لماذا يحاسب الصغار ولا يحاسب الكبار ؟!

بقلم : سميح خلف

سؤال مشروع يطرحه أي مواطن فلسطيني وتطرحه فئات شعبنا المغلفة منذ زمن بالفقر والاحتلال متحملة أعباء المرحلة وأخطائها السياسية والاقتصادية و السلوكية .

لقد خرج علينا النائب العام السيد ( المغني ) ببعض ملفات الفساد بعد طول زمن من الفساد الذي أزكم الأنوف ويبدو أن هذه الزكمة لم تصب ذوي القرار والمسؤولية .

لقد أصابت أشكال الفساد كل ما هو لنا من تاريخ مجيد وإرادة شعب لا تقهر ، ولنا الحق في أن نطرح السؤال الآتي :

لماذا لم تفتح تلك الملفات في السنوات السابقة ؟ ومن يتحمل مسؤولية إهمال تلك الملفات منذ عام على الأقل ؟.

لقد ارتعد من هذا الخبر كل من في جسمه مسامات الغدر والجريمة والتسلط عل رقاب الخلق والوطن .. و سعد الجميع بالخبر ولم تكتمل السعادة ، فهناك وفي مراحل الانقلابات والتغيرات على كثير من الشعوب ، هناك فئة تحاول أن تضع أخطاء مرحلة على مجموعة من الأفراد أو البشر وتصور للشعب وللرأي العام أن تلك الفئة أو الأفراد هم أصحاب المصيبة والوبال والجزر والخنق لكل حالة من حالات العمل الوطني .

ومع تأييدنا الكامل لفتح تلك الملفات وعند استعراض الأسماء المتهمة ، ضحكت كثيرا وبكيت أيضا وندمت لتفاؤلي وعند استعراضي لما قالته وكالات الأنباء عن العجز في موازنة السلطة والتي تقدر بمليار دولار ، فإنني رجعت للخلف عدة خطوات وقمت بالعد إلى العدد 10 علني لا أتهم ، وعلني لا أتمطى على الحدث ، ولكن نظرت لما هو موجود في عقلي وفي حواسي عن مظاهر المهزلة ومآسيها فوجدت أفكاري تسرد ما هو مؤلم أكثر مما عرض السيد النائب العام ، وأسأل هنا سؤال :

هل النائب العام أمسك بالقضية والحالة من منتصفها ولماذا ؟

هل هيئة الإذاعة والتلفزيون والإختلاسات الأخرى هي السبب في الإنحدار والتدني للمؤسسات والأجهزة ؟

من المسؤول عن السقوط السياسي أولا ؟ وتراجع حركة فتح في الشارع الفلسطيني ؟ فهي حالة أُم الحالات ، ومن آبى أن يتحدث عن آلام شعبه وتحدث عن آلام الآخرين ؟ من الذي كان يمكن أن يوجه بوصلة الحركة إلى المسار بعد رحيل القائد الرمز أبو عمار ؟ من الذي أهمل شؤونها ووضع العثرات أمام مؤتمرها ، ومن الذي ابتدع تجاوز النظام والإنفلاشية والتحديث في آلية إنعقاد المؤتمرات وما سببته تلك البدع من حالة فوضى وتشرذم وخروج عن قرار الأطر ، و من الذي وضع حركة فتح على الهامش ؟
أسئلة تحتاج لإجابة وفي اعتقادي أن الفساد السياسي والأمني أولا ، و الفساد الإقتصادي ثانيا ، فحين يخرج النائب العام ليعرض مجموعة من الأسماء ويضعهم تحت المحاسبة ، هل هي حركة جادة للحساب والعقاب ؟ أم هي عملية إحتواء للظاهرة ؟ فهناك قضايا أهم مثل :

أولا :قضية الأسمنت والتي طالب الجميع الكشف عن المتورطين فيها ومحاسبتهم .

ثانيا :ملفات الضرائب .

ثالثا : ملفات الجمارك .

رابعا: ملفات الشركات .

خامسا: ملفات الأراضي والرمال ، وبيعها .

أم أن تلك الملفات فوق القانون عند النائب العام ، وفوق الحساب والعقاب ، أو أن أصحابها يشكلون حالة من المافيا صعب الكشف عنها أو المساس بها ، فإذا كان هناك حساب فلتوضع القضايا بحقيقتها وبأهميتها ولا يجوز أن توضع فئة فاسدة كبش فداء لفئة أكبر ونتمنى من السيد النائب العام أن يستمر في جراءته ويطرح تلك الملفات على الملأ كما طرح ملفات الفئة المتوسطة من ظاهرة الفساد ، وإذا كنا قادرين على أن نحاسب ونحاكم من ارتكبوا الجرائم الاقتصادية بحق شعبنا والوطن ، وإذا كنا قادرين على أن نحاسب من تلاعب في أموال أسر الشهداء والجرحى والمعوقين ، وإذا كنا قادرين على أن نحاسب من قبضوا الأموال والرواتب على أسماء وهمية وإذا كنا قادرين أيضا على محاسبة من أقصوا الشرفاء عن دائرة المسؤولية ، فمن الذي يستطع فتح ملف الرئيس الشهيد أبوعمار الذي أهمل وبسابق إصرار ، فإن أبوعمار قد تعرض لعملية تآمر سياسي وتآمر مادي ، من الذي يستطيع أن يكشف أدوات تلك اللعبة القذرة وأطرافها ، أم أن السكوت هو الوسيلة لفقدان الحدث وإهماله ...!

كذلك من الذي يستطيع أن ينقد أو يفتح ملفات من هم في قمة القلعة؟ بالتأكـــيد لا أحد يجرؤ الآن ولكن نحن على ثقة بأن الشعب الذي قهر أدوات الإحتلال وسطوتها قادر على أن يمتلك الجراءة لكي يحدد بصمات كل من أهدروا كرامة هذا الوطن وكل من أساؤوا له ولثورته ولخياراته ولتاريخه .

وإنها لثورة حتى النصر ,,,

بسم الله الرحمن الرحيم .

قال تعالى : (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَىلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) صدق الله العظيم .

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع