التشريعي والمسرحيات، الداخلية والبيانات، المَعْبَر وعبقرية عريقات

(1)

عقد التشريعي جلساته، ونقلتها الإذاعات والمحطات، وصال "نوابه" وجالوا، وانتفخت أوداج بعضهم وجحظت عيونهم وكادت عروقهم تنفجر، احتجاجاً على الفوضى والفلتان، وأفعال الزعران، وطالبوا بحجب الثقة عن حكومة "لا بتهش ولا بتنش"، أُجّلت الجلسة، ثم أُجّلت، وعقدت أخيراً، وأيضاً على الشاشات، واحتد بعض ممن لا يثور مهما حدث لشعبنا، واستل عريقات حنجرته، وكال الاتهامات والانتقادات، متهماً بالتقصير وكأنه أبو الانجازات، لا يهم ذلك، لكن وخلال الجلسة الأمنية التي تغيب عنها جنرال الأمن أبو البيانات نصر يوسف!، دخل الزعران على الخط بسلاحهم إلى داخل قاعة المجلس الموقر، وعلى شاشات التلفاز وأمام أنظار العالم، لكن بما أن هذا كان بعلم مسبق وبتنسيق محكم، ظهر فتوح رابط الجأش ليُعلّق الجلسة دقائق معدودات، تكفي لأن يقوم أبو علي شاهين المشهور بأبو علي "طحين" بالحديث عن مبررات هؤلاء المساكين، الذين ثاروا لتجاهل وتساهل التشريعي إزاء تجاوزات البعض من غير أبناء الحزب الحاكم، ليعود "النواب" من جديد، ويا دار ما دخلك شر، ويصدروا بياناتهم، فالصفقة عُقدت، ولا حجب للثقة، فمقترح فتوح كان جاهزاً وقُبل بالإجماع، وعبّاس أعطيَ مهلة أسبوعين أي إلى ما بعد لقائه بشارون شريك السلام، ربما للتنسيق والمشاورة، إن لم يكن للإملاء والقبول دون مناورة، أيضاً لا يهم فهذا يعرفه الجميع، لكن مرة أخرى ما أن انتهت الجلسة حتى سرب بعض ممن كان فيها أن عبّاس على وشك إعلان حالة الطواريء وتأجيل الانتخابات التشريعية، وهو ما أثلج صدور "النواب"، كيف لا وقد أدوا دورهم "الديمقراطي" بجدارة، وصاحوا وأشاحوا بقبضاتهم، وعلا صراخهم، وطالبوا بالإقالة والإستقالة، وحجب الثقة، ونفذوا المطلوب في المسرحية، وهو ما يستحقون عليه بقاؤهم في مناصبهم، وصرف 3000 دولار كل نهاية شهر راتب العضو حلال زلال، عدا عن السيارات والعلاوات وباقي الامتيازات، أما الشعب فيكفي معظمه دولارين في اليوم، لما الطمع!!!

 

(2)

يستحق اللقب بجدارة فهو "جنرال البيانات"، حتى وإن كان من يكتبها ناطقه الرسمي، فهو يطبق شعار الكشافة "كن مستعد"، وبياناته لا تحتاج إلا لدقائق بسيطة وتكون قد عُممت، شريطة أن تكون موجهة ضد فصيل بعينه، لكن سيادة الوزير وناطقه لا يصل لمسامعهم باقي الأمور والأحداث من فلتان أجهزتهم المسكينة التي سبق واحتجت على تسُّيب التشريعي، فرغم أن بيانهم الأول حول مجزرة جباليا كان على موجات الأثير بعد أقل من 4 دقائق، بما فيه من لفتات بوليسية لمواهب أبو خوصة وتحقيقاته، فإن وزارة البيانات والتهديدات لا زالت تدرس إصدار، إن كانت ستصدر أساساً، بيانها حول حوادث الإختطاف في عدة مدن بالضفة الغربية، هذا رغم أن آخر المُخْتَطَفين أطلق سراحه بعد 23 ساعة، أي ما يكفي نصر يوسف وأبو خوصة إصدار 345 بيان معد (على حسبة كل بيان 4 دقائق)، لكن لحظة كيف يصدر مثل هكذا بيان، ومن قام بهذه الجرائم من أجهزتهم، وربما بعلمهم إن لم يكن بأوامرهم، وقد أُطلق سراح أحد المختطفين من مقر جهاز مخابراتهم، ولا بأس من تبرير ما حدث بأنه غضبة ونصرة للسلطة المسكينة التي تتعرض لهجمة من قبل الإحتلال، عفواً ليس الإحتلال فهو من يتم التنسيق معه ضد أبناء شعبهم، ويستعدون لشراء الأسلحة منه، بل يطلبون منه على لسان نبيل عمرو الدعم الكامل لمواجهة من عليهم غضب الله من المرتدين حسب بيان كتائب الخازوق، عفواً أخطأت مرة أخرى كتائب الفاروق، حتى وإن كانت تدق خازوق الفتنة البغيض، التي خرج بيانها بصيغة ركيكة مضحكة مخجلة كمن يدافع غيرة على سلطة الخلافة في مقار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الأمنية من وقائي ومخابراتي وغيره، ومع ذلك وزارة البيانات ووزيرها وناطقها خانتهم ألاعيبهم هذه المرة، فلو أنهم أصدروا بياناً، لا يزيد ولا يُنقص ضد من قام بهذه الجرائم، لربما كان الأمر الذي دُبّر بليل سُتِر وحسُن إخراجه، لكن هي العزة بالإثم، ورسالة واضحة أرادوها بأسلوب زعرناتهم التقليدي، والذي لا يجيدون غيره، مفادها كل فعل لكم في غزة سيقابله فعلٌ لنا في الضفة، وعلى طريقة "بتضربني بضربك"، الخلاصة أن وزارة البيانات فشلت حتى في إصدار وإخراج البيانات، فما الداعي لها، أم أن لها دور يُعد ولا نعرفه، ربما!

 

(3)

إنتصرنا وتحررنا، ومظاهر سيادتنا باتت واضحة، سلطتنا الوحيدة، وسلاحها الشرعي الوحيد، وقانونها الأوحد، ورئيسها المنتخب، ووزرائها ملائكة الإصلاح، وتشريعيها سابق الذكر والذي أدى ما عليه، ولم يتبق إلا خطوة واحدة، ونعلن دولتنا العتيدة الممتدة على كامل ترابنا الوطني، وإن كانت في البداية على أقل من 1%، لا بأس فهي دولة مؤقتة تُرضي الأطراف الدولية، وتُظهرنا بالشكل اللائق برئيس وحكومة ووزراء ومؤسسات، حتى وإن كنا نستجدي المساعدات المشروطة حتى بتسمية الشوارع لدينا، لايهم فالخطوة الأخيرة باتت قاب قوسين أو أدنى، وكبير مفاوضينا المخضرم الذي عقد الاتفاقات التي تسمو لمصاف الفتوحات صائب عريقات جاهز كبيانات داخليتنا، وكلنا رأينا حرصه في التشريعي يوم كاد ينفجر ويتفزر، ولا يمكنكم انكار ذلك فكل محطات العالم ركزت عليه، وعلى أدائه الرائع، ها هو مفاوضنا الأوحد كسلطتنا ورئيسنا وسلاحنا وقوانيننا، يجتمع ليحل مشكلة معبر رفح، ويخطو بنا الخطوة الأخيرة نحو إمبراطورية فلسطين في غزة، وينجح، نعم ينجح وسيُفتح المعبر وخلال مدة بسيطة، ودون تواجد للإحتلال فيه، سبحان الله ما هذه الشطارة والمهارة والقدرات الخارقة، أمِن جلسة واحدة مع مع عاموس جلعاد يحصل عريقات على آخر مظاهر السيادة الوطنية لننهي مشكلة سجن غزة الكبير، نعم لقد فعلها وشكل لذلك طاقمين مهنيين لبلورة الترتيبات لتفعيل معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر، ما شاء الله ولا قوة إلا بالله، الحق يقال إنها خطوة جبارة يستحق عليها الشكر والثناء، خاصة إذا عرفنا أن أن المعبر سيستخدم لدخول الناس وتتم إدارته من قبل طاقم فلسطيني - مصري تحت رقابة ممثلين أوروبيين، بالإضافة إلى أجهزة رصد تبث إلى الجانب الإسرائيلي هوية الداخلين، أرأيتم أكثر من ذلك عبقرية؟؟ الإحتلال لن يكون في المعبر، ولا وجود لقواته فيه، لكن التدقيق في الداخلين، وربما منعهم وإيقافهم، إن لم يكن إعتقالهم، لن يفسد للود قضية، وهذا أقل ما يمكن تقديمه لهم لشكرهم على خروجهم السلس من قطاع غزة، حباً في السلام ورغبة به، وليس كما يدعي الحاقدون وأعداء السلام أنه تحت ضغط صمود وإرادة وعزيمة وصبر ومقاومة شعبنا البطل، حاشى لله من هكذا أراجيف، والتي أعددنا كتائب الفاروق لتكون لها بالمرصاد، وها هي الوعود تتحقق، وحدانية السلطة، ووحدانية القانون، ووحدانية السلاح، ووحدانية الرئيس والمجلس والوزير والمفاوض، وأخيراً وحدانية القرار، بفتح المعبر لإراحة الناس، فلا داعي للتدقيق في الأمر، لأن التدقيق سيترك لأجهزة الرصد، فلما المناكفة؟

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع