هل هناك صفقات خفية مع "إسرائيل"؟

 

هيثم الصادق

صحيفة الوطن القطرية 19/11/2005

 

هذا السؤال ليس مبنياً على افتراضات افترائية، بل تساؤل يستمد مشروعيته من جملة المواقف التي يحيط بها الكثير من الضبابية، فلا أحد يمتلك تفسيراً منطقياً أو وضوحاً مطلقاً عن دوافع مصافحة أبو مازن لسيلفان شالوم في تونس، في ذات الوقت الذي يعلن فيه شاؤول موفاز من مستوطنة معاليه أدوميم بالقدس عن إصرار "إسرائيل" على الاستمرار في خطتها لربط تلك المستوطنة بالقدس، الأمر الذي يعني تبديد الوعود بإقامة دولة فلسطينية متصلة الأجزاء.. المصافحة من قبل أبو مازن لشالوم قدمت مبررات قوية لتعريب وأسلمة التطبيع، وشكلت جسراً لتشجيع الدول المترددة تجاه التطبيع للسير إليه، والتوسع الاستيطاني الذي تحدث عنه موفاز طعنة في خاصرة التسوية السياسية الفلسطينية – الإسرائيلية.. فما المكاسب التي سيجنيها أبو مازن من هذه المعادلة الخاسرة؟

 

أبو مازن خسر معركته التفاوضية حول معبر رفح، وتنازل عن الشرطين الفلسطينيين لاستكمال السيادة الوطنية الفلسطينية على المعبر، بموافقته على نصب كاميرات مراقبة إسرائيلية على مدار الساعة، والدولة الفلسطينية الموعودة يبددها المشروع الإسرائيلي لبناء «2500» وحدة سكنية تربط مستوطنة معاليه أدوميم بالقدس، مع ذلك فإن أبو مازن مازال بمواقفه يفتح آفاقاً واسعة للتطبيع مع "إسرائيل"، فما هي شروط المقايضة بين ما يسديه أبو مازن من خدمات لتمكين "إسرائيل" من التغلغل في المنطقة دون أي تنازلات ملموسة من قبل حكومة شارون؟ هذا سؤال يجد مبرراته من خلال معادلة التنازل دون مكاسب حقيقية، كما يعيد إلى الذاكرة دوافع الشهيد عرفات لإقصاء أبو مازن عن رئاسة الوزراء.

 

إن أمام أبو مازن فرصة كبيرة لإدارة الصراع التفاوضي مع "إسرائيل" خلال الفترة المقبلة من خلال فتح قنوات الحوار مع حزب العمل بقيادته الجديدة، التي تبدو أكثر استعداداً للإقدام على تفاهمات أكبر مع الفلسطينيين بعد أن خبر على مدى الأعوام السابقة تعنت حكومة شارون ووحشيتها ونهمها الاستيطاني الذي لا حدود له، أما الاستمرار في مسلسل التنازلات أمام الليكود في ظل استمرار المجازر التي يقترفها ضد الفلسطينيين، فانه بات أمراً يكتنفه الكثير من الغموض، ويثير تساؤلات مرعبة حول إمكانية تكرار فضيحة مصنع الإسمنت الفلسطيني الذي ما زالت الاتهامات حول صفقاته لبيع الإسمنت الذي استخدم لبناء الجدار العنصري في القدس دون مساءلة حقيقية.. فهل يخفي الموقف التنازلي لأبو مازن صفقات جديدة غامضة؟

ليس من حقناً أن نتهم.. ولكنه تساؤل كبير تمليه السياسة غير المبررة التي ينتهجها رئيس السلطة في الترويج للتطبيع المجاني غير المشروط الذي تجسد بمصافحته لشالوم في تونس، وتنازله عن حقوق فلسطينية سيادية على معبر رفح، وهي مواقف قد زادت الاحتقان بين نهج التسوية الذي يمثله أبو مازن ونهج المقاومة، الأمر الذي يدعونا لمناشدة رئيس السلطة الفلسطينية لمزيد من الشفافية والوضوح لمسوغات هذه المواقف.

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع