فشل التسجيل على نفس المشجب ... الاحتلال !!

بقلم: حمدي فراج *

التفسير الذي قدمته لجنة الانتخابات لتمديد مدة التسجيل اسبوعا جديدا، ليس أكثر من تبرير، والذي يعرفه علماء النفس، بأنه الكذب، ولكنه بدلا من ان يكون كذبا على الآخرين، فان التبرير بمثابة كذب على الذات.

تداعت اللجنة المشكلة بما يسمى مرسوما رئاسيا، للاجتماع مع الرئيس، وهناك وضعت نصف الحقائق على طاولته، عملية التشجيل فشلت، اذ لم تتجاوز نسبة المسجلين 50% من الشعب، والنصف الآخر أن الاحتلال هو السبب. ولهذا لا بأس من تمديد فترة التسجيل اسبوعا آخر.

والحقيقة التي تجسدت وترسخت هو أن الشعب عدا عن انه لم يعد يثق بهذه السلطة، ولا بانتخابات مزعومة ستجري في يوم من أيام الغيب، الله وحده يعرف موعده، فان التسجيل عملية فاضية مفرغة من مضمون غير موجود أصلا.

لقد وضعت السلطة كل مقدراتها وامكانياتها لحث الناس على تسجيل أسمائهم، فظل حوالي نصف الشعب مدبرا عن الصناديق والسلطة معا، لدرجة ان البعض ذهب ابعد من ذلك، ليشكك في نزاهة الانتخابات وعدالتها في حالة تحديد موعدها.

ان المسجلين، هم قاعدة السلطة وجيش موظفيها الذين اجبروا على التسجيل، سواء هؤلاء الذين في السلك المدني، او اولئك الذين في السلك العسكري، كما تحب السلطة ان تتقول دائما، ولقد وصل الأمر باطلاق شائعات عن  جملة تهديدات ضد الذين لم يسجلوا لم أصدقها، من على شاكلة يمنع من السفر، او لا يحصل على حسن سلوك ... الخ.

وهم ايضا قاعدة كل الفصائل الوطنية والدينية على حد سواء، من الجبهة الشعبية حتى الجبهة العربية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.

نستنتج من كل ذلك ان النسبة التي رفضت التسجيل، مجرد التسجيل، تفوق في تعدادها كل أنصار السلطة وأقطابها واحزابها التي تدور في فلكها، وكذلك التي لا تدور في فلكها، وهي نتيجة صارخة وهامة يجدر بآخرين غير كل هؤلاء من الحاشية الموظفة  قراءتها، آخرون من المفكرين الاستراتيجيين الذين يندر وجودهم اليوم في فلسطين.

وبهذه المناسبة، فان المجلس التشريعي كان له دورا ايجابيا ازاء ذلك عندما اعلن عن فشل عملية التسجيل ونادى باجتراح اساليب اخرى لاستكمالها، واعتماد سجلات الداخلية،  وذلك من باب انه لا يجوز ولا بأي حال من الاحوال حرمان نصف الشعب من انتخاب ممثليه، وان كان هذا الدور الايجابي للمجلس التشريعي قد جاء متأخرا جدا.

أما آخر ما يمكن ان يقال في موضوعة التسجيل التي انتهت، واعلن الآن عن تمديدها، هو ما مفاده ان اكثر الناس ادعاء بأنهم قانونييون ومتمسكون بالمراسيم والانظمة، هم أول الذين يضربون بها عرض الحائط. يقفون كالجدار امام اي محاولة خرق بشكل حرفي، لكنهم حين يخرقون، يخرقون بالجملة، فيممددوا، وقبلها يضيفوا صناديق اسموها طارئة، وحين ذهب أحدهم يبلغهم ان امه شبه مقعدة، رفضوا تسجيلها ملتزمين بالحرف.

لجنة الانتخابات، ليست الاستثناء في ذلك، القاعدة في هذه السلطة انها شرعت القوانين التي ارادتها، فكانت دائما السباقة في خرقها والالتفاف عليها. والتسجيل للانتخابات آخرها، وليست أخيرها. أما المشجب، فهو ذاته: الاحتلال، الذي نعلق عليه كل بلاوينا، بما في ذلك التسجيل للانتخابات المزعومة.

 

* كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع