التلوث الغذائي وخطر الموت يا سلطتنا الفلسطينية

( باطن الفساد أشد من ظاهره )

بقلم الكاتب أ /نور حسن محمد أبو عاصي

تتغيب الرقابة الصحية عن مصانع المواد الغذائية في قطاع غزة تغيبا يعبر عن نهج مدروس ومخطط ويبدو أنه تم تعميم هذا النهج المدمر القاتل على جميع مؤسسات ومرافق السلطة الفلسطينية خاصة الوزارات فيها مثل وزارة الصحة ووزارة التعليم وغير ذلك من الأشكال الورقية .

إن تغيب الرقابة الصحية عن إنتاجنا الوطني خاصة الغذائي  منه بشكل خاص يدق ناقوس الخطر المدمر والذي لا يرحم أحدا ولا يقل خطورة عن باقي أنواع وأساليب نهج الفساد القائم كما يضرب إنتاجنا الوطني الذي طالما كان حلما وهدفا عمل الشرفاء على تحقيقه حتى لا نظل وللأبد تبعا  ومستهلكين للاقتصاد الإسرائيلي على اعتبار أن الإنتاج الوطني الفلسطيني من العوامل الهامة والضرورية للنمو والبناء والرفاهية والاستقرار

إن تغيب الرقابة الصحية على إنتاجنا الغذائي الوطني يهدف إلى ضرب ثقة المواطن بالإنتاج الوطني في الوقت الذي تزداد فيه حاجة المواطن لتوفير الأمن الصحي والغذائي أكثر من غيرها من الحاجات الضرورية الأخرى لأن الأمر يتعلق بصحته وأبنائه فمنتوجات ألبان ومشروبات وأطعمة متنوعة ومعلبات وغيرها تنتشر في الأسواق على مسمع ومرآى من أصحاب القرار في السلطة الفلسطينية لا مراقبة ولا متابعة ولا ما يحزنون فلماذا ؟ ومن المستفيد من ذلك ؟

أليس ذلك جزءا من الفساد المستشري في جسم السلطة الفلسطينية ولكن لم يتم فضحه والكشف عنه ؟ أليس هذا الفساد أعظم من فساد سرقة الأموال وتهريبها ؟ وأعظم من قضية أسمنت السور الواقي الذي تم تزويد الإسرائيليين به لبناء ما يسمى بالسور الواقي أو الآمن وأعظم من قضية سيارات الهونداي وسرقة مقدرات هذا الشعب الذي ائتمن رجالات سلطة أوسلو على قضيته ومصيره وغيرها من قضايا الفساد والإفساد (على الرغم من خطورة هذه القضايا ) ؟

إن باطن الفساد أخطر بكثير من ظاهره وهو يدب بأقدامه في كل موقع ولا يستثني موقعا ولا يرحم أحدا ولا أدل على ذلك مما يحدث في مستشفياتنا حيث سرقة الدواء غالي الثمن وتوزيعه على الزبائن المحسوبين وانتشار الحشرات الضارة في غرف المرضى في المستشفيات وغياب النظافة الحقيقية وسوء معاملة المرضى وقلة الاهتمام بهم والضعف المهني عند أطبائنا وغير ذلك كثير ....... 

ومما يدل على باطن الفساد أيضا ما يحدث في وزارة التربية والتعليم حيث التسرب المتزايد وبدون أن يكلف المسئولون أنفسهم عناء التحقيق فيه أو متابعة الطلبة المتسربين  و من ثم تنامي أعداد جيش الأمية على الرغم من محاولات مكافحتها ونسب التحصيل المتدنية لدى طلابنا وطالباتنا والضعف البارز عندهم وغياب الثقافة عند الكثير من المعلمين  وكذب التقارير المرتفعة عن سير العملية التربوية والتعليمية من مدارسنا ومدرائنا إلى المسئولين في وزارة التربية والتعليم ووضع الشخص الغير مناسب في المكان المناسب وغياب التربية في مدارسنا بجميع مضامينها ومفاهيمها وانتشار ظاهرة العنف بين الطلاب وغير ذلك كثير ولعله ومن الضروري أن تكون لنا وقفات خاصة مع وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة في مكان آخر .

ألا يعني ذلك كله فسادا باطنيا يستشري ببطء ويفتك بأبنائنا وبشعبنا ؟

إننا نقاوم  القتل والحصار والتدمير والإغلاق والفقر والقهر ولكن ما ذنب أطفالنا وشبابنا وشيوخنا وطلابنا وطالباتنا وقد وقع عليهم الضرر على أيدي أصحاب القرار في سلطتنا الوطنية ؟  الإجابة واضحة !!!

أليس هو ذلك النهج المخطط المدروس جيدا والذي يهدف إلى ضرب مقومات وعوامل صمود المواطن الفلسطيني على أرضه ؟ أم يتعدى الأمر إلى أكثر من ذلك بكثير ؟

ففي منطقة النواصي بخان يونس تتم سرقة ملايين من أكواب الرمال الصفراء والني تعتبر عند خبراء البيئة ثروة عظمى كما يتم سرقة المياه الجوفية العذبة والمواطنون الفلسطينيون يشربون مياه ملوثة لا تصلح للشرب و حول الإسرائيليون المنطقة إلى مكبا  لنفاياتهم المشعة السامة لنواجه بذلك كله كارثة بيئية الله أعلم بنتائجها .

غذاؤنا ملوث والكثير من مزروعاتنا يتم تنشيط وتسريع نموها بمواد كيماوية ضارة بالصحة من أجل التسريع بقطفها وبيعها

أيها السادة ليس الموضوع لمجرد التسلية أو القراءة ولا للمتعة أو كسر الوقت ولا لمخاطبة العواطف أو إثارتها اسأل نفسك لتبحث عن الحلول أذا كانت هذه الأمور تهمك وتؤرق مضجعك  وليس لكي تقرأ فقط : هل إلى هذه الدرجة أصبحت حياة الفلسطيني رخيصة وأصبح الفلسطيني لا قيمة له ؟

أيها الشرفاء من أبناء هذا الوطن الذبيح أيها الأوفياء لدماء الشهداء أيها المخلصون الغيورون لأن نضيء شمعة واحدة خير من أن نلعن الظلام ألف مرة

 

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع