تجويع
غزة...!
أسامة عليان
مدير تحرير صحيفة الحقائق
الحكومة «الإسرائيلية» التي حاصرت مقاطعة أريحا هي
التي تحاصر اليوم قطاع غزة بكامله، والتي اختطفت الرفيق أحمد سعدات
بالأمس أمين عام
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وعدد من المناضلين والقادة الفلسطينيين هي
التي تحاول
اختطاف أمعاء الفلسطينيين في غزة عبر الحصار والتجويع، وكلا الأمرين يحمل
رسالة
واحدة متعددة الأهداف.
الهدف الأول أن السلطة الحقيقية هي للحكومة
الصهيونية بدليل ما حدث ويحدث على مدار الساعة وأما السلطة الاسمية فيمكن
تسمية عدة
عناوين تحت هذه الخانة من أول سلطة محمود عباس إلى سلطة أصحاب الفلتان
الأمني إلى
غير ذلك، والرسالة الثانية أنه لا قيمة لأي اتفاقيات أو معاهدات مثلما لا
قيمة لأي
ضغوط أو طلبات تقدم لها فهي تفعل ما تريد.
الهدف الثاني انتخابي بالكامل فهي تريد أن تحصل لحزب
«كديما»
على أعلى الأصوات عبر رسالة إلى الجمهور الصهيوني تقول نحن من يعمل
لحراسة
أمنكم فهنا اختطفنا من كانوا تهديد دائم - حسب رأيها وما تدعيه - واليوم
نحن نحاصر
أيضا كل غزة ومعها حماس وغير حماس من أجل ذات الهدف ولا يؤثر علينا أي
ضغط آخر وهذا
الدليل أمامكم فالعالم يدعي أنه يريد فك الطوق عن غزة لأسباب إنسانية وقد
رفعنا
الطوق لمرور أربع شاحنات بالعدد.
الهدف الثالث هو طبعا للمواطنين الفلسطينيين بتوجيه
رسالة تقول لا السلطة السابقة منعت اقتحام أريحا ولا السلطة اللاحقة
ستمنع هذا
الحصار وعليكم أن تتعودوا على هذا الأمر ويجب أيضا أن تفهموا أنكم لن
تكونوا لوحدكم
فقريبا سننجز الجدار في الضفة وسيتبع تحت نفس الإجراء سكان الضفة
الفلسطينية ولن
يستطيع شيء أن يمنع ذلك ولكم أن تعرفوا أن عملية ما نقول عنه برسم الحدود
هي اسمية
فقط لأن الحدود هي حدود المكان الذي سنحوطكم به ونعزلكم ولا سيادة من أي
نوع سوى
سيادة الجوع.
هذه أهداف خطيرة وقوية وتم توجيهها دفعة واحدة فماذا
كان الرد؟ لا يتجاوز المناشدات والنداءات وأصبحت قضية الطحين هي القضية
الوطنية
الأولى، صحيح أن هذه الممارسة الصهيونية بشعة ولا إنسانية وغادرة
وخسيسية، ولكن متى
نتوقع من الاحتلال غير ذلك خاصة وإن كان احتلالا صهيونيا عنصريا بغيضا
سجله حافل
بالأعمال السوداء ؟
السؤال هو ما الذي فعلته السلطة الفلسطينية طيلة
العشر سنوات الماضية في وزارات تخطيطها ؟ هل خططت لمثل هذا الاحتمال أم
كانت تخطط
فقط مشاريع وهمية على الورق لسرقة أموال الدعم الأوروبي والدولي؟ وماذا
فعلت وزارة
الزراعة هل أقامت مشاريع زراعية للقمح تحسباً ليوم كهذا ؟ وماذا فعلت
وزارة الطاقة
غير سرقة الشباك والطاقة ؟ هل لو توقفت الحكومة الصهيونية غداً عن السماح
بالكهرباء
والهاتف أيضا هناك بدائل غير النداءات ؟
الشك موجود والجواب من عنوانه يقرأ ، يمكن اعتبار
هذا الوضع اليوم تمرين على الأيام السوداء المقتربة طالما أن أهم ما لدى
السلطة هو
مراعاة شعور الاتفاقيات حتى الجوع أو حتى العطش لا فرق، ليكن في هذا درس
للسلطة
القادمة من حماس لعلها تنجو من الأشواك التي في طريقها وعدد لا بأس به من
هذه
الأشواك من صنع السلطة السابقة وليس فقط في المسارات السياسية بل حتى في
المسارات
الحياتية.
أي حكومة للسلطة قادمة يجب عليها أولا أن تجد حلولاً
حقيقية وفورية لأزمة يومية يعيشها المواطن الفلسطيني وعندما تكون هناك
قاعدة قوية
للمجتمع يمكن بعد ذلك تحمل أي أيام صعبة من أي نوع، لكن أن تكون الجيوب
فارغة
والمخازن منهوبة والأرض بور أو شبه خراب بسبب اللهاث للعمل في مستعمرات
ومصانع
العدو ويقال هناك اختراع اسمه «العالم لن يسمح بهذا» هو مجرد هراء
والدليل تجويع
غزة
|