دنـت ساعـة عرفـات
بقلم : د . محمود عوض
تاريخ النشر : 15:27 18.07.04
الرأس
قبل الذنب هذا ما نصح به الحكماء والعقلاء حيث قيل :
"لا
تقطعنْ ذنب الأفعى وتتركها .. إن كنتَ شهما فأتبعْ رأسها الذنبا"
وفي
الحال الفلسطيني أكثر الأمور إسفافا في علم الإجتماع السياسي هو السقوط في
مستنقع المداراة بعيدا عن الرأس ومجرد ملامسة الذنب .. في الحال الفلسطيني
حدث هذا وما زال يحدث . الإسفاف هو أننا إختزلنا قضية مصير شعبنا في شخص
واحد هو ياسر عرفات وكرسناه (ملاكا ونبيا وإلها) و فرزنا بعد ذلك مساحة
لنلعب فيها رياضة النقد والإحتجاج والدعوة للإصلاح وأمسكنا في هذه الساحة
بتلابيب بعض الأذناب صارخين بقطعهم وتقطيعهم مع أن في أعماق كل منا يقين
مبين هو أن العلة في الرأس ولكن من يجرؤ منا على النهوض ليقول : يا قوم
مهلا فهذا ليس ملاكا ولا نبيا ولا إلها هو بشر يخطىء ويصيب .
فمنذ سنوات كان لا بد من وقفة لوضع هذا الشخص على المشرحه لإجراء فحص كامل
لحالته .. ولكن وللأسف غلبنا الإنخداع الجماعي وسيطر علينا إيمان العجائز
وأقعدنا الخوف ... وغدا الفكر الإجتماعي السياسي الفلسطيني تماما كفكر قوم
هبل فقد كانوا جميعا يعبدون هبل وهم جميعا يرون بأم أعينهم أن هبل مجرد حجر
لا أكثر .
حقيقة أن هذا الهبل الفلسطيني المدعو عرفات هو حالة من الإستنساخ لهبل
الجاهلي مع فارق بسيط هو أن هبل الجاهلي كان حالة غائبة عن الوعي الذاتي
وغير قابل لفحص صحي وعقلي لكن هذا الهبل يحمل الجينات البشريه التي تكفل
الخضوع للفحص السريري ، فالرجل كان ذا ماضي لا أحد ينكر ذلك ؟؟ إنما حدث أن
وقع في حادث طائرة .. ويتم حتى اليوم القفز عن تداعيات ذلك على قدراته
الذهنيه ؟؟
والأخطر من حادثة سقوط الطائرة ما حصل بعد ذلك من سقوطه في براثن ريموندا
الطويل التي أجبرته على الزواج بسهى .. وهذا السقوط ما زال يكتنفه الغموض
؟؟ والسؤال هو هل تم القبض على عرفات في أوضاع أو مواقف لا تليق !! وهل تم
تصويره في أوضاع شاذه ؟؟ خضع بعدها لإبتزاز ما زال متواصلا ؟
همس كبير يدور في الصالونات الفلسطينيه حول (هبل وحماته وزوجته) ومن الهمس
ما يتردد أنه لا يستطيع أمامهن أن يقول ثلث الثلاثه .. فالرجل في مأزق
وثائقي ومصوّر .
وكما هي البطولة تبدأ من خطوة كذلك هو الإنزلاق يبدأ بخطوة ... ويتتابع
وأما الإحتجاج بالماضي لينسحب على المستقبل فهو أمر مردود فجميع العاهرات
كن طاهرات شريفات قبل المرة الأولى أليس كذلك !!
فعرفات هو اليوم حالة مشبوهة في عقله وفي زواجه وكل المؤشرات من حوله تدل
على أنه عرفات آخر غير ذلك الذي كان ، فالرأس إذن خربان وتنغل فيه الديدان
ويحاول أن يداري مأزقا يعيش فيه حماية لماضيه ويتشبث بكل السبل أن يموت وهو
الملاك والنبي والإله ولا يجد لدعمه في هذه المزاعم سوى جوقة الشياطين
الأذناب من حوله وسوى الملتزمين بالصمت من الوسط الشعبي الواسع ، فما
الفائدة لو قطع ذنب أو أكثر فالذنب ينبت مكانه ذنب آخر ..
العلة والمرض والفساد في الرأس ... بل يجدر القول بصريح العباره أن إسدال
الستاره على عرفات بات ضرورة للرفع من قيمة القضيه الفلسطينيه التي يختزلها
كثيرون في شخص وهي قضية أمه ، فغدا إذا مات أو غاب ما الذي سيكون ؟؟
فقط ستنقشع ضبابه من سماء فلسطين .. وحتى لو لم يكن في عرفات أي عيب فقد
قالت العرب قديما : "كبّ الزيت مع الفار غنيمه" والباب اللي بيجيك منه
الريح سدوا واستريح فلتكن لدينا الجرأة لنقول بالفم الملآن ليذهب عرفات
الحاضر ولنحتفل بعرفات الماضي
|