غازي الجبالي!! ثم من؟؟
د.
فايز صلاح أبو شمالة
إن صح الخبر الذي أفاد أن غازي الجبالي مدير الشرطة الفلسطينية
السابق، قد غادر الوطن متوجهاً إلى عمان، فإنه يتوجب على نسوة قطاع غزة أن
يخرجن كاشفات الصدر، حاسرات الرأس، عاريات البدن، حافيات القدم، يصفعن على
وجوههن، ويعفرن التراب على الرجال، ويولولن، يندبن ضياع المجد، وهدر
الكرامة، وغياب الرجاء، ويصرخن:
يا عارنا، يا عارنا، (الجبالي) ساب
ديارنا؛
سالماً، غانماً، منعماً، معززاً، منسقاً، مكرماً، بريئاً،
تقياً، نقياً، منتصراً، فاتحاً، غازياً، مسافراً على وسادة الهناء، شامخاً
كما الضياء، كاشفاً ستر الخباء.
هناك مثل فلسطيني يقول: من يدري، يدري، ومن لا يدري، يقول: كف
عدس!!!
وسبحان الله العظيم، قبل عشر سنوات بالتمام، فقط عشر سنوات، في
اليوم الأول الذي وقفت فيه شخصياً أمام غازي الجبالي، ومددت يدي مصافحاً
جبل الكرمل كما حسبت في حينه، كان من حوله اثنان من نفس المرتبة، أو يزيد،
ارتعش قلبي تعبداً، ورقاً، وحسبت أن في عيني غازي الجبالي يتلألأ صمود
بيروت، وحسبت أن في جبينه يشمخ تل الزعتر، وفي وجنتيه جرح مخيمي صبرا
وشاتيلا، وحسبت أن بين حاجبي جلسائه تعبر جموع الشهداء والجرحى، وتهل من
لحيتهم نوافير الدم الزكي الطاهر، ـ ذلك رغم أنفاس الأرجلية (الشيشة) التي
تعبق في المكان، ينفثها مدير أحد الدوائر الهامة جداً في حينه ـ حسبت أن
هؤلاء الرجال وأمثالهم ملائكة تدب على الأرض، أما نحن الشعب المكافح
الصبور، والأسرى المحررين من غياهب السجن، فإننا فائض إرادة سالت من سواعد
هؤلاء، ومن زند كبريائهم، ومن أكف تضحياتهم، حسبت أن هؤلاء الأفذاذ هم
الذين حملوا الوطن على رؤوسهم، وساروا في الوعر، تتدلى في أعناقهم أحجية
الأمانة التي أبت أن تحملها الأنظمة العربية، فحملها أمثال غازي الجبالي
وساروا، يدمي أخمص أقدامهم السعي في سبيل استرداد الوطن، هؤلاء الذين أعزنا
الله بهم، وخلقتنا لنتعلم منهم العطاء والوفاء، والشموخ، والصمود،
والكبرياء، هذه النخبة الذكية، الوفية، المخلصة الأمنية، الحنونة، النقية،
التي لا تفكر، ولا تحلم، ولا تتمنى إلا فلسطين كاملة، ولا تنتمي إلا
لفلسطين حرة، خالية من دنس الغاصبين، ومن لوثة العملاء!!
سبحان الله العظيم، له حكمةٌ في كل شيء، وله في خلقه شئون،
وعلّم الشاعر ليقول:
والليالي من الزمانِ حُبالى مُثقلاتٌ،
يَلدْنَ كلَّ عجيبةٍ!!
عارياً
إلا من بزته دخل غازي الجبالي أرض غزة، فكيف يا ترى خرج منها؟!!!
ومن الذي سهل له الخروج؟ وهل المبلغ الذي يتردد مقابل ذلك
معقول؟؟؟؟ |