تُعساً لكم، فيما تختلفون وأبناء شعبنا يموتون؟

د.إبراهيم حمّامي

20/09/2005

نعم أبناؤنا يموتون قهراً وذلاً ومعاناة، يموتون مائة مرة في اليوم والليلة، وأنتم كما أنتم لا هم لكم سوى الصراع والمتاجرة، وهذه المرة على ماذا تختلفون وتتصارعون؟ على دكاكين بالية لاطعم لها ولا لون ولا رائحة؟ فضائحها ملأت الآفاق، وكذلك فضائحكم التي وصلت حتى أروقة الأمم المتحدة، بين جذب ورخي حول "سفارات" مزعومة أفضلها نادٍ للعاملين فيها، وأسوأها ماخور، وما بين هاته وتلك إقطاعيات وفنادق وعمولات وسمسرة، ومآرب أخرى، لكنها جميعاً تتوحد في أمر واحد، أنه لا دخل لها بأبناء الشعب الفلسطيني، فهو من سقط سهواً أو عمداً من حساباتهم، إن كان يوماً وجد في تلك الحسابات، حتى وإن طالب وناشد وتوسل، وحتى وإن امتهنت كرامته ليل نهار، بل حتى وإن مات!

بالأمس غلبني دمعي وأنا أقرأ ما كتبه الصحفي  ناصر اللحام تحت عنوان " رسالة لسفير فلسطين في مصر الشقيقة" من مأساة لشاب فلسطيني مات هماً وغماً، دون أن تُمد له يد المساعدة، ودون اكتراث أو مبالاة، فالجميع مشغول ربما بمؤخرة الوزير التي انزلق غضروف فيها حسب الرواية الرسمية فاستدعت التدخل الملكي والتهاني والتبريكات في الصحف والمجلات، أما المواطن العادي البسيط فلسان حالهم يقول "بالناقص واحد"!

عشرات "السفارات" و"المكاتب" و"الممثليات" و"المفوضيات" فاقت أكبر الدول عدداً وتعداد، لم تقدم لقضيتنا أو تؤخر إلا من رحم ربي، تحولت مراكزاً للفساد المحلي والمستورد، وبعضها أوكاراً للرذيلة، وواجهات بشعة غير مشرفة لأرض باركها الله وشرفها وشعب إختاره وشرفه المولى ليكون خندق الأمة الأمامي، ولتصبح رموزاً لقهر شعبنا في الشتات القسري.

 

لن أدخل في متاهات الصراعات بين "وزير الخارجية" و"وزير الشؤون الخارجية"، ولا بين "السلطة الوطنية الفلسطينية" و"الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية"، وهي الصراعات التي لا يمكن أن توصف بأقل من أنها "ولدنات" دبلوماسية، فهذا يعيّن وذاك يقيل، وهذا يثبت وآخر يحيل، والمحصلة النهائية صفر مكعب، وفضيحة دبلوماسية بكل الأعراف، والخلاصة "سفراء" السوء هم هم لا يتغيرون ولا يتبدلون، وقمة الإصلاح المنشود أن نعين مأمور الطابو مأموراً للمالية والعكس صحيح، تماماً كما في مسرحية ضيعة تشرين، وكأن هؤلاء قدر لا يتغير، وكأن أمهاتنا عجزن عن إنجاب النوابغ أمثال "السفراء" مدى الحياة، فيكافأ الفاسد بنقله لبلد آخر، ويعاقب من يشتكي ب"سفير" أسوأ من المشتكى عليه، وليوحدنا همٌ آخر في الشتات فوق همومنا، وابتلاءٌ فرض علينا تحت مسميات عديدة.

 

كل ما سبق سأتغاضى عنه، وكأن "السفارات" تديرها ملائكة منزلة، لكني لن أتغاضى أن يعذب ويشرد ويهان ويذل ويقتل أبناء شعبنا، ولا يحرك هؤلاء "الملائكة" ساكناً، بل وفي كثير من الأحيان يكونون سبباً في المعاناة كمن يصب الزيت فوق النارمقابل امتيازات أو علاقات مع طرف أو أطراف، فقد وصل الأمر حداً لايطاق، وأصبحنا جميعاً شهود زور ومشاركين في تلك الفظائع إن سكتنا عنها، وما أكثرها.

 

القصة المأساة وكما نشرها الصحافي ناصر اللحام تقول:

 

 "رسالة لسفير فلسطين في مصر الشقيقة !!

 

الى كل صاحب قرار....إلى كل قلم ....وكل فلسطينيي سجل كلماتك .....خد الحق لعصام ....وننشر قصته في كل مكان ...نقول أين انتم سفراء فلسطين من همومنا ومشاكلنا..؟؟!!


بكى الشاب الفلسطيني عصام سلامة موسى سلامة الفواغرة حتى مات في قسم التوقيف بسجن العجوزة بعد ان امضى 27 عاما متواصلة في السجون المصرية وكان السجين عصام مسجون في جمهورية مصر العربية بسجن القناطر وامضى 25 عاما فرضت عليه بتهمة تهريب المخدرات,حيث كان شابا في شهر العسل وتوجه من الاردن الى مصر مع عروسه ليتبين في التفتيش بان السيارة التي يقودها مليئة بالمخدرات على يد المجموعة التي عرضت عليه السفر الى هناك.

ورغم اندلاع الانتفاضة الاولى وتعرّض الفلسطينيين داخل الارض المحتلة لخطر الانقراض رفضت السلطات المصرية تخفيض محكوميته ، ثم وبعد دخول السلطة الى غزة بقي موقف القضاء المصري ثابتا.
ثم ومع دخول السلطة الفلسطينية الى غزة حاول اهله الحصول على افراج مبكر لولدهم الا ان الموقف السابق ظل كما هو .

ومع اندلاع انتفاضة الاقصى تفاءل اهله في مدينة بيت لحم ان تفرج مصر عنه قبل عام او عاميين من انتهاء مدة المحكومية بسبب حسن السلوك او مثله ولكن السلطات المصرية تمسكت بوقفها اكثر.
وبعد 25 عاما في السجن وعند انتهاء محكوميته افرج عنه ، الا انه لم يتمكن من مغادرة مصر لعدم توفر جواز سفر يسمح له بالعودة الى فلسطين ، ولان حكومة مصر لا تريد ان يبق على الاراضي المصرية ظلت تحتجزه في مركز توقيف ( سجن الترحيل بالعجوزة) ومضت الايام والشهور والسنون ، والقصة تطول والشاب الفلسطيني الذي اصبح عجوزا في سجن العجوزة لا يسمح له الاختلاط بالسجناء وقد حاول ثلاث مرات تجديد جواز سفره الاردني دون جدوى فقالت الاردن ,ان عصام سلامة فلسطيني وليذهب للسلطة الفلسطينية لتصدر له جواز سفر, تماما مثل مصر التي قالت انه ليس مصريا وعلى السلطة ان تأخذه.

كلام يدخل الرأس، لكنه لا يدخل اذني السفير الفلسطيني في القاهرة والذي كان حين يسمع القصة يبدو كمن لدغته افعى، ويصرخ" يا ساتر، مخدرات" ثم يضطر شقيقه الذي تكبد عناء السفر الى مصر ان يشرح له بأن ( الولد امضى 26 عاما في السجن وحرام يا سعادة السفير, حرام, خليه يرجع لزوجته وليرجع الى ابنه الذي لم يراه طوال حياته) فما كان من سعادة السفير الا ان هدد باستدعاء الامن المصري لاعتقاله اذا عاد وازعج اذنيه بهذه القضية.

بسيطة، توجهت العائلة للسلطة الفلسطينية لاستصدار جواز سفر للمواطن معروف رقم الهوية ومالك الاوراق الثبوتية, فقالت وزارة الداخلية ان الامر ليس بيديها وانما بيدي وزارة الخارجية، وكالعادة قالت وزارة الخارجية انها تنتظر قرار وزير الداخلية. ومكتب وزير الداخلية قال بانه ينتظر مصادقة الرئيس ابو مازن على قرار منح جوازات السفر للمغتربين, وبين يدي وزارة الخارجية ويدي وزارة الداخلية لم يبق على اسرة السجين ( مهرب المخدرات الفاشل) سوى ان يقبّّلوا رجلي المسؤولين.

بسيطة، قالوا، ثم توجهوا للصحافة، وحين وصلوا الى مكتبنا كان عصام امضى 26 سنة في السجن وينتظر الترحيل.
بسيطة، قال العبد الفقير الذي يكتب هذه الكلمات، ورفع سماعة الهاتف وهات يا مكتب الوزيرمحمد دحلان ، قالوا مشكورين: بسيطة ، ارسلوا الاوراق اللازمة، وطوال ستة اشهر ونحن نرسل الاوراق اللازمة، ثم لعب الفأر، لعب جدا، بصدورنا، ففتحنا عدة خطوط، وانضم الى قضيتنا الاخ عيسى قراقع رئيس نادي الاسير الفلسطيني والذي كنت اسمعه يقول للمسؤولين ( حرام يا ابو فلان, والله هذا ظلم, خليه يرجع لزوجته وابنه) دون جدوى.
فقلت انا وعيسى قراقع, وبعد ان يأسنا واكتشفنا ان القصة ليست بسيطة ( وفي الحقيقة خشينا من جبروت السفير الفلسطيني في مصر) قلنا : ان الامر يحتاج الى قائد صاحب خبرة، فتوجهنا الى الوزير( سابقا) الاخ صلاح التعمري فقال مثلنا جميعنا، بسيطة - هاتوا الاوراق اللازمة) فاعطيناه الاوراق اللازمة، ولكن كانت قضية الانسحاب من غزة في ذروتها، فانشغل الجميع, باستثناء اهله وعيسى قراقع وانا، نتصل ونتابع، نتوسل ونتمنى، نتحنن ونشيد ونشجب حتى جاء شهر آب / 2005 وكان الشاب امضى 27 سنة في السجن.
اتصل السجين عصام هاتفيا وقد انفقأت احدى عينيه من الحزن ولم يعد يبصر بها , وكان الحديث معه لرفع المعنويات، ثم اصبح يتصل يوميا. وصار في الايام الاخيرة يبكي، ثم صار يكثر البكاء، ثم، طلب مني شقيقه احمد ان اتحدّث معه واشرح له ان الانسحاب من غزة يتم وانه سيعود الى الوطن، ولكنه ظل يبكي ويبكي ثم مات، مات وهو يبكي على سماعة الهاتف، نعم مات وهذه قصة حقيقية لم اكن اتصور ان تحدث معي .
ذهبت الى بيت العزاء، فقالوا لي : ان مصر رفضت اخراج جثته للدفن وسألوني ماذا نفعل؟ قلت: اكتبوا شكر وتقدير لسفير فلسطين في مصر وانشروه في الصحف.  "إنتهت"

مرة أخرى لا أتمالك نفسي وتدمع عيناي وأنا أضع نفسي مكان عصام رحمه الله، فحتى وإن كان من أعتى المجرمين فقد دفع ثمناً سنوات طوال من عمره، ومن حقه أن يحصل على المساعدة التي تليق بآدمي، فكيف إن كان مظلوماً، اللهم وانتقم له من كل من زاد في معاناته ومأساته.

هل تكفي هذه المأساة؟ ربما، لكن وبالتأكيد سيقول البعض أنها حادثة فردية واستثناء، وأن القاعدة هي أن تهب "السفارات" لغوث أبناء الشعب الفلسطيني، ولهؤلاء أضيف المزيد من مآسي شعبنا على أيدي هؤلاء:

المأساة الثانية وأنقلها كما وصلتني على بريدي الإلكتروني هي ل"أسامة عامر ابو منيع الطالب والكاتب والباحث والصحفى الفلسطينى، مشاهد وأحداث القصة مدار حديثنا في هذا التقرير تتعلق بكاتب فلسطيني يمم وجهه شطر أرض الكنانة "مصر" بغرض دراسة الماجستير هناك، حاملاً معه الأمل والتفاؤل والاستبشار بمستقبل أفضل، وفي ذات الوقت هموما وطنية متأصلة ماجت في قلبه الكبير المفعم بالخير والنبل والإخلاص، فأبى إلا أن يكون سفيراً بامتياز لوطنه الحبيب الذي يعيش يوميا القهر والضنك والعذاب الذي لا ينقطع، وحلقة من حلقات التواصل الفلسطيني الأخوي البناء بأبعاده الثقافية والبحثية مع مصر،أرض العلم والثقافة، ومنبع الفكر والأخلاق والقيم الرشيدة.

لم يكن أسامة عامر أبو منيع مجرماً، كما لم يكن لصاً، أو مخرباً، أو مهدداً للأمن والاستقرار، حتى يحشر في أقبية الزنازين، أو تضمه جنبات السجون، جنباً إلى جنب مع القتلة واللصوص والمجرمين، لم يكن إلا شخصاً كريماً، ودوداً، منفتحاً، أحبه كل من قابله والتقاه، واحترمه كل من استمع إليه أو تعامل معه.
ما يثير الدهشة والاستغراب أن أسامة كان يتنقل بكل حرية بين "غزة" مسقط رأسه وبين "القاهرة" موطن دراسته دون أية عوائق أو إشكالات، فهو من حملة القلم المسخر لخدمة قضيته، المرتفع فوق الفئويات والعصبيات والحزبيات، الذي لا يتوانى في قول الحق على بساط الحقيقة دون وجل أو تردد، مما أكسبه ثقة وتقدير الجميع، وضاعف الدهشة الممتزجة بالغضب التي أعقبت ذيوع الخبر المفجع، الذي أصاب أعماق قلوبنا قبل أن يمس أوتار أسماعنا، خبر الاعتقال التعسفي الذي طاله منتصف شهر أغسطس/آب من العام الماضي 2004م.

كغيره من أبناء الشعب الفلسطيني كان أسامة، أنهى دراسته الجامعية الأولى في غزة، وقاده طموحه إلى إكمال مشواره التعليمي في مصر قبل سنوات قليلة مضت، وهناك اقترن بإحدى الفتيات الفلسطينيات اللاتي يقمن في مصر ويحملن الوثيقة المصرية، وأنجب منها مولوده البكر "خالد"، دون أن ينقطع عن دراسته التي تستلزم جهدا واضحا ووقتا ليس بقليل.

في ظلال دراسته الجامعية الثانية "الماجستير" كان الهم والوجع الفلسطيني حاضراً في عقل ووجدان أسامة على الدوام، فلم يستطع له فطاماً بعد أن التحم بشخصه وروحه، وأضحى جزءاً لا يتجزأ من كيانه، لذا كان قلمه حاضراً في مختلف المحافل الصحفية والإعلامية والبحثية، في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية والدوريات والندوات والمؤتمرات، يحلل الأحداث والمواقف والسياسات، ويضع الهم الفلسطيني على الأجندة الإقليمية العربية، ويفضح زيف وجبروت وإجرام الاحتلال الصهيوني، بمنطق رصين، وحجة دامغة، ولهجة موضوعية، وانفتاح على الجميع.
كان يتنقل في كتاباته بين صحيفة وأخرى، بين موقع إلكتروني وآخر، يشرح ويحلل، يذود ويدافع، يفسر ويناقش، يعمل ليل نهار دون كلل أو ملل، جامعاً باقتدار بين واجباته الأسرية، ودراسته الأكاديمية، ونشاطاته الصحفية.
وقدر له في الأشهر الأخيرة التي سبقت اعتقاله العمل كباحث في المركز العربي للبحوث والدراسات بمدينة غزة، فكان يزود المركز بآخر الأخبار والمستجدات التي تمس الساحة الفلسطينية في سياق التغطيات الصحفية والإعلامية والبحثية المصرية للشئون الفلسطينية، فضلا عن إعداد الدراسات والأبحاث الخاصة بالقضية الفلسطينية، والتي كان باكورتها دراسة "المقاومة الفلسطينية .. وإشكاليات التبني للعمليات العسكرية" التي شارك في إعدادها، ناهيك عن العديد من الأفكار والطموحات البحثية التي كادت ترى النور وتلامس الواقع لولا اعتقاله وتغييبه الجائر وراء القضبان.

لم يكد أسامة يستقر في القاهرة عقب زيارته لأهله وذويه وأحبائه في غزة صيف العام المنصرم، حتى فوجئ الجميع بنبأ اعتقاله منتصف شهر أغسطس/آب من العام الماضي، ولم تفلح كافة المحاولات التي بذلت بداية لمعرفة سبب الاعتقال، وغدا التضارب وتناقض المعلومات والتخمينات سيد الموقف، كما أخفقت كل المحاولات التي بذلتها زوجته في مختلف الدوائر القانونية لزيارته أو معرفة سبب اعتقاله، إلى أن تكشفت الأنباء عن المستور، وسمح بعد أسابيع طويلة وعناء كبير بزيارته، لتكون المفاجأة، وتكون الصدمة، التي ما كان لمثلها أن يكون في أي بلد عربي يدعي الحرص على الفلسطينيين ومصيرهم، ويدفع باتجاه تخليصهم من براثن محتليهم!
كان أسامة شاحبا، متعبا للغاية، فقد تعرض لأشد التعذيب حتى نقل إلى إحدى المستشفيات لمدة عشرين يوماً تقريباً، لتبدأ بعدها دورة مفرغة من الاعتقال الدوار كما يطلق عليه في الأوساط الحقوقية والسياسية.
فقد قدم أسامة للمحاكمة، ويا لها من محاكمة، كانت التهمة: التعاطف الفكري مع حركة حماس، والعمل لصالح المركز العربي للبحوث والدراسات، بما يعنيه ذلك من محاكمة للفكر وحرية الاعتقاد، ونفض لليد من الشعارات الكبيرة التي أطلقت وتطلق حول القضية الفلسطينية، وتخل عن المسئوليات والالتزامات التي قطعتها الشقيقة مصر على نفسها تجاه فلسطين وأهلها وقضيتها.

ومع ذلك فإن وزارة الداخلية المصرية التي تولت أمر اعتقال واتهام أسامة لم تنجح في مخططها بإدانته، فقد كان القضاء المصري شامخاً بكل المقاييس، فأصدر ثلاثة إفراجات متعاقبة بحق أسامة، دون أن تقبل الداخلية بتنفيذ أي منها، إلى أن لجأت إلى استصدار أمر اعتقال جديد، لتبدأ محنة جديدة ومعاناة جديدة وآلام جديدة، وهو ما يعرف بأسلوب الاعتقال الدوار.

ولا زال أسامة يرسف في أغلاله حتى اليوم، دون أن يجد له منصفاً، أو مخلّصاً من براثن القيد والسجان، أو معيناً على تجاوز المحنة التي جرعها قسراً وجوراً." وأضيف أن "سفاراتنا" الغراء لم تحرك ساكناً في هذه القضية، لأن الأمر ببساطة لا يعنيها.

مأساة أخرى ضحاياها هذه المرة طلبة فلسطينيون في الجزائر، وقضيتهم مع "السفارة" تحديداً وهاكم القصة أيضاً كما وردتني على بريدي الشخصي:

تقرير عن دور السفارة الفلسطينية في توزيع المنح الدراسية في الجزائر

مجموعة من الطلاب الفلسطينيين في الجزائر

1/6/2005

إن أهم ما في موضوع القبولات الصادرة من الدولة الجزائرية للطلبة  الفلسطينيين و أهم جزء من تلك القبولات يتم بطريقة غير شرعية كما سنبين لاحقا ، وبغض النظر عن مجموعة القبولات القادمة من أرشيف السلطة الفلسطينية في غزة عبر السيد حسين أبو العلا والتي هي مجموع ما يقدم عبر وزارة التعليم العالي وحركة فتح وما يقدم عبر الأجهزة الأمنية وفروع منظمة التحرير في الخارج وأهمها عبر عمان العاصمة الأردنية  .

 مجموعة ملفات ما يحمله أبو العلا والمسماة البعثة الرسمية تكون نوعا ما منطقية وممثلة لجزء من المجتمع الفلسطيني عموما ويبرز من خلالها نوع من المحسوبية عبر توسط الجهات لإعداد القائمة النهائية ، يعاب عليها أنها لا تركز على الطلبة المتفوقين ولا على الشرائح المتضررة من الانتفاضة ولا حتى أبناء الفئات الفقيرة التي يناسبها الدراسة في الجزائر لمجانية التعليم . وبساطة المصاريف مقارنة بالدول الأخرى أما الجزء الآخر من القبولات ويتجاوز عدده النصف فيتم كاملا بشكل غير رسمي ومقابل مبالغ مالية متفاوتة الأسعار حسب الجهة الساعية في ذلك وهم  كالتالي  :

-         مسئوول البعثة التعليمية في السفارة السيد محمود سليم ، صاحب الجنسية الجزائرية ، والذي له  سلطة كبيرة في إخراج قبولات من وزارة التعليم لعلاقاته المميزة مع مفوض الوزير السيد سعيداني ، ونائبه المكلف بقبولات شهادة الليسانس المدعو جمال ، وهو الذي يقوم بتلقي المبالغ المالية عبر عدة وسطاء فلسطينيين وحتى جزائريين وأهمهم على الإطلاق محمود سليم حتى إن المدعو جمال لا يقبل بأي ملف إلا بعد موافقة محمود سليم ولا بمكالمة تلفونية .

 

-          الجزء المهم من القبولات يكون مباشر إضافة إلى ملفات البعثة المرسلة رسميا من السيد حسين أبو العلا أو القبولات البديلة لتلك التي خرجت من الوزارة ولم يحضر أصحابها فيتم استبدالها بمجموعة أخرى يتم اغلبها بشكل غير سليم وبلا شروط تعليمية كالمعدل أو شروط وطنية كاستفادة فئة متضررة في الانتفاضة على سبيل المثال ، ولعل أي شخص من سكان قطاع غزة يستطيع الاتصال محمود سليم والاتفاق معه على استصدار مقرر  دراسي ، ويتم الدفع هناك محمود سليم ، ويدور سعر القبول ما بين  700 و 1000 دولار ،أضف  لذلك مجموعة من الهدايا وغالبا يتم الاتفاق مع أولياء الطلبة وليس مع الطلبة على أساس أن المبلغ هو عبارة عن رشوة كاملا للإدارة .

استطاع جهاز الأمن الوقائي عن طريق (ن أ ) رئيس الجهاز في الجزائر  أن يرسم عرفا وذلك بإحضار مجموعة تتجاوز 30 طالب ، وذلك بالتنسيق مع محمود سليم أو عبر علاقات استطاع نسجها مع المدعو جمال وحتى مع السيد سعيداني المفوض من الوزير واغلب هذه المجموعة أسماء هي من أبناء وأخوة أفراد جهاز الوقائي حيث يكون للسيد دحلان يوزعها  على من يحب وهذه المجموعة التي يتم استقدامها منذ حوالي أربع سنوات تمثل ركيزة لعمل محطة الوقائي الأمني ضد الطلبة الغير منتمين لنفس الجهاز حتى طلبة فتح الرافضين لعمل الوقائي الأمني فما بالك بالطلبة أصحاب التوجه الإسلامي المستهدفين أساسا بالرقابة والمضايقة الأمنية ،  هذه المجموعة تستقبل استقبال خاص من أعوان الأمن الوقائي وتستضاف في شقق لمقربين من الأمن الوقائي ويتم أحيانا جمعهم في مكتب الأمن الوقائي وبث أفكار الجهاز بينهم واستقطابهم للعمل داخل النقابة .

-         ويقوم بأغلب الجهود (ع ص نائب رئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في الجزائر)، والذي يقوم بتوجيه الطلبة داخل الجامعات ، والأخطر في نشاط عز الدين انه يستقطب الطلبة أصحاب التوجه الإسلامي من حركتي الجهاد وحماس على أساس انه صاحب ميول إسلامية وتجنيدهم وهميا لصالح الوقائي ، وتحريضهم على الطلبة الآخرين والحد من حركتهم داخل تجمعات الطلبة في الجامعات .

كما يقوم مكتب الأمن الوقائي بالمتاجرة بالقبولات غير تلك التي يرسلها الجهاز وبمبالغ مالية عبر أولياء الطلبة على أساس أن هذه المبالغ دولار 300 تذهب لجيب المرتشي في إدارة الوزارة وتتفاوت المبالغ من 700   إلى 1000 دولار ومتوسطها 500 دولار كأدنى سعر مع العلم أن المرتشي في الوزارة لا يحصل إلا على مبلغ100دولار ،  أو أحيانا سهرات في فنادق مميزة يقوم بها غالبا أفراد محطة الأمن الوقائي ، إضافة إلى تعاونهم الكامل مع سمسار كبير يدعى معتصم شحادة الذي تربطه علاقات جيدة مع أطراف من الوزارة وصلت لحد النسب حيث يساعد الأمن الوقائي في الحصول على اكبر عدد من القبولات الجامعية في مقابل أن يغضوا الطرف عن تجارته بالقبولات ،  حيث يصل تمن القبول إلى 2000 دولار اغلبهم من أبناء الجالية الفلسطينية في السعودية والخليج وعمان حتى عبر الضفة الغربية ، حيث يوجد له شبه مكتب هناك ويساعده الأمن الوقائي في التكفل بالاجراءت الرسمية في السفارة وفي المطار لإخراج القبولات التي يستخرجها لحسابه الخاص بشكل رسمي ، إضافة إلى استفادتهم من هؤلاء الطلبة في نشاطاتهم داخل التجمعات الطلابية .

في النهاية هذه التجارة مربحة جدا في القبولات التي يتجاوز عددها250 طالبا فقط ،يتم عبر حسين أبو العلا ،  أما باقي العدد فيتم بالشكل الذي أسلفناه للعلم السفير يعلم بما يتم جيدا ويتم غض الطرف عنه على أساس انه مكسب لصالح الشعب الفلسطيني .

و الخطورة تكمن :

-         في نوعية الطلبة المستقدمين وغالبا هم من أصحاب المعدلات الضعيفة  والسلوكيات السيئة التي أضرت بسمعة القضية في الجامعات الجزائرية جعل المنحة المقدمة مجانا للشعب الفلسطيني مصدر استرزاق لتجار وسماسرة وأجهزة أمنية وتحويلها نقمة على أهل الطلبة الشغوفين لتعليم أبنائهم .

-         تكريس وجود فئات لا تمثل شعبنا المجاهد قي الجامعات الجزائرية مما  أساء لصورة الجهاد النضال الفلسطيني

-          استغلال الطلبة الذين تم مساعدتهم للقدوم للجامعات في أعمال أمنية  لصالح الأمن الوقائي وتدريبهم على التخابر ممارسة خاصة ضد الطلبة أصحاب التوجه الإسلامي وغض النظر عن سلوكياتهم الأخلاقية المشينة من زنا وخمر ومخدرات" إنتهى التقرير.

هناك المزيد والمزيد، لكن الإطالة تصيب بالملل، وهناك ساحات ومآسي أخرى سأتناولها وبالتفصيل، ليس آخرها قضية الطبيب الفلسطيني المحكوم بالإعدام أشرف الحجوج، ولا معاناة أهلنا في العراق، خاصة في ظل الدور الوضيع الذي يقوم به ممثلو الفساد ورموزه في "السفارات" المعنية في تجريم الضحية وإيجاد المبررات للجلاد.

اتهامات باطلة، تعميم مرفوض، انتقاص من الإنجازات، كلام مردود، طرح غير منطقي، كل ذلك سأتقبله وأتغاضى عنه رغم أن لدي الدليل بل الأدلة على ما أقول، لكن كرامة الإنسان الفلسطيني لا يمكن التغاضي عنها، أو المجاملة فيها، فمعاناة الفلسطيني أهم من مؤخرة سيادته المنزلقة الغضروف، وأهم من صراعات الوزير والوزير على السفارة والسفير، لهذا أكرر

تعساً لكم، فيما تختلفون وأبناء شعبنا يموتون؟

وللحديث بقية

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع