ديموقراطية ليست على المقاس الأمريكي
تعني الجوع –الركوع –الموت
النفط مقابل الغذاء على الطريقة الفلسطينية
بقلم/ الدكتور يوسف كامل إبراهيم
أستاذ الجغرافيا البشرية جامعة الأقصى/غزة
من حقنا كشعب فلسطيني أن نرفع صوتنا بشكل عال وصريح في سؤال
للإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي حول سبب عدم اعترافهم بممثلي الشعب
الفلسطيني المنتخبين ذات الأغلبية في المجلس التشريعي الفلسطيني الذين تم
انتخابهم من الشعب
بديمقراطية نزيهة وشفافة وتحت رعايتهم وشهادتهم بنزاهة هذه الانتخابات من
خلال شخصيات أمثال الرئيس السابق كارتر
!!.
فالديموقراطية هي عبارة عن حكم الشعب وأحد آليات تطبيق الديموقراطية هي
الانتخابات التي تفرز ممثلين عن الشعب بطريقة حرة ونزيه لكي يتقدموا
لقيادة الشعب خلال فترة برلمانية معينة وقد حصل هذا في أكثر من مكان ولكن
لم يكن المواطن العربي أو الفلسطيني أن يتخيل أن هناك مفهومين أو نظامين
للديموقراطية ، فمفهوم الديموقراطية في الشرق الأوسط ليست هي نفس
الديموقراطية في أمريكا وأوروبا ، فالديموقراطية في أمريكا وأوربا من
النوع الحر والنزيهة ومن اختيار ورغبة المواطن الأمريكي أو الأوروبي مهما
كانت النتائج يمينا أو يسار ، أما الديموقراطية في العالم العربي يجب أن
تكون على المقاس واللون الأمريكي والأوروبي و إلا كان الجوع والركوع أو
الموت، فلم يتخيل الإنسان العربي والإسلامي أن الحكومة الأمريكية التي
نادت وتغنت بمشروع دمقرطة الشرق الأوسط ، أن الديموقراطية التي يجب أن
تكون هي حسب رغبة وأهواء ومقاس ولون أمريكا وأوروبا ومن يخالف ذلك المقاس
أو يعاكس ذلك اللون فعليه أن يتوقع الجوع أو الموت و إلا الركوع والخنوع
للمحتل ، وإن لم يكن ذلك التفسير صحيحا، فما هو تفسير الانقلاب الذي حصل
على الانتخابات في الجزائر لأن الشعب الجزائري اختار الحركة الإسلامية
لكي تقوده وتمثله في البرلمان الجزائري أو الانقلاب الذي حصل بعد
الانتخابات التي جرت في تركيا ،فلم يكون هناك تفسير لذلك سوى أن تخضع وأن
تركع الشعوب والأفراد في العالم أجمع للإرادة الأمريكية وللمقاس
الأمريكي الذي تفصله لمفهوم الديموقراطية التي تريد ، و إلا كان لهم
الجوع والركوع أو الموت ، وفي الحالة الفلسطينية مارس الشعب الفلسطيني
العملية الديموقراطية ببراعة تامة وبنجاح منقطع النظير وتحت إشراف دولي
وشخصيات أمريكية على رأسها الرئيس الأمريكي السابق كارتر وكان هناك
ممثلين من الاتحاد الأوروبي يجيبون مراكز الاقتراع وعلى صدورهم شارات
الاتحاد الأوروبي ذات النجوم الزرقاء ، فالأمريكان والأوربيين هم الذين
مارسوا الضغوط على ياسر عرفات لإجراء الانتخابات اعتقاد منهم بإمكانية
ظهور قيادات جديدة من الشعب الفلسطيني على المقاس الأمريكي والأوروبي ،
ولأن نتائج الانتخابات الفلسطينية لم تأتي بنتائج على المقاس الأمريكي
والأوروبي بدأت أمريكا ووقف خلفها دول أوربية بالتفنن بملاحقة الحكومة
الفلسطينية ومحاصرتها سياسيا واقتصاديا اعتقادا منهم أن الحكومة ستركع
لضغوطاتهم في نهاية المطاف من خلال تجويع أبناء الشعب الفلسطيني أو
تعريضهم للموت، فباتت أزمة الرواتب الحكومية وإغلاق المعابر ونقص المواد
التموينية تلقي بظلالها السوداء على الحياة الفلسطينية كافة، وأن النزيف
الفلسطيني يزداد يوما بعد يوم ، لا يعلم أحد إلى أين مرساها. وأن هذا
النزف المسفوح تتحمل مسؤوليته حكومة المحتل والحكومة الأمريكية وبعض
الحكومات الأوروبية ، فقد نسى هؤلاء جميعا أن الشعب الفلسطيني منذ عشرات
السنين يتعرض للحصار والتجويع والتشريد والتدمير ولم يسجل التاريخ أن
الشعب الفلسطيني في يوم من الأيام فكر بأن يخنع أو يركع وإنما كان ينتفض
في كل مرة على المحتل، ومن يشك في ذلك فليذهب إلى كتب التاريخ ويقرأ
المحطات التاريخية التي انتفض فيها الشعب الفلسطيني على المحتل البريطاني
وعلي المحتل الإسرائيلي مرات عديدة وأخرها انتفاضة الأقصى والتي كان
سببها محاولة المس بالكرامة الفلسطينية من قبل رئيس وزراء حكومة المحتل
الذي يرقد على سرير الموت ،فبقى الشعب الفلسطيني حيا ومات رأس المحتل
،وفي الحالة الراهنة من المتوقع أن ينتفض الشعب الفلسطيني على المحتل
السياسي والاقتصادي ولن يموت الشعب الفلسطيني ولن يركع وسيموت الحصار
الاقتصادي والسياسي وسيبقى الشعب الفلسطيني شامخا على أرضه صابرا مرابطا
، وانه من العدل أن تكون الديموقراطية هي نفس الديموقراطية في كل مكان أو
شبر على وجه الأرض دون تمييز بين أبيض أو أسود.
|