الانتخابات البلدية .. ديمقراطية الاحتلال وديمقراطية السلطة

بقلم: حمدي فراج*

أعلن رئيس لجنة الانتخابات البلدية، وهو وزير الحكم المحلي، ان الانتخابات في 26 بلدية ستجري في 23كانون اول القادم.

 اولا: نأمل ان لا يخرج علينا أحمد قريع او اي مسؤول مخول آخر، وما أكثرهم في بلادنا، من ان يؤجلها لأسباب تتعلق باعياد الميلاد، كما فعل في المرات السابقة، آخرها حين فطن انها ستتصادف مع رمضان.

ثانيا: لا يوجد في قائمة البلديات التي تجري فيها الانتخابات اي مدينة حقيقية، باستثناء أريحا وحلحول، البقية الباقية قرى من على شاكلة العوجا، بني زيد الشرقية وبني زيد الغربية والشيوخ وابو ديس والعيزرية والعبيدية وبلعا وكفر اللبد وبديا وكفل حارس وبيتا وعرابة وعزون ... الخ. ولا أحد بالطبع يعرف ما هي المقاييس التي وضعت للبدء بهذه القائمة، واذا قيل لنا ان مجالس هذه القرى تعاني من مشاكل، فاننا نقول لهم ان بلدية نابلس تعيش مشاكل أعوص بكثير بحيث لا يوجد لها رئيس بلدية بعد ان قدم غسان الشكعة استقالته قبل عدة اشهر. كما لم نلا حظ اي انتخابات في اي مجلس من من مجالس قرى قطاع غزة، رغم انها (محررة) اذا ما قورنت بقرى الضفة الغربية.

 ثالثا: بدون أي واعز من مفاهيم تقدمية وديمقراطية ونضالية، لطالما اتصف بها المناضل جمال الشوبكي، يرسّم ومعه الفصائل الوطنية والاسلامية على حد سواء، اجراء انتخابات بلدية على مراحل، الأمر الذي تدشنه السلطة التي قالت عن نفسها انها وطنية، لأول مرة في حدود علمنا، فنسأل: كيف تكون الانتخابات ديمقراطية وهي تجري بالتجزيئ البطيئ؟ اننا نفهم ان أحد أهم مقومات انتخابات ديمقراطية، هو ان تجري كلها في وقت واحد، ويمارس كل أبناء الشعب حقهم الانتخابي في يوم واحد، بما في ذلك المرضى في مستشفياتهم. وحتى الاحتلال الاسرائيلي، حين اقدم على تنفيذ انتخابات بلدية عام 1976 فانه نفذها في يوم واحد، وأعلن عن النتائج في يوم واحد.

رابعا: أما وقد تقرر تجزيئ الانتخابات، بموافقة الفصائل الوطنية والاسلامية، ألم يكن من ألأجدر الاعلان عن مواعيد الدفعة الثانية من الانتخابات، وكذلك الثالثة والرابعة والعاشرة، لأنه والحالة هذه، فان الأمر قد يستغرقنا عشرة أعوام ونحن نجري انتخابات. كان يجب ان توضحوا لهذا الشعب الغلبان أبسط حقوقه، بعد ان تحول الى مزرعة استثمار لنهب مقدراته جراء سياسة الفساد الممنهجة بين أوساطه.

وبعد، فان السبب الحقيقي وراء اجراء انتخابات بلدية على مراحل، ليس الاحتلال ومعوقاته واجراءاته، كما يمكن للبعض ان يدعي، على اعتبار ان المناطق التي فيها احتلال سيجري فيها انتخابات، بما في ذلك قرى من ضمن محافظة القدس، وما هي بذلك، كأبو ديس والعيزرية، ونزعم ان هذه الانتخابات تتم بالتنسيق مع هذا الاحتلال، من خلال اجهزة الارتباطات، لكن السبب الحقيقي، يكمن في ان هرم هذه السلطة يريد ان يقيس قبل ان يغيص، فاذا ما راقت له النتائج، سيستمر، والا سيؤجل وسيماطل الى ان يغير واقع الحال بما هو لمصلحته، وعملية التسجيل التي رفضها الشعب لم تكن لأغراض تتعدى ذلك، ثم يخرجون علينا ليقولوا انهم يجرون انتخابات ديمقراطية.

صحيح انها انتخابات، والتي يفترض انها ابرز تجليات الديمقراطية وتعزيزها، ولكن مثل هذه الانتخابات ضرب لأدنى حدود ومفاهيم الديمقراطية، ويكفي هذه السلطة ان الاحتلال الاسرائيلي، كان ديمقراطيا أكثر منها، فقد أجرى الانتخابات البلدية لكل المدن والقرى والبلدات في يوم واحد ...!

* كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع