الصفح والغفران لأبنائنا الزعران أبطال الفوضى والفلتان

د.إبراهيم حمّامي- 2/10/2005

وزارة الداخلية والأمن الوطني - كما تسمي نفسها - بقيادة المناضل الكبير نصر يوسف والإدارة الإعلامية للمناضل الأكبر توفيق أبو خوصة، وبتوجيهات من قيادة سلطة أوسلو المباركة صاحبة الإنتصارات التي لا تعد ولا تحصى، تخصصت في البيانات والبيانات فقط منذ مدة ليست بالقصيرة، ولكن ليس كل البيانات ولجميع المناسبات، بل أصبح لديها تخصص فوق التخصص في توجيه البيانات الصاروخية المباشرة لحركة بعينها، دوناً عن غيرها، تصريحاً لا تلميحاً، وربما بأكثر من صاروخ، عفواً أقصد بيان، في اليوم الواحد، لكيل الإتهامات والتحذيرات والتهديدات، حتى في غياب أي علاقة لتلك الحركة بموضوع البيان!

لست في صدد الدفاع عن زيد ضد عمرو، لكن ورغم محاولتي الشخصية الإبتعاد عن "ولدنات" الداخلية" وبياناتها السخيفة، إلا أنه من الملفت للنظر عدة أمور باتت ملحة بشكل لا يقبل السكوت عنه:

·        لا تترك "الداخلية" حامية حمى الوطن والمواطن، وخط المواجهة الأول ضد الإجتياحات والإعتقالات، لاتترك مناسبة إلا وتؤكد على سيادة القانون، والضرب بيد من حديد ضد من يتعرض للسلطة وهيبتها (..)، وأصدر المناضل نصر يوسف الأمر تلو الأمر في هذا الشأن.

·        قضية الفوضى والفلتان هي الهم الأول للساهرين على راحة المواطنين في "وزارة الداخلية"، وتحظى بالمتابعة الدقيقة واللصيقة.

·        بإحصائية بسيطة وسهلة نجد أن الغالبية العظمى لبيانات الأبطال العظام نصر يوسف وأبو خوصة تتحدث وتتهم حركة واحدة فقط، بينما يحظى الحزب الحاكم وأجنحته المتصارعة صاحبة الرصيد الأكبر من الفلتان والفوضى ببيان يتيم صدر بتاريخ 06/08/2005.

·        وبمراجعة أشد بساطة لبيانات وتصريحات أشاوس الداخلية، نكتشف معادلة أبسط وهي أنه إذا كان الفاعل مجهولاً فالبيان جاهز للنشر خلال دقائق، أما إذا أعلن الفاعل مسؤوليته عن الحادث، مهما كان حجمه، فالداخلية إما أن تشكل لجنة للتحقيق، أو تصدر بيان تنديد، أو تتغاضى عن الموضوع برمته، ولن أخوض في تفاصيل حوادث لا حصر لها أصدرت الداخلية بحقها شهادات وفاة رسمية وتسترت على الفاعلين، لكني سأسرد أمثلة حديثة جديدة، وهذا بعضها:

- بعد مقتل موسى عرفات أصدر المناضل الكبير نصر يوسف بياناً شديد اللهجة، وأعلن حالة الاستنفار لملاحقة الجناة ومعاقبتهم، ورغم ظهرهم جهاراً نهاراً وفي مؤتمرات صحفية مباشرة، لم يحرك سيادته ساكناً، ببساطة لأنهم محسوبون على الحزب الحاكم بل وكما تقول بعض الأقاويل بتحريض وتمويل وتخطيط من مسؤولين على مستوى الوزراء، ولا زال يحقق حتى اللحظة!

-     أصدرت الداخلية الموقرة بياناً بعد أقل من 4 دقائق من جريمة جباليا تعلن فيه تفاصيل الحادثة وتحمل المسؤولية لحركة حماس، دون تحقيق أو تمحيص، متبنية الرواية الإحتلالية بالكامل، وليردد الرئيس المبجل رواية لم يذكرها أو يشاهدها أحد غيره وهي إنقلاب السيارة وإنفجارها، وهو ما رد عليه مؤخراً سائق السيارة المذكورة في صحيفة القدس العربي، ولتلحق البيان بمجموعة متتالية من البيانات وخلال ساعات قليلة ولتنهي التحقيق الذي لم تباشره أصلاً حتى الساعة في نفس اليوم!

-             بالأمس أطلقت مجموعة تابعة لحركة فتح النار على سيارة عزام الأحمد في مدينة طولكرم، وأعلنت مسؤوليتها بشكل لا لبس فيه، وبعد مرور 24 ساعة لم تسمع الداخلية عيننا الساهرة بالحادثة ولم تعلق عليها!

-             وبالأمس أيضاً قامت الشرطة الفلسطينية في مخيم النصيرات بإرعاب المواطنين بإطلاق الرصاص وبشكل غزير إحتفاءاً بتعيين أحد رموز الفلتان والفوضى والزعرنة مسئولا لجهاز المباحث الجنائية في الشرطة لمحافظة الوسطى في قطاع غزة، وهو المدعو إياد كلاب والذي كان مسئولاً عن بعض المجموعات المسلحة التابعة لكتائب شهداء جنين التي يتزعمها (محمود نشبت)، والمتورط ببعض حوادث خطف لمسئولين فلسطينيين أبرزهم العميد محمد البطراوي مسئول المالية العسكرية التابعة للأمن الوطني قبل حوالي عام ، حيث اختطفه لعدة ساعات داخل منزله وسط مخيم النصيرات، ثم أطلق سراحه بعد تدخل عدد من مسئولين في حركة فتح في المنطقة الوسطى، وقبل بضعة شهور قام كلاب أيضاً بإطلاق النار على العقيد جمال كايد مسئول الأمن الوطني في المنطقة الجنوبية، لإجباره على تسجيل 200 من عناصره المسلحين في دورات عسكرية أعلنت عنها السلطة الفلسطينية منتصف العام الحالي.

-             بالأمس أيضاً وبعد إلقاء قنبلة صوتية على علاء حسني "قائد الشرطة" خرج العلاّمة الجهبذ الجاهز دائماً ببياناته وتحليلاته غير المسبوقة توفيق أبو خوصة ليعلن أن إطلاق النار لم يكن عملاً متعمداً، كيف توصل لهذه النتيجة دون تحقيق، وكيف توصل أيضاً لتفاصيل جريمة جباليا في دقائق، أمر في علم الغيب.

-             اليوم سجلت خان يونس حادثة جديدة أبطالها عناصر من زعران الأمن الوقائي وبتواجد مئات الشهود الذين ذكروا أن مسلحين مروا من المكان بسياراتهم و طلبوا من السائقين فتح الطريق ، معلنين أنهم من كتائب الأقصى و أشهروا سلاحهم.
و أضاف الشهود أن مشادات كلامية وقعت بين الشبان قام على أثرها أحد المسلحين بإطلاق النار مما أدى إلى إصابة ثلاثة مواطنين بالرصاص أحدهما جراحه خطيرة وهو ياسر عطية بركة -36 عاما - نقل على أثرها إلى المستشفى ثم أعلن عن وفاته ، فيما لا زال كلا من نسيم قديح 25 عاماً و عاطف أبو عنزة 33 عاما يتلقون العلاج، فماذا كان رد الداخلية؟ خبر مقتضب يعتبر أن الحادث تم من قبل مجهولين!

 

·        وفي محاولة من الداخلية للتستر والتعتيم على جرائم عناصرها التي سجلتها عدسات التصوير وأقلام الصحافيين، أصدرت تعميمات قمعية لمنع تغطية جرائم "الداخلية"، ويكشف أحد هذه البيانات وهو الصادر بتاريخ 29/07/2005 هذه الحقيقة بغباء من صاغه ليقول:

·         

إعلان للصحفيين ووسائل الإعلام

انطلاقًا من الحرص على المصلحة العامة والتزامًا بالمسؤولية المهنية والوطنية، نود الإفادة لكافة وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، أنه يحظر نهائيًا نشر أي أخبار مقروءة أو مسموعة أو مرئية تخص قوات الأمن والشرطة الفلسطينية، دون إبلاغ مكتب الإعلام في وزارة الداخلية والأمن الوطني.

ويأتي هذا القرار بعد تكرار نشر أنباء وصور مغرضة تمس بالأمن القومي والمصلحة الوطنية العليا، وكذلك وفقاً للمادة (37) من قانون المطبوعات والنشر الفلسطينية الصادر عام 1995م.

ترى من أين جاءت تلك الصور "المغرضة"؟ لكن هذا لم يكن التعميم الوحيد في محاولة ستر المفضوح فقبله كان التعميم الصادر بتاريخ 02/07/2005 والذي فشل في تحقيق المطلوب فأصبحت تغطية أخبار زعرنات الداخلية جريمة تحت طائلة المسؤولية، يقول التعميم:

تعميم عام

وزارة الداخلية و الأمن الوطني تُطالب وسائل الإعلام المختلفة ومُراسليها في فلسطين، عدم تصوير وجوه مُنتسبي وأفراد الأمن الفلسطيني (فوتوغراف + تلفزيون)، أثناء قيامهم بتنفيذ أنشطتهم الخاصة، دون الحصول على إذن مُسبق تحت طائلة المسؤولية.

·        لم تكتف الوزارة الموقرة بقيادة مناضليها بذلك، بل حاولت جاهدة التخفيف من ممارسات أجهزتها وأجنحة الحزب الحاكم الذي تمثله، فأصدرت إعلاناً بتاريخ 29/06/2005 يثير الغرابة، تحاول فيه دفن رأسها وممارساتها في الرمال ليقول الإعلان: 

إعـــــلان هام

انطلاقا من المسؤولية الوطنية وأهمية استخدام المصطلحات والمفردات اللغوية وتأثيرها في الخطاب الإعلامي نوجه الجميع إلى عدم استخدام المصطلحات التالية:

الانفلات الأمني

الفلتان الأمني

 فوضي السلاح

نظراً لما تحمله من مدلولات سياسية تسئ إلى صورة شعبنا ونضاله العادل وتشكك في قدرة وأهلية وشرعية السلطة الوطنية الفلسطينية وبدلاً من ذلك التركيز على المعالجات الإعلامية على المصطلحات القانونية لما يجرى على الأرض ( مخالفة القانون- تجاوزات القانون-الاعتداءات والتعديات على الحق العام-الإخلال بالنظام العام.. الخ).

شاكرين للجميع تحمل مسؤولياته والالتزام  بكل ما يخدم المصلحة الوطنية.

هذه هي سياسةالداخلية الساهرة على راحتنا ليل نهار: الصفح والغفران لأبنائنا الزعران أبطال الفوضى والفلتان، أما إذا كان الأمر خارج نطاق أبنائنا وأبطالنا فسياستنا هي الويل والثبور وعظائم الأمور، أما ما يتعلق بالإحتلال وممارساته من إعتقال واجتياح وتدمير وقتل وتشريد وتهديد وغيرها، فهذا ليس من اختصاص الداخلية والأمن الوطني، وإن كان الأمر جد خطير فلا بأس ببيان تنديد وشجب واستنكار، مع التأكيد أن ما يحدث ليس جريمة بل استفزاز وعمل غير مبرر من قبل الإحتلال، في ضوء جهودنا الجبارة في حفظ أمنه، وهذا ما أعلنه المناضل الكبير نصر يوسف يوم 30/09/2005 قائلاً: ان عمليات القتل التي تجري في الضفة الغربية لا مبرر لها وهي شيء مستنكر بهذه الطريقة وخاصة إننا نحن في المؤسسة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة نعمل بشكل جيد وان الأمن الإسرائيلي الآن أصبح وضعه حسن وليس سيئا ما في هناك أية أعمال عسكرية حصلت ضدهم في الضفة".

عجبي!!

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع