نتائج كمب الشيخ ديفيد

بقلم نضال حمد
 

بدأ رجال الصحافة والإعلام الحديث اليوم عن إطلاق سراح أسرى ومعتقلين، وعن أن سلطات الاحتلال قد أبلغت 550 أسيراً فلسطينياً من نزلاء أو رهائن معتقلات وسجون مجدو وعوفر والنقب بأنه سيتم إخلاء سبيلهم صباح يوم الاثنين القادم ...

كان محمود عباس "أبو مازن" المتفائل بغانديته (من غاندي) السلمية المندفعة، قد وصل إلى شرم الشيخ بدعوة من شيوخ التطبيع في بلاد العرب، وقد سافر رئيس السلطة الفلسطينية المنتخب برقابة أمريكية ودولية وعربية،مع وفد كبير وعريض مؤلف من عتاريس السلطة وأشبالهم من شجعان عملية السلام، التي لازالت تسير على كرسي أمريكي مصري أردني متحرك إلى القمة وهو يفكر بما سيتمخض عنها وبما سيأتي بعدها.. فالعربة الأمريكية ورغم تطورها وما وضع فيها من علوم تطبيقية أمريكية، إلا أنها تبقى عاجزة عن قهر العلوم الجهادية والمقاومة الفلسطينية.. فكل معني بأمر شرق المتوسط يعلم أنها توجه بالرومونت كونترول وتسير كقطار أمريكي يحمل علم دولي لكن على سكة إسرائيلية، حيث أن السائق القادم من وراء المحيطات يسير وفق ما يراه حكام تل أبيب وبحسب تعليمات مدير السكك الحديدية الدولية جورج بوش ..

في زمن الشجعان من عرب قحطان وعدنان صار للعربي مكانة أرفع من مكانة الذباب على مزابل السلام الدولية... والاهم أنه صار لهم منتجعهم الخاص، فبدلا من أن يذهبوا إلى كمب ديفيد في أمريكا صارت أمريكا كمب ديفيد تجيئهم إلى منتجع شرم الشيخ. فهناك في منتجع الشرم والذي أصبح كمب ديفيد العرب عملا بوصية غير مكتوبة لشيخ المسالمين والمصالحين والمطبعين الرئيس الراحل أنور السادات، التقى المطبعون العرب بالمطبلين وبالمزمرين من الأمريكان والإسرائيليين..

في شرم الشيخ أو كمب ديفيد الأمة العربية العتيدة ذات الرسالة الفريدة، التقى بعض زعماء الأمة مع نجم السلام المٌلمع شرمشيخياً أرييل شارون.. ولمن لا يدري فأن اسم أرييل باللغة العبرية يعني الأسد (عرفت ذلك من احدهم يوم امس)، وأسد الصهاينة المتوحش شارون يحتل عرش ملوك الغابة الصهيونية العبرية منذ غزواته الدموية الشهيرة، حيث قام بإعدام الجنود المصريين الأسرى وهم أحياء في صحراء سيناء غير بعيد عن منتجع شرم الشيخ.كما قام بعشرات المجازر لم تكن مذبحة صبرا و شاتيلا في لبنان سنة 1982 سوى واحدة منها، ولن تكون آخرها مجازر الانتفاضة في مخيمات جنين ورفح وخان يونس وغيرها..

ها هو أسد الصهاينة يمتد بسيطرته لتشمل عروش الغابة العربية ، فسيناء التي قيل و يقال أنها عادت عربية بعد معاهدة كمب ديفيد التاريخية، ها هي تعود تدريجيا لتصبح أفضل محطة لنشر العبرية الفصحى والصهيونية الوقحة في الدول العربية السمحة. ففي شرم الشيخ تقام المؤتمرات التي تصنع وتأتي بالسموم السرية والعلنية لبيت الأمة العربية. والأنكى أنها تقام برعاية سامية من بعض القيادات العربية، حيث يفتتحها العربان، ثم يقودها الأمريكان، بعدما يكون كل شيء تم تفصيله حسب الوصفة التي يراها أسود بني صهيون.

من المستفيد من شرم الشيخ و بلاويه (مصائبه) غير شارون وأشباله من قطعان القتل والافتراس والتوحش والعدوان على الأبرياء؟

ماذا جلب أبو مازن للشعب الفلسطيني من قمة شرم الشيخ ؟

هل يعقل أن يتحدث أي إنسان عاقل عن وقف متبادل لإطلاق النار؟

أي نار تلك التي يمتلكها شعب فلسطين الأعزل ؟

فالنار موجودة عند ارييل شارون وجنده من القتلة المحترفين، هم من يحتل السماء والبحر والبر.. وهم من يقوم بإطلاق النار يوميا وبدون سابق إنذار.. ومادام الأمر كذلك فكيف ينجر اسود وأشبال اوسلو من الفلسطينيين لتلك المصيدة ويقبلون التحدث عن وقف إطلاق النار، وهل هناك حرب بين جيشين أم أنها انتفاضة شعب ومقاومة شعبية تواجه جيش من أقوى وأحدث جيوش القتل العالمي؟؟؟..

هذا من ناحية أولى، أما من ناحية أخرى فمن هم هؤلاء الأسرى المزمع إطلاق سراحهم يوم الاثنين المقبل أو بعده ؟

هل هم من المحكومين بالمؤبدات وعشرات أو مئات السنين؟

هل هم من النساء والأطفال الرهائن الأسرى في سجون الاحتلال؟

قرأت أسماء العشرات ممن يزمع الاحتلال إطلاق سراحهم ولم أر اسم أي فتاة أو امرأة فلسطينية معتقلة أو محكومة بمؤبد أو حتى موقوفة إدارياً .. ثم ماذا عن الأسرى القدامى وأسرى فلسطين التاريخية والطبيعية من ال1948؟

إن قضية الأسرى ليست في إطلاق سراح بضع مئات من الإداريين أو من ذوي الأحكام القصيرة، بل هي تكمن من الأساس في حرية الأسرى الذين لازالوا رهائن مختطفين ومعتقلين في سجون الاحتلال، ومنهم بالطبع من هم في السجن منذ منتصف السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، كذلك الأطفال والنساء والفتيات.

إن أي اتفاق مع الجانب ألاحتلالي لا بد بداية أن يضع حداً لمشكلة مواصلة اعتقال وأسر ورهن 8000 فلسطيني وعدد قليل من الفدائيين العرب وعلى رأسهم عميدهم الأسير العربي اللبناني سمير القنطار الشامخ كجبل الشيخ وليس العاجز كجماعة شرم الشيخ.

إن إعطاء فرصة لأبي مازن كي يجرب أسلوبه الغاندي ويحاول برهنة تفاؤله لا يعني بتاتا التخلي عن حق الشعب الفلسطيني في المقاومة والدفاع عن نفسه ومواجهة عدوان الاحتلال. لأنه من حق الشعب الفلسطيني وقف محمود عباس أو غيره عند حدهم في حال تخطوا الحدود الوطنية المعروفة والمتفق عليها. فحتى عرفات نفسه وبكل عظمته لم يتجاوز تلك الحدود. وبالتأكيد فأن شعب فلسطين لن يسمح لأي كان بتجاوزها، لا في كمب الشيخ ديفيد ولا في غيره.

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع