نضال حمد

كاتب فلسطيني يقيم في العاصمة النرويجية "أوسلو "hamadnidal@hotmail.com

http://home.chello.no/~hnidalm

  8/15/2003                                                                                                                                             

فتاوى نبيل شعث الجديدة

 

قبل أيام قال الوزير نبيل شعث أنه في وزملائه في حكومة أبو مازن وسلطة أوسلو، يطالبون الإسرائيليين خلال لقاءا تهم الرسمية والخاصة، بالسماح لهم بإطلاق سراح احمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية من سجن أريحا. وهذا السجن الفلسطيني الذي ورثته السلطة عن الاحتلال، وكان الاحتلال ورثه عن الحكم الأردني،والحكم الأردني عن الانتداب الإنكليزي، وقد  يكون الأخير ورثه عن العثماني والله أعلم..

 هو سجن أريحا الشهير، حيث يسجن المناضل أحمد سعدات ورفاقه الذين نفذوا حكم الشعب بالمجرم الصهيوني زئيفي،و يتم الأشراف عليه  أمريكا وبريطانيا،للتأكد من سجن هؤلاء المناضلين الفلسطينيين. ولا يخجل السيد الوزير من اعترافاته هذه،بل الذي يزيد الطين بلة كما يقول المثل الشعبي الفلسطيني،أن الوزير وزملائه من وزراء السلطة،يرفعون صوتهم ويعلو هذا الصوت حين يتعلق الأمر بتهديد القوى الفلسطينية المقاومة،لكنهم يصمتون حين يقوم شارون وأركان حكمه بالأعمال التي تعتبر خروقات  للخريطة وللهدنة ولتفاهماتهم معه. وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم خلالها الوزير شعث بإطلاق تصريحات غير محسوبة وغير مدروسة،أو أنها حقيقة محسوبة ومدروسة،مادامت السلطة المحروسة في تخبط دائم ومادامت الشرعية ممثلة بشخص الرئيس مسجونة ومحاصرة ومحبوسة.

منذ فترة جاء في مجلة الحرية الفلسطينية عدد 944 الصادر في 22-06-2003 ،أن الدكتور شعث هدد بالاستقالة من منصبه كوزير الدولة للشؤون الخارجية في حكومة محمود عباس (أبو مازن) احتجاجا على إصرار الرئيس عرفات على استمرار مسئولية فاروق القدومي (أبو اللطف) عن الشؤون الخارجية الفلسطينية،معتمدا لدى الدول الأجنبية ممثلا لمنظمة التحرير الفلسطينية. ولم يأخذ تهديد شعث اهتماما من الصحافة المحلية أو العربية،بل مر من دون ضجة كبيرة،وبعدها صمت الدكتور شعث حتى يومنا هذا،حيث طالعتنا صحيفة الرأي العام الكويتية بتصريحات مثيرة للوزير الفلسطيني،الذي حمل على قائد فلسطيني مخضرم وتاريخي من قادة منظمة التحرير الفلسطينية والعمل الوطني الفلسطيني،وتجرأ الوزير شعث على إلغاء مكانة أبو اللطف وشطبه كوزير خارجية لمنظمة التحرير،حين قال أن السلطة الفلسطينية لا تتحمل مسئولية كلام أبو اللطف لأنها" بحث شخصية"وأكثر من ذلك قال شعث أن أبو اللطف يعيش في تونس،بعيدا عن السلطة الفلسطينية والأرض الفلسطينية،ورفض تحمل مسئولية كلام أبو اللطف،إذ أعتبرها شخصية وأن القدومي" لم يستشر فيها أحدا في السلطة الفلسطينية ولم يأخذ إذنا من الأخ أبو عمار ولم يطلب رأي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية".

 هذا الكلام لشعث يؤكد أن السلطة الفلسطينية شطبت دور منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها الشرعية الفاعلة،مبقية على ما يسمى اللجنة التنفيذية فقط،لأن هذه اللجنة  تنفيسية،ومعدة خصيصا لتزكية أعمال السلطة وإقرار ما ترتئيه مناسبا لسياستها وتكتيكات قادتها. الآن لا ندري كيف سيكون الحال مع رئيس الحكومة،لكن واضح أن هناك شبه أتفاق بين رئيس السلطة ورئيس حكومته. ولأن شعث وسلطته التي ألغت بدورها وجود منظمة التحرير، وجمدتها وشطبت دورها تماما،لتتركه محصورا بتأكيد وشرعنة التنازلات والاتفاقيات التي تمس المصلحة الوطنية الفلسطينية،لا يعيرون شعبنا الفلسطيني أي اهتمام وهم بالأصل عاهة على نضال الشعب الفلسطيني،وقادة مصادفة لعبت القيادة المتسلطة والمتنفذة في المنظمة والسلطة دورا هاما في إبرازهم و"كبتلتهم" أي تسمينهم ماليا وبدنيا،حتى غدوا أصحاب كروش وعروش،فأن دورهم في حماية مصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة يبقى ناقصا. إذ لا يمكن للذين يفرطون بالقضية ويتجاهلون الشعب ورأيه في سياستهم أن يكونوا حريصين على إيجاد أفضل الحلول لهذا الشعب.

كان بودنا أن يستشير الوزير شعث شعب فلسطين ومؤسساته قبل الطعن بشرعية أحد قادته،وقبل الطلب من الاحتلال الموافقة على أطلاق سراح قادة ومناضلي شعبنا من سجن السلطة في أريحا. هل كان شعث يمثل شعبنا عندما قال هذا الكلام؟ بالطبع لا، هو يمثل نفسه وكلامه يعبر عن حجمه وحجم حكومته ومدى تبعيتها للغير،ولولا أن شعث ضمن دعم معسكر أبو مازن له،لما تجرأ على مهاجمة أبو اللطف.لكن شتان ما بين رئيس الدائرة السياسية للمنظمة ووزير شئون الدولة للسلطة،وكلنا نعلم الآن الفرق شاسع بين الرجلين،من حيث التاريخ والحاضر والمكانة.

 ونفس الشيء ينطبق على أبو مازن،ومحمد دحلان وغيرهم،لأن الذي يتجاوز الشعب تتجاوزه الأمم والشعوب والدول والحكومات،ولا تتعامل معه سوى الجهات التي تريده ألعوبة بيده، وجسرا لتحقيق غاياتها وأهدافها،هذه الغايات وتلك الأهداف التي ليست بالضرورة لمصلحته أو لمصلحة شعبه.

 بالمقدمة وقبل كل شيء توجد جماهير شعب فلسطين،وهذه الجماهير هي الحكم،وهي التي تفصل بين الحق والباطل،وتميز الصحيح من الغلط،وتعرف مصالحها من عدمها،وتدري بأن الإنجازات لا تتم بدون تضحيات،وبأن السياسة التي لا يقرها الشعب نفسه لا تعترف بها الجماهير ولا تقبلها،وقد تسقطها في أية لحظة.

 أما أركان مؤسسة أوسلو بسياستهم وما يقومون به من أعمال وما ينطقونه من أقوال، تضر بالقضية الفلسطينية وتصنف في خانة المعسكر الآخر،لا معسكر الشعب الفلسطيني والانتفاضة والمقاومة بكل أشكالها. هؤلاء كلامهم في أحيان كثيرة لا يمكن قبوله ككلام وطني  يخدم مصلحة القضية والوطن،وهذا ينطبق على رئيس الحكومة أولا،لذا ننصحهم بالصحوة قبل أن يبتلعهم الإعصار،ويومها لن ينفعهم تمسكهم بالطرف الآخر من القطار

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع