هل نلوم الدكتور الزهار على تصريحاته ؟!
مهيب النواتي-غزة
يوم أمس الأول نقلت وسائل إعلامية خبرا تعلق بتصريحات للدكتور محمود الزهار
عضو المكتب السياسي لحركة حماس والقيادي الأبرز بين قادتها في قطاع عزة,
الدكتور الزهار وفقا للتصريحات التي نسبت إليه قال " أن حركة حماس فقدت
الثقة بالرئيس الفلسطيني بعد أن لم يلتزم بالاتفاقيات التي توصل إليها مع
حماس ", وقد أضيف لهذه التصريحات تصريحات أخرى نسبت أيضا للدكتور الزهار
تفيد انه وجه اتهامات لحركة فتح بأنها " فاسدة ".
للحقيقة راجعت نفسي عدة مرات قبل أن اكتب هذا المقال, لأنني منذ الوهلة
الأولى رغبت في توجيه نقد للدكتور الزهار حول هذه التصريحات لأنها قد تفسر
للحظة على أنها تصريحات قاسية تمكننا من توجيه اللوم إلى الدكتور الزهار في
هذا الوقت العصيب الذي يعيشه الشارع الفلسطيني.
لكنني بعد أن أمعنت ودققت وقارنت بين ما قاله الدكتور الزهار" رغم قساوته "
وفيما نعيش من أوضاع فلسطينية في حقيقة الأمر هي أسوء من أن نصفها بأنها
متردية, تسائلت لماذا ألوم الدكتور الزهار وهو صادق فيما قاله؟!, خاصة
عندما قال" واقترحنا على الرئيس الفلسطيني المرجعية الوطنية الشاملة
للإشراف على الانسحاب الإسرائيلي من القطاع وحددنا فيها مهامها ووافق عليها
ولم يتم تنفيذها".
ثم تسائلت لماذا ألوم الدكتور الزهار لأنه وصف حركة فتح بالفساد ؟!, رغم أن
ما تمر به حركة فتح هو أسوء من الفساد بكثير, اذ أن قادة الحركة من أعضاء
اللجنة المركزية الذي اجتمعوا اجتماعهم التاريخي قبل أيام في العاصمة
الأردنية عمان لم يخرجوا بأي شيء يفيد حركة فتح, اللهم سوى أن لجنتها
المركزية اجتمعت بكامل أعضائها لأول مرة بعد 8 سنوات من انقطاع هذه
الاجتماعات.
وتسائلت أيضا لماذا ألوم الدكتور الزهار على عدم موافقة حركته على قبول
دعوة لجنة فتح المركزية لمشاركتها حكومة وحدة وطنية ؟!, في الوقت الذي
تتناقل فيه وكالات الأنباء والمؤسسات الإعلامية وأقلام الكتاب أن السيد
فاروق القدومي الذي يحمل أعلى مرتبة في حركة فتح وهي " أمين سر اللجنة
المركزية " يرفض قبول منصب نائب الرئيس لأنه لا يريد أن يتحمل أوزار فشل
الرئيس وحكومته.
وتسائلت أيضا لماذا لا يحق أن يوجه الدكتور الزهار اللوم لفتح ؟! وهي التي
باتت غير قادرة " كحزب حاكم " على اتخاذ أي قرار له علاقة بتحمل المسئولية,
ويفضل قادتها الهروب من مواجهة الاستحقاقات الحركية والوطنية والجماهيرية
على أمل أن يمثل لهم هذا الهروب مزيدا من كسب الوقت نحو تحقيق الذات
ومصالحها.
وتسائلت أيضا لماذا ألوم الدكتور الزهار وقاعدة فتح التنظيمية والجماهيرية
منذ فترة وهي تشعر بالأسى على ما آلت إليه أوضاع الحركة وأوضاع السلطة التي
تديرها فتح ويراقبها مجلس تشريعي أغلبيته من فتح.
لماذا ألوم الدكتور الزهار؟! سؤال ترددت كثيرا قبل أن أجيب عليه وأنا أقف
أمام هذا العجز الكبير لسلطة يرأسها عضو لجنة مركزية لفتح ولحكومة يرأسها
عضو لجنة مركزية لفتح و ينوب عنه في منصبه عضو لجنة مركزية آخر لفتح أيضا,
هذه السلطة بحكومتها الغير قادرة على اتخاذ أي قرار قادر على لجم قوى
الخراب التي باتت تشهر السلاح في وجه أي شيء ولمجرد أي شيء.
لماذا ألوم الدكتور الزهار على تصريحاته والمواطن الفلسطيني بات هو الغائب
الوحيد عن ساحة الاهتمام والفعل ؟!, وهو الذي قدم وناضل وضحى من اجل أن
يحلم بلحظة امن باتت مفقودة ومستقبل مفعم بأمل ضاع مع ضياع قدرة قادته على
اتخاذ القرارات الحاسمة.
لماذا ألوم الدكتور الزهار ولا ألوم السلطة والحكومة ؟!, كان هذا هو السؤال
الأكثر أهمية بالنسبة لي قبل أن اكتب سطور هذا المقال. وعلى ما يبدو أن
ذرائعنا التي كنا نقدمها لهذا الخلل الكبير في عمل السلطة والحكومة
ورئاستهما انطلاقا من فهمنا بضرورة إعطاء الفرص على أمل أن تساعد في تحقيق
إنجاز ولو بسيط, لم تعد تنفع مع الوقت الذي يسابق الريح و لم يعد يحمل معه
أية فرصة أخرى سوى للمزيد من الخراب والدمار وفقدان الامن والأمان.
على ما يبدو أننا أصبحنا بجد غير قادرين على أن نجد مبررات للخراب والدمار
اللذان أصبحا يهددان حياتنا في كل وقت, ولم يعد بمقدورنا تجميل الأشياء أو
إيجاد ذرائع لها, كما لم يعد بمقدورنا لوم الدكتور الزهار على تصريحاته.
|