الكباريتي والمجالي والمصري مرشحون لخلافة البخيت على رأس الحكومة الأردنية
كونفدرالية تضم الضفة الغربية للأردن تناقش الآن في واشنطن
عمان ـ شاكر الجوهري: 30/5/2006
بدأ العد التنازلي لتشكيل حكومة اردنية جديدة تخلف حكومة الدكتور معروف البخيت التي شكلت في تشرين أول/اكتوبر
من العام الماضي.
التقارير المتداولة على أضيق نطاق, خاصة داخل الوسط الدبلوماسي, تؤكد أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني تخلى عن نظريته التي بدأ بها عهده, وقامت على ضرورة اطالة عمر الحكومات.
ثلاثة مؤشرات بالغة الدلالة تتناولها هذه التقارير, تؤكد بدء العد التنازلي لحكومة البخيت:
أولا: حل مجلس الأمة الكويتي.
ثانيا: تردد البخيت في احداث أي تغيير اصلاحي منذ تولى الحكم قبل سبعة أشهر.
ثالثا: الزيارة الحالية التي يقوم بها الملك عبد الله لواشنطن.
حل مجلس الأمة الكويتي أفقد حكومة البخيت الأمل الوحيد الذي كان متبقيا لها كي يطيل عمرها, ذلك أن الزيارة التي قام بها للكويت مؤخرا انعشت الأمل الأردني بإمكانية استئناف المساعدات النفطية للأردن.
لقد أسفرت تلك الزيارة عن ابداء الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت, والشيخ ناصر محمد الصباح رئيس الوزراء, تفهمهما لحاجة الأردن للمساعدة النفطية, واتفق على استئناف بحث الأمر لاحقا. وفهم في حينه أن القرار الرسمي الكويتي ينتظر
موافقة مجلس الأمة.
حل مجلس الأمة الكويتي
لم يكن متوقعا أن يعمل الأمير ورئيس وزرائه على اقناع مجلس الأمة بعدم معارضة مساعدة الأردن, خاصة وأن أحمد
السعدون رئيس مجلس الأمة السابق هو الذي أثار قضية المساعدة النفطية للأردن, وما اعتراها من ملابسات, جعلت من
الكويت بوابة استئناف المساعدات النفطية الخليجية, لا السعودية, كما هو الحال في عموم القضايا الأخرى.
لذلك, فقد تضمن برنامج زيارة البخيت للكويت لقاء مع جاسم يعقوب الخرافي رئيس مجلس الأمة, عله يلعب دورا في
اقناع النواب بتمرير المطلب الأردني. غير أنه بالتزامن مع زيارة البخيت, كانت الأمور تتفجر بين الحكومة ومجلس الأمة, وصولا الى صدور قرار اميركي بحل المجلس واجراء انتخابات مبكرة.
صباح الأحمد بقراره هذا أغلق باب المساعدات الكويتية للأردن, لأنه من غير المعقول أن يقرر ذلك في غياب مجلس
الأمة, لانعكاسات مثل هذا القرار على نتائج الإنتخابات التشريعية, لصالح المعارضة. وهو في ذات الوقت أغلق أبواب الدول الخليجية الأخرى في وجه الأردن, طالما أن الكويت لم تقدم على خطوة عملية تدلل على اقتناعها بالتفسير الأردني للملابسات التي سبق أن ناقشها نواب الكويت.
فتح ابواب المساعدات النفطية الكويتية كان البخيت يعول عليه أن يلفت الأنظار بعيدا عن ملف الإصلاح الذي أبقته
حكومته مغلقا منذ تشكيلها. ولذلك سارع الى الإعلان عن أن حكومته ستنفذ قبل نهاية العام الحالي معظم مخرجات وتوصيات لجنة الأجندة الوطنية.. وهي اللجنة التي قدمت توصيات ومقترحات لتنفذ على مدى عشر سنوات, وكان البخيت سارع بداية تشكيل حكومته الى اعلان عدم الزامية مخرجات هذه الأجندة, فهو قد ينفذ منها ما يقتنع به.
زيارة واشنطن
سوء الطالع, أجرى كذلك انتخابات مبكرة في اسرائيل, بعد الجلطة التي طرحت شارون في فراش الغيبوبة, فتوجب
أن يزور ايهود اولمرت رئيس الوزراء الجديد واشنطن, ويلتقي الرئيس الأميركي جورج بوش, وهو ما يوجب, وفقا للتقليد
المتبع أن يزور العاهل الأردني واشنطن يتبع (بتشديد الباء) وراء خطوات اولمرت, ويحاول استكشاف ما وصل إليه من
اتفاقات مع الإدارة الأميركية, قد تنعكس سلبا على أمن الأردن ومستقبله.
قبل ذلك بأشهر قليلة, كان وفد من الكونغرس الأميركي تقدم بمذكرة خطية, تقع في 50 صفحة, لوزارة التخطيط الأردنية يطلب فيها تشكيل حكومة اردنية منتخبة قبل نهاية 2007, وإلا فإن الكونغرس لن يقر أية مساعدات للأردن بعد الآن.
لذا, كان منطقيا أن لا يصطحب الملك البخيت معه في زيارته لواشنطن, حتى لا يسأله أحد من الكونغرس, أو من
الإدارة: ما هي الإصلاحات التي حققتها حكومتك..؟ لكن مثل هذا السؤال لا بد من أن يطرح على الملك.
وللتذكير, فإن الملك حين يطرح عليه مثل هذه الأسئلة لا بد أن تترتب عليها قرارات واجراءات في مثل أهمية السؤال
ذاته. فمثل هذه الأسئلة أدت الى اتخاذ الملك قرارا بإقالة حكومة المهندس علي أبو الراغب أثناء جولة كان يقوم بها لدول
جنوب شرق آسيا ودبي. حينها تم الإتصال من دبي مع أبي الراغب, الذي كان يقضي اجازة في سويسرا, وأبلغ بضرورة
العودة الى عمان كي يقدم استقالة حكومته.
ومثل الواقع الذي تمر به حكومة البخيت, مرت به من قبل حكومة فيصل الفايز, حيث زار الملك واشنطن دون أن
يصطحب رئيس حكومته معه, وعاد من هناك ليكلف الدكتور عدنان بدران بتشكيل حكومة جديدة, امتد عمرها لسبعة أشهر.
وها هو الملك يزور واشنطن ثانية بدون رئيس وزرائه, فيما ترتفع وتيرة التوقعات بأن حكومة جديدة باتت مرشحة
لأن تشكل, قد يتأخر تشكيلها الى نهاية الدورة الإستثنائية لمجلس الأمة المتوقع عقدها في حزيران/يونيو الجاري, ما لم
يرتأي الملك أن لا ضرورة للتأخير.
جدول الزيارة
بالطبع, العاهل الأردني ليس موجودا في واشنطن لبحث مصير حكومة البخيت. فالزيارة الملكية تتركز أساسا, وفقا
لمعلومات ذات التقارير على:
أولا: بحث نتائج زيارة اولمرت وانعكاساتها المتوقعة على مصالح ومستقبل الأردن.
إن موافقة بوش على خطة الإنسحاب الأحادي من الضفة الغربية, وفقا لحدود الجدار الأمني تشكل تهديدا بالغ الخطورة
للأمن الأردني, لأن هذه الخطة تعني هجرات فلسطينية متتالية نحو شرق نهر الأردن, من شأنها زيادة المعادلة الديمغرافية
الأردنية خللا.. وهنالك من يرى ما هو أخطر من ذلك.
ثانيا: إذا كانت خطة شارون ـ اولمرت, بما تمثله من خطورة أمنية على الأردن, هي قدر الأردن والفلسطينيين سواء
بسواء, فإن الأمر يستدعي تحركا تكتيكيا ذا غايات استراتيجية بالغة الأهمية تتمثل في العمل على تحصين الأردن في مواجهة هجرات فلسطينية جديدة, وحماية الأراضي الفلسطينية التي يشملها الإنسحاب الأحادي من اعادة احتلال جديد.
هنا تكشف المصادر عن أن العاهل الأردني متوافق مع محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية على اقامة اتحاد
كونفدرالي بين الأردن والضفة الغربية, أو الأراضي التي يمكن أن تنسحب منها قوات الإحتلال الإسرائيلي, على أن
تظل غزة على حالها, مع احتمال قيام مصر بدور أمني فيها, قد تفرضه الظروف. وهكذا خطة, لا بد من أن تطرح على
ادارة بوش, مع ضرورة التأكيد على أهمية أن يكون الإنسحاب الأحادي والمحدود من الضفة الغربية خطوة في اطار تطبيق
خارطة الطريق, بهدف إبقاء الباب مفتوحا أمام المطالبة بخطوات أخرى لاحقة.
ثالثا: مطالبة الإدارة الأميركية بزيادة مساعداتها المالية للأردن, والتي تقتصر فقط على 450 مليون دولار, منها 250
مليون دولار مساعدات عسكرية..! أي أن اميركا تقدم للأردن شيئا من الفتات, مقارنة بما تقدمه للدول الأخرى.
فماذا إن ارتفعت اسعار النفط مجددا في الأسواق العالمية..؟
لقد أعدت الموازنة العامة للدولة الأردنية على أساس سعر 62 دولار لبرميل النفط, وحين قفز السعر الى حاجز
الـ70 دولارا, تقدمت الحكومة بمشروع قانون ملحق بالموازنة اعتمد سعر 64 دولارا للبرميل, في وقت تزداد فيه التوقعات بأن تواصل أسعار النفط ارتفاعها لتتخطى حاجز المائة دولار, في وقت وعد فيه البخيت الأردنيين أن لا يرفع أسعار
المحروقات مرة أخرة خلال العام الحالي, بعد أن رفعت لثلاث مرات متتالية خلال بضعة أشهر, على نحو أشعل حرائق في
جيوب المواطنين.
المراقبون والمحللون مجمعون في عمان على أن ارتفاع اسعار المحروقات على هذا النحو المتوقع من شأنه أن يهز أمن واستقرار الأردن بعنف غير مسبوق.
ثلاثة مرشحين
لذا, لا بد من عملية انقاذ استباقية, أحد خطواتها المبكرة الزيارة الملكية الحالية لواشنطن, أما الخطوة اللاحقة فهي
تشكيل حكومة جديدة مرشح لها أحد ثلاثة:
الأول: عبد الكريم الكباريتي, رئيس الوزراء الأسبق, الذي يشغل رئيس مجلس ادارة البنك الأردني الكويتي, وتربطه
أوثق العلاقات مع الكويت.
الكباريتي هو أفضل من يمكنه فتح أبواب المساعدات النفطية الكويتية, ومن ثم الخليجية, للأردن. فعلاقاته مع الدول
الخليجية أكثر من جيدة. وهو موضع ثقتها, لأنه وقف الى جانبها بمواجهة العراق سنة 90/91, ولأنه يدير البنك الأردني ـ الكويتي بكفاءة مشهودة, وكذلك لأنه يستطيع أن يقول "لا" لمن يلزم في وقت اللزوم.
الى ذلك, فإنه يحظى برضى الديمقراطيين في اميركا, وإن كان للجمهوريين تحفظات عليه, بسبب موقفه من اسرائيل.
الثاني: عبد الهادي المجالي, رئيس مجلس النواب, الذي تربطه علاقات جيدة مع الدول الخليجية, كما أنه يستطيع
الإستعانة بعلاقات شقيقه الدكتور عبد السلام, في هذا المجال, من أجل اعادة فتح ابواب المساعدات الموصدة.
الثالث: طاهر المصري, وهو من أصول فلسطينية, وسبق أن شغل رئاسة الوزراء سنة 1991.
ويحتفظ المصري بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة, وكذلك مع الدول الخليجية. كما أن عمه صبيح, وهو مليونير يملك استثمارات كبيرة في السعودية, ويحمل الجنسية السعودية, يستطيع أن يفتح ابوابا خليجية امامه.
والى ذلك, فإن المصري الذي يتميز بدماثته, ويقيم علاقات جيدة مع مواطنيه من أصول فلسطينية, وكذلك مع محمود
عباس رئيس السلطة الفلسطينية, ومع الإسلاميين في الأردن, وكذلك مع قادة "حماس" حين كانوا يقيمون في الأردن, يمثل
مدخلا مناسبا لتسويق فكرة الإتحاد الكونفدرالي مع الضفة الغربية. وهو الى ذلك متزوج من سيدة كركية تعود جذورها الى
الشام.
ويحلو للبعض أن يضيف الى هؤلاء الثلاثة سعد هايل السرور, رئيس مجلس النواب السابق, الذي أقام لفترة من
حياته في السعودية, عمل خلالها مهندسا, وأقام علاقات جيدة مع شخصيات نافذة فيها.
المصادر تؤكد أن خطوة التغيير الأولى متمثلة بتعيين الدكتور باسم عوض الله مديرا لمكتب الملك, لا بد من أن تتبعها
خطوة في حجم تشكيل حكومة جديدة, يفترض أن يكون رئيسها على توافق مع عوض الله, وهذا في المعادلة الأردنية أمر
ليس سهل المنال.
|