حماس ومراسيم عباس

 

أحمد خليل

صحيفة الوطن القطرية 8/4/2006

 

 الرئيس الفلسطيني عباس لم يتخذ إجراءات أو خطوات لإفشال حكومة حماس، رغم أنه طالب حماس بتعديل برنامجها وعرضه على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي رفضته وهاجمته، إلا أن أبو مازن سارع إلى الاجتماع بإسماعيل هنية بعد نيل حكومته الثقة من المجلس التشريعي وأتم إجراءات أداء اليمين الدستورية دون وضع عراقيل مادية حقيقية وهذا التصرف أشاع الارتياح والتفاؤل في الشارع الفلسطيني ولا بد أن ذلك أثار سخط الأطراف المحلية والدولية التي تبيت سوء النوايا وتخطط لإفشال حكومة عباس.

إن المرسوم الذي أصدره عباس بوضع المسؤولية العليا عن الإدارة العامة للمعابر والحدود أمنياً ومالياً وإدارياً وتجارياً بمؤسسة الرئاسة، ليس الهدف منه الانتقاص من سلطة مؤسسة الحكومة ورغم أن البعض قد يسعى لإثارة مشكلة بهدف إحداث صراع بين الحكومة والرئاسة إلا أن الحكمة التي يتمتع بها كل من هنية وعباس ستجعلهما ينظران إلى المسألة من الجانب الذي ينفع الناس فالمهم هنا ليس التنافس على ممارسة الصلاحيات بقدر ما هو على تسيير مصالح الناس ونزع الأعذار من يد "إسرائيل" وما يسمى بالمجتمع الدولي المنحاز لإسرائيل والصامت، بل المشارك في فرض الحصار على الفلسطينيين والنيل من خيارهم الديمقراطي الحر بانتخاب حكومة تقودها حماس، فليس هناك ضرر سيلحق سلطة الحكومة ولا ينتقص من دور حماس في هذه المرحلة التي نلقي عليها أعباء كثيرة لا حصر لها في الملفات المتعلقة بالفساد والفلتان الأمني.

لنتذكر معاً أن الرئيس عباس صرح بأن الشأن السياسي من اختصاصه كرئيس للسلطة ومن اختصاص دائرة المفاوضات في منظمة التحرير التي يرأس لجنتها التنفيذية.

ولنكبر في رد رئيس الحكومة إسماعيل هنية حنكته عندما قال إن الرئيس محمود عباس رئيس منتخب ويمكنه التحرك بالاتجاه السياسي والتفاوضي بحرية.

أليس هذا نموذجاً رائعاً على تفاهم للتقاسم الوظيفي بين مؤسستي الرئاسة والحكومة؟ ولكن التقاسم الوظيفي ليس خيار بين أسود وأبيض، وإنما الأمور كلها متداخلة وبالتالي لا يمكن للرئيس عباس مثلاً أن ينفرد بالملف السياسي والتفاوضي ولن تكون حماس غائبة عن هذا الملف وبالمثل يمكن التعامل مع الملفات الأخرى على الصعيدين الداخلي والخارجي ففي بعض الحالات يكون من الأنسب أن تتعامل الحكومة مع ملف الفساد بدعم ومؤازرة من الرئاسة.

أمام التعنت الإسرائيلي ليس لدى حماس ولا عموم الناس خشية من تقاسم المهمات بين حماس وعباس فالموقف الإسرائيلي واضح المعالم والتحالف الحكومي الجديد بزعامة أولمرت لن يقدم أي شيء يمكن التفاوض عليه وبالتالي ليس هناك سوى التعاون والعمل معاً لتصليب الجبهة الداخلية الفلسطينية واستكمال إعادة البناء الديمقراطي لمؤسسات م.ت.ف وإعادة صياغة استراتيجية نضالية لمواجهة الحل الأحادي الذي تقوم بتنفيذه "إسرائيل" فعلياً.

حتى يطمئن الجميع ينبغي أن يكون هناك ميثاق تلتزم به جميع القوى والمؤسسات الفلسطينية بأنه لن يكون هناك شرعية لأي تسوية تفاوضية إلا إذا قبلها الشعب الفلسطيني باستفتاء عام، فمادام المفاوض الفلسطيني سيرجع للشعب فليس هناك مفاوض ما يمكن أن يفرط بأي حق من الحقوق، وليس هناك خشية من حدوث أزمة بين عباس وحماس.

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع