره لرسالة
التطمينات المعاكسة التي زود بها النظام العربي في حينه من أجل الهاء شعوبه
عن الحقيقة، وعن ضرورة وحتمية المواجهة.
وها هو
شارون يقرر أن عباس الذي تم وصفه في لجنة الشؤون الخارجية في الكنيست
الإسرائيلي بأنه "عاجز يحتاج إلى الفياغرا"، رجل واهن، كما اخبر بوش بذلك،
ما يعني عدم وجود شريك فلسطيني، تماما كما كان الحال بالنسبة لشارون في عهد
عرفات.
وحين
يكون الأمر كذلك، فإن شارون.. رجل السلام بشهادة عباس نفسه، وليس فقط بوش،
يقرر صنع السلام بمفرده عبر خطة انسحاب احادية أخرى من الضفة الغربية،
لكنها لا تشمل كل الضفة، ولا تتنازل عن السيادة عليها. فهذه الخطة تبقي
المستوطنات الكبرى بيد اسرائيل، التي تبقي سيادتها وسلطتها الأمنية على أرض
الضفة وجوها.. وبالتأكيد أيضا على مياهها الجوفية.
إن
سياسة ادارة الظهور الفلسطينية التي ينتهجها عباس تغري شارون على الإستدارة
فقط باتجاه هذه الظهور، سواء فعل ذلك بواسطة الفياغرا الأميركية، أم
استنادا إلى الإستعداد الذاتي لسلطة يتولى رئاستها عباس.!!
|