هل تتحرك فتح.. قبل فوات الأوان؟

 

عبد العزيز الملا

صحيفة الشرق القطرية 27/1/2005

 

في حين يتكلم الفلسطينيون عن تفاهمات ومواقف إيجابية تجاه التهدئة والتوافق على قاعدة انطلاق باتجاه هدنة مع العدو فإن شارون «الشريك في عملية السلام والراغب في السلام في نظر بعض الزعماء العرب - للأسف» شارون يرفض حتى الآن ويبدو أنه سيرفض دوماً التعاطي الرسمي مع هذه التهيئة ما دام محمود عباس أبو مازن على استعداد لتقديم تنازلات مجانية، وها هو شارون يجتاح شمال الضفة الغربية - جنين وطولكرم - ويعتقل أنصار حماس ليقرر على الفلسطينيين أن الهدنة - إن تمت فهي متعلقة بغزة فقط ولا تشمل الضفة الغربية.

 

العجيب أن السيد عباس وسلطته يقومون بنشر قوات على نقاط التماس مع المستوطنات وينظفون المنطقة من البيوت التي يمكن أن تعطي المقاومة مجالاً للتحرك والمناورة، وهو نفس العمل الذي تقوم به قوات الاحتلال وفي كل الأحوال المستهدف هو المقاومة وقدرتها واستمرارها والمستهدف المواطن الفقير الذي عليه أن يرى بيته وهو يهدم ويجرف سواء بالجرافات الصهيونية أو الجرافات الأبومازنية.

 

والأعجب من ذلك أن السلطة تبرر ذلك بأنها - أي تلك البيوت - غير شرعية ويبدو أن تبرير غير الشرعية هذا سيطول سلاح المقاومة ولا يستبعد أن يطول تصريحات زعماء الفصائل فكلها في زمن أبو مازن غير شرعية ولكن غير الشرعية هذه لا يطول المستوطنات والرشا والنفعيين الذين يقتاتون على دماء «الغلابة»، ولا تطول المحاسيب الذين أحدهم لا يتقلد منصباً رسمياً ولا حتى غير رسمي ولكنه يتكلم بنعرة المسؤول الأوحد والأعلى أو المخطط الاستراتيجي كدحلان على سبيل المثال.

 

أستغرب كيف تقع السلطة في أخطاء بل خطايا جوهرية واستراتيجية من هذا القبيل وهي التي ما انفكت تنظر للعمل السياسي وتبرر له وتزعم المهنية تجاه الفهم السياسي ثم ها هي الأخطاء الكبرى، وفي المجال السياسي نفسه، ولننظر إلى هذه التراكمية والتركيبة من الأخطاء التي وقعت فيها السلطة حتى الآن: أليس من الخطأ بل الخطيئة أن يقرر عباس إيقاف النار وينشر القوات لذلك قبل ترتيب الأوضاع الداخلية ألا يمكن أن يؤدي ذلك للتصادم الأهلي والوطني الداخلي؟ أو ليس من الأخطاء القبول بفصل الضفة الغربية عن القطاع عملياً وأن يكون المقابل للهدنة والتهدئة هو ما يسمونه بالأجواء الإيجابية، أو ليس من الخطأ بل الخطيئة أن يقبل عباس بفك الارتباط بين المقاومة والعمل السياسي وأن وجود أحدهما لابد أن يكون نقيضاً لوجود الآخر وعلى حسابه وأن تتبنى ذلك السلطة ومثقفوها؟ أو ليس من الخطايا السعي للمفاوضات دون الالتفات لاغتيال الناشطين كما حدث صبيحة يوم العيد وذلك كان بعد نشر القوات الفلسطينية لحماية المستوطنات؟

 

أو ليس من الخطايا التفكير في مواجهة المقاومة ومحاصرة مدها وضرب ثقافتها عبر التصريحات الإعلامية والتنسيق الأمني وبناء الزنازين الجديدة تحت بعض السفارات الفلسطينية لملاحقة مؤيدي حماس في بعض الدول العربية.

 

خلاصة الأمر أن على حركة فتح أن تتحرك وبسرعة فهي اليوم ليست كما الأمس.. هي اليوم محمود عباس ومحمود عباس هو فتح وأوزاره هي أوزارها فهو مرشحها الوحيد والذي اختاره مجلسها الثوري بنسبة 100% تقريباً ووقف سداً منيعاً في وجه مروان البرغوثي من أن ينافسه وهي - أي فتح - التي تحرك نشطاؤها لتمديد الانتخابات ولتنجيح عباس.. وعباس هذا منذ يوم فوزه اعتبر هذا الفوز هدية لعرفات ولفتح وللشبيبة الفتحاوية، بصراحة إن فتح اليوم ليست هي فتح الأمس في علاقاتها بالسلطة والمسؤولية عنها.. فهل تتحرك فتح قبل أن تفقد ما تبقى لها من مصداقية ثورية وقبل فوات الأوان؟

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع