إختبار الشعب
بقلم:
د. ناجي شراب*
في جلسة
عائلية حوارية كا لمعتاد حول الإنتخابات فاجأتني إبنتي بالسؤال: هل سترشح
نفسك في الإنتخابات القادمة؟
قلت
لها: نعم.
س: لكنك
لم ترشح نفسك في الإنتخابات السابقة؟
ج:نعم،
لأن الترشيح لأي إنتخابات يحتاج إلى تأهيل وإعداد وتفاعل مع الناس حتى
تتوافر لديهم القدرة على التمييز بين مرشح وآخر. أي أن المرشح في حاجة إلى
مؤهلات شعبية.
س:
وماذا تقصد بالمؤهلات الشعبية؟
ج:أن
يكون المرشح قريبا من الناس، فهو ممثل الشعب يريد ما يريده الناس.
س: وهل
ستضمن النجاح؟
ج: هذا
سؤال مهم. فالنجاح في الإنتخابات ليس سهلا حتى لو توافرت في المرشح
المؤهلات المطلوبة من كفاءة وقدرة ونزاهة وأمانة.
س:
ولماذا؟
ج:
الأسباب عديدة منها أن الإنتخابات في مجتمعاتنا تفتقر في كثير من الأحيان
إلى النزاهة، وإلى الضمانات القضائية والرقابة المجتمعية التىتضمن أن تأتى
نتائج الإنتخابات صحيحة وسليمة.
-
عادت وتساءلت وبشدة وإنفعال: ولماذا لاتكون لدينا إنتخابات نزيهة؟
ج:
الأسساس فى نجاح أى إنتخابات هو المواطن متى كان لدينا حاكم مواطن ومواطن
حاكم.
س:وماذا
تقصد؟
ج: أقصد
بالمواطن الإنسان الذي لديه الوعى والنضج السياسي والحس بالمسؤولية،
المواطن المشارك والذى يعرف كيف يدلى بصوته ولمن، فالرقابة هنا ذاتيه وهذا
هو السبب فى عدم وجود لجان رقابة خارجية فى الدول التي يوجد فيها هذا
المواطن.
س: وكبف
يمكن أن يكون لدينا مثل هذا المواطن؟
ج:
الإجابة طويلة ولكن المسألة تحتاج إلى عملية تنشئة وإعداد وتربية سياسية
وإجتماعية تبدأمن الطفولة أو كما يقال من المهد إلى اللحد، وهنا يأتي دور
الأسرة والمدرسة وكل مؤسسات المجتمع التي تساهم في غرس وإعداد المواطن الذي
لا يخاف ويملك القدرة على المناقشة والحوار.
س: أسمع
يا والدي من يقول هذه ليست مرحلتك ماذا يقصد بذلك؟
ج: من
يرددون هذا القول هم المنتفعين من السلطة ومن الإستمرار في مناصبهم
ويتحدثون عن الإصلاح كشعارات، ويشككون في إمكانية نجاح الآخرين، ويعطون
الإنطباع أن نتيجة الإنتخابات مضمونه مسبقا.
س: وهل
توضح لي المزيد؟
ج
:الإنتخابات في أبسط معانيها هي سلوك إختياري إرادي يقوم به المواطن
بإختيار من يرى أنه الأصلح لتمثيله في صناعة القرارالسياسي، والأكثر قدرة
وأمانة في الدفاع عنه، والإنتخابات في النهاية تهدف إلى إتاحة الفرصة
للأجيال أن تشارك في صنع حاضرها ومستقبلها السياسي.
-
عادت وتساءلت وبالحاح: لم أفهم كثيرا؟
ج:
الإنتخابات ليست مجرد أن يدلي المواطن بصوته ويعود إلى بيته أو عمله، بل هي
نظام يعمل على تعميق المشاركة الجماهيرية ومن خلال حق الكل أن يشارك كمرشح
أو ناخب.
-
عادت وسألت: معنى ذلك أنك تنصحنى أن أبادر وأسجل إسمى في قوائم الناخبين ؟
ج: نعم
بالتأكيد لأن هذا حق لكل مواطن، لاينغى أن يتنازل عنه. فهو دين وإستحقاق
عليه أن يمارسه ولا تكتمل مواطنيته إلا من خلال مشاركته ومساهمته في صناعة
القرار السياسى من خلال إختيار مرشحيه.
-
إذن سأبادر واسجل إسمى لأصوت لك؟
قلت:
وافترضى أننى لم أرشح نفسى.
أجابت
هي هذه المرة وقالت: عندها سأعطي صوتى للقوي الأمين.
* أستاذ
العلوم السياسية في جامعة ألأزهر – غزة.
(أمين) |