القدس- 30 آذار 2003 - نقلا
عن موقع أمين
وفاء لمن سقط هنا وهناك...
دماء عراقية في نابلس ..أيضاً
كتب محمد دراغمة
المقبرة في فلسطين.. في مدينة نابلس، لكن عشرات القبور التي تضمها هي
لشهداء عراقيين سقطوا ذات يوم وهم يدافعون عن أرض هذه المدينة، وتراب هذا
الوطن.
وقد وجد أهالي نابلس في مقبرة الشهداء العراقيين بمدينتهم فرصة للتعبير
عن وفاءهم لهذا لبلد الذي يتعرض لعدوان أمريكي بريطاني دموي مدمر يطال
أهله وكل ما ينبض بالحياة فيه، فأخذ الكثيرون منهم يتداعون لزيارتها وقراءه
الفاتحة على أرواح ساكنيها الأبديين.
"جئنا إلى هنا لنقول أننا لم نفقد ذاكرتنا، ولن نفقدها أبدأ"،
قال زهير الدبعي مدير دائرة الأوقاف في نابلس الذي كان من بين العشرات
من رجال الدين المسلمين والمسيحيين والنشطاء والأكاديميين والعاملين في
جامعة النجاح الذين زاروا المقبرة السبت 29 آذار.
وقد أدى رجال الدين من الطائفتين صلاة الغائب على أرواح شهداء العراق
الذين يسقطون اليوم على أرض وطنهم، وسقطوا في الماضي على أرض فلسطين.
وتلى الأب جورج عواد راعي طائفة الروم الأرثدوكس صلوات مسيحية على أرواح
الشهداء داعياً الله أن يريح أرواحهم، ويجعلهم مع القديسين، فيما أم الشيخ
حامد البيتاوي رئيس رابطة علماء فلسطين جموع المصلين الذين صلوا صلاة الغائب
على أرواحهم.
ووضع عدد من الأكاديميين والعاملين في جامعة النجاح الوطنية أكاليل الزهور
ورفعوا العلمين العراقي والفلسطيني على ضريح شهداء الجيش العراقي في المقبرة.
وقال زهير الدبعي: "هذه اللفتة مجرد كملة وفاء نقولها على استحياء
للعراقيين الذين يدفعون اليوم ثمن وقوفهم ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومن
أجل شعبنا والأمة العربية". وأضاف: "وهو تأكيد على أن العدوان
على العراق يستهدف كل العرب والمسلمين".
وفي كلمة له في جمع من الحضور، طالب بلال سلامة ممثل نقابة العاملين في
جامعة النجاح جميع العرب والمسلمين ومعارضي الحرب في العالم بمقاطعة جميع
أنواع السلع والخدمات الأمريكية والبريطانية من مأكولات ومشروبات وفنادق
وسفن شحن وطائرات وغيرها. وقال: "إن مقاطعة جدية وشاملة ودقيقة ستغير
الأرقام أمام تلاميذ هتلر في واشنطن ولندن".
وقد أخذ سكان المناطق القريبة من المقبرة بزيارتها بعد بدء العدوان على
العراق. وقال مفيد سحلوب من النشطاء في مخيم عسكر الواقع بجوار المقبرة
بأن مؤسسات المخيم تعد للقيام بحملة تنظيف شاملة في المقبرة في الأيام
القادمة ووضع سياج فوق سورها.
وكان الجيش العراقي قد دخل فلسطين في العام 48 للدفاع عن أرضها وشعبها
أمام الاحتلال الإسرائيلي. وشمل قطاع عمليات هذا الجيش في حينه مناطق نابلس
وجنين وطولكرم.
وتبين المصادر التاريخية أن الجيش العراقي قد حرر مدينة جنين في حينه،
وأندفع وراء الجنود الإسرائيليين في الطريق إلى حيفا، ولم يتوقف إلا بعد
أن صدرت إليه أوامر من زعامة بلادة، وكان يمثلها حينذاك رئيس الوزراء نوري
السعيد، بالتوقف والعودة إلى خط الهدنة.
وكان الجيش الإسرائيلي احتل جنين وتقدم باتجاه نابلس قبل أن يتصدى له
الجيش العراقي ويطرده ويلاحقه وراء خط الهدنة. وقد سقط في هذه المعارك
العشرات من الجنود العراقيين وأقيمت لهم مقبرتان واحدة في نابلس والثانية
على مشارف مدينة جنين.
وحملت المنطقة التي دفن فيها الشهداء العراقيون في جنين اسم قرية الشهداء،
وهي منطقة زراعية تمتد على مساحات واسعة من الأراضي المروية.
وأقيم في المقبرتين نصب تذكارية لهؤلاء الشهداء الذين زاد عددهم على
المائتين وخمسين.
ونظراً لعدم توفير ما يدل على هوية كل شهيد من هؤلاء الشهداء، فقد خطت
أسماؤهم على لوحة كبيرة بجانب النصب التذكاري.
ويبدو المشهد في هاتين المقبرتين عراقياً خالصاً،حيث
اسم العراق على شاهد كل قبر، وحيث الأسماء العراقية المعروفة تتكرر على اللوحات مثل
حسين وكاظم وعلي وغيرها
|