في مصير «فتح» ، إني أتهم ..!

قراءات متعددة

أيمن  اللبدي

في النتيجة المتوقعة والمتنبَّأ بأسوأ منها سلفاً والتي تحققت وحصلت عليها حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» مؤخراً وعبر صندوق الاقتراع في «الإنتخابات الاشتراعية الفلسطينية» لمجلسها التشريعي الثاني والتي جرت يوم 25 يناير العام 2006 ثمة مؤشرات عديدة ودروس واسعة بلا ريب، وثمة اختلاف بيِّن في نوعية قراءة المشهد ومنهجية التعاطي معه دون شكٍّ في هذا، وبغض النَّظر عن رؤيتنا لكل ما يتعلَّق بهذا العنوان العريض والتي سنضعها جانباً في هذه المطالعة من حيث الموقف من القيمة والموقف من مجمل الهيكل العام للتجربة التي تنتمي إليها هذه الجزئية، فإن ثمة استخلاص لافت حققته هذه النتيجة كامنة في تطابق التنبوء بالمتنبأ به على نحو مدهش يؤدي إلى الفزع الشديد عندنا سيَّما وأن هذا المتحصَّل هو الفصل الأول من المسرحية التي يجري تنفيذها دون انحرافٍ ما عن السياق!

البعض ذهبَ إلى توصيفات اشتقاقية عديدة لهذا الحدث ولن تقف هذه اليوم عند سيل التوالي النشط  لفترة من الوقت وأحسبها فترة لن تكون قريبة على أيٍّ حال، فالأوصاف الكارثية والصدماتية والتسونامية والزلزالية وما يتوالى حولها لن تكون هي آخر الأوصاف ولا آخر المداخل لقراءة المشهد والتعاطي معه وفق هذا المبعث الخاص في النظر، وهذه النظرة في القراءة هي نظرة انعكاسية مباشرة تقرأ الوضع برمته من خلال المؤشر الظاهر على مسرح الحدث، وهي إذ تنشط في تتبُّع هذا المؤشر ستجد نفسها منفتحة في التعاطي مع قائمة واسعة وأرض خصبة من القرائن التي ستستخدمها للتعليل أولا بأسباب هذه التي تراها على هذا النحو من التراجيديا الحاصلة فعلاً ومن ثمَّ ربما أدلت بما لديها حول عناصر المسئولية فيه وقد تضع في حسبانها الوصول إلى نمط من التوصيات بالمعالجة .

أيضاً كما هو الحال في الذهاب إلى توصيفات الهزيمة فإننا نتوقع أيضا ولادة توصيفات أخرى تناقضها تماماً وتستولد المأمول المتمنًّى في حنايا الكتلة المشهدية والبناء على أساس الدروس والعبر الدافعة أو التي يجب أن تنهض إلى الدفع من أجل التغيير والإصلاح أيضاً وبالتالي العمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهذه الرؤى ستعتمد على العناصر الكامنة في صرف مسؤوليات الحادث الواقع إلى ما تراهُ أهلاً بلبوس هذه الصفة وهي ستكون حرّةً تماماً في اختيار العنوان من أوّل المراجعة التاريخية إلى القراءة الحدسية الميدانية وستكون ثمة عناصر جذب في هذه الحكاية من نمط ما تحققه سطوة بعضها في هذا الشأن كلٌّ بحسب أولوية ومعيارية الموقع الذي ينطق عنه، فالأصيل منها سينظر إلى موقع الطارئ ويجده هناك في موقع المتهم والقاتل سيحاول المبادرة باتهام الضحية للمراوغة وركوب موجة الغبار.

غيرَ هذين المدخلين سنجد تميّزاً واستثناءً قليلاً من عدد أحسبه سيكون محدوداً تماماً وقد شاركنا بعضاً من هذا التنبُّوء مبكِّراً، هذا الخاص سيجد طريقه إلى الميدان من بعض استراتيجيي النظر إلى المشهد وتحليل مكوناته وأبعاد المآلات الملقاة في طريق تجسيد هذه المعطيات وكيفية توظيفها لخدمة المشروع الكامل في توليد المشاهد المتسلسلة وصولاً إلى مشهد النهاية الموضوع بعناية في خلفية الانتقالات بين إخراج المشاهد البينية، لعلي على يقين بأن هؤلاء سيكونون مثلنا اليوم فزعين تماماً من المشهد التالي المتوقع أكثر دموية وسوداوية بدأت بعض ملامح تجهيزه بالتشكُّل اليوم بالذات.

موت المخرج أم ظهور البطل ؟

هل نقول بأنَّ هناك مخرج محترف يمارس الغواية وأنه لا مهربَ من الفصل الأخير ؟

لا قطعاً ولا يمكن لنا أن نذهب إلى هذه الاستلابية ولكنّا نصرُّ في ذات الوقت أن عربة فلسطين المنطلقة بأقصى سرعتها اليوم نحو المشهد التالي والذي نعرفه تماماً لا يمكن لها أن تغيِّر النتيجة إلا إن حدث أحد أمرين لا ثالثَ لهما: معجزة ما تضمن موتَ المخرج أو حكمة ما تضمن وصول البطل المؤجّل في الحكاية وغير ذلك فإنَّ الفصل القادم الذي يجري التحضير له وبعيداً عن التردُّد هو أحد سيناريوهين اثنين أيضا لا ثالثَ لهما: إما الحرب الأهلية الفلسطينية أو انهيار آخر ملامح الثورة الفلسطينية الثانية كما عُرفت عبر العقود الأربعة وشطب مرحلتها دون مراء.

سبق وأن أشرنا وفي أوَّل قراءة عاجلة للمشهد الفلسطيني بعامة وللمشهد الفتحاوي عقب رحيل أبي عمار إلى ضرورة التفكيك بعد رحيل ياسر عرفات وأهمية ذلك لتشكيل حماية خاصة للمشهد وللتجربة وللحصيلة الكفاحية التي كانت متوفِّرة حتى تاريخه،ولكن يبدو أنَّ هذه النصيحة لم تُؤخذ على محمل الجدِّ لا من القيادة المؤثرة ولا من الأجهزة المتحفِّزة، وربما أنَّ دينامية الموقف آنها كانت قد غطّت بثقلها على الحكمة في ضرورة إيجاد الإجابة الشافية للسؤال وليست فقط أول الإجابات الممكنة والتي بدت حاملة درجة من درجات الرجحانية والمعقولية في غير كلِّ كوامن المتحفِّزات السالبة التي توافق أهل اتخاذ هذا القرار يومها مجاملة ربَّما باستبعاد مكامين خطورتها.

اليوم فإنَّ التفكيك ذاته لن يصلُح مباشرة دونَ دعائم حقيقية تدعم هيكله الذي كان مطروحاً يومها عليه، فمجرَّد تحويل الوضع في الأراضي المحتلة إلى نطاق خدماتي والعودة إلى منظمة التحرير يعني أنه سيترجم مباشرة إلى انقضاض على قيمة الجائزة التي حصلت عليها حماس وليسَ أكثر من ذلك، وبالتالي فهي ستصبح وصفة لسيناريو الحرب الأهلية، إذن لا بدَّ من دعائم تكفل أن يتم التفكيك من حيث النقطة التي وصلت عندها النتيجة وليس من حيث نقطة ما قبلها، كيف يتم ذلك ثمة اقتراحات تنهض على أساس العنوان العريض الذي تقبل به حماس اليوم وتطلبه كما جاء على لسان قادتها وفي مقدمتهم القائد النابه إسماعيل هنية، وهكذا يمكن أن نضمن مدخلاً صائباً لهذه الحكاية الإستراتيجية في وضع عام يمثله برنامج وطني جديد.

هذا البرنامج الوطني العام هو البطل المنتظر لإنقاذ ليس «فتح» نفسها ولكن العربة الفلسطينية العامة من مأساة المسرحية وفصلها الأخير، مثل هذا الاستخلاص لا يقلِّل من أهمية طرف ما مثل حماس ولا ما تعنيه حماس أو حتى اليسار الفلسطيني أو القوى الأخرى التي رفضت الدخول في الانتخابات مثل الجهاد الإسلامي في العربة المنفلتة ، ولكن هو في واقع الأمر يأخذ الجانب الآخر المواجه من هذه المعادلة بما يعنيه غيّاب الدور أو تغييبه قسراً لسببٍ أو لآخر والذي طالما كان فاعلاً في مسار القضية الفلسطينية والذي أخذت «فتح» بحق على عاتقها القيام به طيلة الفترة الماضية، وعليه فإنَّ هذا البطل يغدو ليسَ فقط حلاً لما قد يصطلح عليه البعض بأزمة «فتح» أو «أزمة حماس» أو أزمة «فلسطينية «وإنما هو حلٌّ ضروري لمجمل المعادلات المرتبطة بالمشهد الفلسطيني والمنفكّة عنه أيضاً.

أصابع «فتح التخريب»

في منتصف المسافة وبالحديث عن فتح ذاتها فإنَّ مسيلماتها الكذّابين الكثر والذين خرجوا من رحم ما أطلقنا عليها سابقا «فتح التجريب» والذين دخلوا الآن مرحلة التحوّل فعلاً إلى صيغة «فتح التخريب» كما توقّعناها تماماً، هؤلاء قد بدأوا مباشرة في تداول عملات المشهد الثاني عبر ثلاثة من أخطر ما صدر حتى الساعة وهي في هذا التحديد والحصر:

الأول: الأصوات التي طالبت باستقالة اللجنة المركزية مباشرة ووجّهت قولاً وفعلاً مطالبتها على النحو الذي يذكّر بانقلابياتها السابقة وحكاية تهديداتها السرية والعلنية والمؤامرات الوسيطة في ثنايا المشهد الأول الذي انتهى لتوّه بالنتيجة السالفة، وافتراضها أن ما يعنيه الفساد هذه القيادة في مبادأتها الادعائية هذه بالنفيِ عن نفسها ما هي قائمة أصلاً عليه، أو الأصوات التي طالبت باستقالة رئيس السلطة الفلسطينية مباشرة وكموقف دونَ حصانات ما بعدَها.

الثاني: الأصوات التي تدافعت للحديث عن بدعة مضحكة وخبيثة على النحو الذي تقود إليه عبر ما سميَ «بالمعارضة الموالية» أو الإيجابية وعدم الاشتراك مع حماس في تشكيل حكومة للسلطة الفلسطينية، وهذه الأصوات التي خرجت بذلك ليست كلُّها على محمل الانتماء لقبيلة «فتح التخريب»، بل من المضحك ان بعض أقطاب ووجوه «فتح التجريب» تقول بذلكَ دون وعيٍ منها لخطورة هذا الموقف ودون أن تدري أنه يصبُّ في بيدر آخر ما تريدهُ منها عناصر التخريب للقيام بدورين: الأول التغطية على جريمة عناصر التخريب من خلال الإبقاء على كثافة مشاهدة لما تلا الحدث بعيداً في المسرح عنها حتى تكون جاهزة للانقضاض حيث ستنقضُّ أولاُ على أصحاب هذه الأصوات من بقايا «فتح التجريب» ،والثاني توفير مزيد من الغبار في الساحة من أجل إعاقة الاعتراف بدورها في هذه النتيجة المباشرة التي حصدتها بنفسها حتى بعد ذوبان الجليد الذي كان قد غطّى الأرض السابق المرور عليها والرقص فوقها!

الثالث: في الأصوات التي طالبت ودفعت رئيس السلطة الوطنية السيد محمود عباس إلى صياغة خطابه عقب نتائج الانتخابات على هذا النحو والمتكوّنة من أصابع التخريب والمتحالفة معها من غير «فتح» والتي درجت على إنزال نفسها وتوصيف وضعها ضمن صيغة المجموع معه والذي يمكن إجماله في هذه المفاصل الأساسية:

أولا: رسالة إلى من يهمه الأمر أنَّ هناك تفويضين الآن في الساحة الفلسطينية في الأرض المحتلة واحدهما حصل عليه عباس نفسه من ذلك الجزء من الشعب الفلسطيني في الداخل والذي كما يراهُ قائم على أساس سقف أوسلو وما يتبعها بكلٍّ ما فيها وما انتهت قاطرته إليه من خارطة الطريق والبرنامج الرئاسي بما يشتمل عليه، والثاني ذلكَ الذي حصلت عليه حماس نفسها من ذات المفوِّض على أساس تراهُ حماس مناقضاَ في مفاصله الكبرى ومعانيه لهذا الأول وتعد بالحوار من حول هذا التناقض.

ثانياً: أن عباس سينزل عند شروط ما يسمونه «باللعبة الديموقراطية» وينصاع إلى رغبة الجمهور الذي أعطى التفويضين الذين يبدوان متناقضين بدعوة حماس إلى تشكيل الحكومة حيث سبق أن قبل استقالة رئيس حكومته المتوقع على أيِّ حال قيامه بذلك ولكنّه يذكّر أن هذه الحكومة ستعمل وفق تفويضه هو لا تفويضها هي الأخير، أي باتجاه المفاوضات واتجاه التعاطي مع مشتقات وطفرات الأسلوة وما بعدها وصورة خارطة الطريق الأخيرة منها وما يعنيه ذلك من نشوء الصدام حتى قبل أن تبدأ الحركة بين عناصره.

طبعاً جملة ما تقوله أصابع «فتح التخريب»، آه حسناً أنتم أردتم الحكم إليكموه وسنعمل جاهدين على إفشالكم وأنت أيتها القيادة الفتحاوية مسؤولة عن النتيجة فانصرفي ودعي لنا التعامل مع هذه الحماس !!

الطريق إلى المخرج

في الطريق لاستدعاء البطل وتكوين فكرة أولية عن السبيل لذلك يجدر ملاحظة أن «فتح» تلعب دوراً مركزياً في وصول هذا البطل، وقطعاً «فتح» التي تخلَّصت من أصابع التخريب وعملت على إجبار عناصر «التجريب» بالنزول عن أحصنتهم الميتة الآن وليسَ غداً حيث هم في حقيقة الأمر قد فقدوا كلَّ مبررات المعاندة التي لاطائل منها الآن.

لكن من الضروري أن يكون مشهد نزولهم عن هذه الأحصنة مشهداً كريماً وغيرَ مهين فهم على أيِّ حال لا زالوا في رحم هذه الحركة وفي هذا الإطار على الجميع يدرك فتحاوياً الآن أن الشرعية الوحيدة هي في مكانين اثنين لا ثالث لهما :

الأول: مكتب التعبئة والتنظيم لحركة فتح والذي يمثله عضو اللجنة المركزية للحركة السيد محمد غنيم في تونس.

الثاني: أمين سر حركة فتح السيد فاروق القدومي والرئيس أو القائد العام غير المثبّت بعد ُ رسمياً والمتعاطى معهُ على أساس هذه الصفة منذ الآن.

ولذا فإن صيغة استقالة اللجنة المركزية لو كانت مثلاً هي نقطة البداية ضمن الترتيبات الإنقاذية فليكن ذلك ليسَ منفرداً ولكن مع استقالة وحل كافة الأطر الأخرى حركية ومرجعية ومجلس ثوري وغيره على غير محمل ما تريدهُ أصابع التخريب من حيث موقع الاتهام بالمسئولية تمهيداً لفسح المجال أمامها هيَ، بل من حيث موقع الوصول إلى بداية تقودها لجنة الشرعية الفتحاوية بحيث يقوم عضوا هذه الشرعية بتشكيل «لجنة حكماء فتحاوية» تتكون منهما ومن عضوي اللجنة المركزية في الخارج إضافة إلى ما يرتأيانه من الكوادر الفتحاوية النقية.

تعمل هذه اللجنة على مراجعة ثلاثة ملفات أساسية فوراً بعد أن تعلن تجميد جميع عناصر التخريب دفعة واحدة لحين المراجعة تحت طائلة المسئولية في الإضرار بهذه الحركة ووفقاً للائحة الداخلية الفتحاوية نفسها، ومن الضروري تسمية هذه الأصابع باسمها دون تحفُّظ ولا مواربة.

الملف الأول: ملف العضوية الفتحاوية كاملاً غير منقوص ولا مرحّل إلى أية مراحل لاحقة .

الملف الثاني: ملف المؤتمر العام الحركي وفي أسرع وقت طالما الأدبيات منجزة وبقية المواد بحسب ما تم تأكيده مراراً.

الملف الثالث: ملف العلاقة مع منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة والفصائل وتحديداً حماس.

إن إعادة صياغة العنوان القيادي فوراً لحركة «فتح» سيسدُّ الطريق على محاولات مبكِّرة لتنفيذ بعض مشاهد التخريب وترحيل تبعاتها إلى مجمل الحركة بحيث تزداد الأمور تعقيداً في وجه المخرج الوحيد الممكن حالياً.

وميثاق شرف بين فصائل منظمة التحرير الفلسطينية للتعاطي مع الفصل بين هذين التفويضين القائمين حالياً على أساس توافقي لا تعارضي وتمكين حركة حماس من تشكيل حكومة سلطة فلسطينية مع «فتح» وبقية الفصائل تمثل إجماعاً وطنياً يضطلع بالمهمات الخدمية فقط، وإسناد بقية المواد إلى إما حكومة منفى أو حكومة خيار وطني تنبثق عن منظمة التحرير الفلسطينية وفق برنامج يتم الوصول إليه.

حاضنة شبكة الأمان

كانت منظمة التحرير الفلسطينية دوما وخلال كلِّ منعطفات القضية الفلسطينية وعلى امتداد فصول عمل الثورة الفلسطينية الثانية هي حاضنة شبكة الأمان الفلسطينية حتى جرى تعطيل هذه الشبكة على أساس طوارئ التجربة الجديدة وبيد «فتح» وقائدها الراحل ياسر عرفات وعدم قدرة فصائل العمل الفلسطيني الأخرى على فرض إرادة مغايرة من جهة واستنكاف القوى الإسلامية الوليدة عن اللحاق بركب منظمة التحرير ووضع الشروط أمام ذلك بما أتاح انفراد الرئيس عرفات في هذه المنظمة وإملاء رؤيته الخاصة حتى حين.

لكنَّ هذا التوقف في فاعلية المنظمة والذي تُرجم عملياً في تهميش دورها في الرئة الأخرى التي عطّلت التنفس الفلسطيني أي في الشتات رغبة في إعطاء كلِّ الثقل للتجربة قد أدى ليس فقط إلى ضرر مباشر لها بل إلى ضرر آخر للرئة التي دخلت للأرض الفلسطينية المحتلة حيث بدت اليوم مشلولةً عن التنفس لا للداخل ولا للخارج.

منظمة التحرير الفلسطينية بالوضع القائم حالياً هي عاجزة تماماً ولجنتها التنفيذية التي رأسها رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس فاقدة للشرعية في كلِّ قراراتها منذ فقدت نصابها القانوني، وعليه فإن عقد دورة جديدة للمجلس المركزي تقوم بتنفيذ خطة تعيد فيها أولاً ترميم هذه اللجنة من جديد وتضطلع بمهمة انتخاب الجزء الثاني من نصاب المجلس الوطني الفلسطيني هي أكثر من ملحة.

اللجنة الجديدة المرمّمة لمنظمة التحرير الفلسطينية يمكن أن تكون لجنة إنقاذ وطني وطوارئ فلسطينية قائمة على أساس أخذ الاعتبارات التي أفرزتها الأوضاع الحالية بانضمام حماس والجهاد والقوى كلُّها على أساس قاعدة البرنامج الوطني الفلسطيني الذي قامت عليه منظمة التحرير الفلسطينية وليس على أسس طارئة يحلو لوجوه الأسلوة وما بعدها وخاصة أولئك الطارئين برفعها في وجوه حماس من نمط الاتفاقيات والتفاهمات وخارطة هذا ورؤية ذاك.

هذه اللجنة الجديدة يمكنها أن تضمن عمل حكومة السلطة بتناغم تام مع الإعداد للمرحلة التالية التي قد تفرز حكومة موازية تنبثق عن منظمة التحرير الفلسطينية التي هي فقط المرجعية الشرعية والقانونية للقضية الفلسطينية وليس أية عناوين أخرى.

إن انعقاد دورة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني على أسس مشاركة سياسية جديدة سيكون فاتحة لإعادة الأمور إلى نصابها في المشهد الفلسطيني بحيث تستطيع هذه الدورة التعاطي مع مجمل ما خلّفته التجربة السابقة واجتراح الآفاق الجديدة لحركة المشهد السياسي والاجتماعي الفلسطيني من أجل ضمان فاعلية ما أنجزنه الثورة الفلسطينية الثانية حتى ما قبل مشاهد الانحدار الأخيرة.

ولا شكَّ في أنَّ دورة مجلس وطني فلسطيني قائمة على برنامج وطني فلسطيني جديد يحظى باتفاق من جميع قوى العمل الكفاحي الفلسطيني بما أفرزته الانتخابات المحلية وبما ستفرزه انتخابات الشتات سيكون قادراً ليس فقط على حلِّ اشكاليات مرحلية من نوع التعارضات القائمة، بل وعلى رسم مسارات إنقاذ وطنية عامة تأخذ في الحسبان طبيعة المرحلة القادمة بحيث تفوّت الفرصة على الفراغ الاستراتيجي القاتل حالياً في الوضع الفلسطيني.

بناء على ما تقدم فإن هذه المطالعة تجد نفسها في واقع اتهام محدَّد سلفاً وسبقت الإشارة إليه في معرض هذه التنبؤات أصلاً وهي مسئولية أصابع فتح التخريب في المصير الذي وصلت إليه وما يمكن أن تتبع لاحقاً في حلقة الرقص على دماء «فتح»

نتمنى فعلاً أن يكون في ما تقدّم إمكانية تشكيل خطوة واقعية للإجابة على متطلبات الخروج من هذه الدوّامة القاتلة وحتى لا يصدق تنبؤنا بالمشهد القادم لا سمح الله، فهل يستجيب اليوم لهذا التمني رشيد؟!

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع