البيان قبل الأخير
لفتح...
يونس العموري
كاتب فلسطيني - القدس
11/8/2005
لربما تكون الكتابة بالشأن الفتحاوي من أصعب
الكتابات ومن أخطرها بذات الوقت على اعتبار أن الإطار
الفتحاوي عموما إطارا غير
ثابت وديناميكي الحركة باستمرار بصرف النظر عن التوافق مع
مثل هذا المتغيرات بفتح..
وبمعنى أخر فإن فتح الحركة لا يمكن اعتبارها اليوم حركة
مضبوطة الفعل ومُسيطر على
أداؤها أو أن متغيراتها متوافقة ورغبة قيادتها التي لا
يمكن حصرها أو فهم مجريات
فعلها وحتى اعتبار أن القيادة (اللجنة المركزية) تشكل قمة
الهرم فيها.. فطالما كانت
اللجنة المركزية مصدر القرار وبالتالي التوجيه والفعل
وحتى الضبط والربط والتي أضحت
اليوم مجرد واجهة لا تصدر عنها القرارات أو التوجيهات
وهذا ما نلمسه على الأقل هذه
الأيام من تفاعلات داخلية بكافة الأطر الفتحاوية في ظل
غياب واضح للجنة المركزية
ولقمة هرمها نظريا (رئيس اللجنة) الذي بلا شك انه غائب
على الأقل إعلاميا عن المسرح
الفتحاوي الداخلي وبكل ما يتصل به في ظل هذه المرحلة
الخطرة والحساسة من عمر فتح
حيث استحقاق الفعل الانتخابي العام للمجلس التشريعي
الفلسطيني (برلمان الضفة
والقطاع)... والذي بلا شك انه سيتشكل معه شكلا ومضمونا
جديدا للأداء الفلسطيني وعلى
مختلف الساحات والجبهات بسبب أن كافة أطياف اللون السياسي
الفلسطيني مشاركة
وبفاعلية في الانتخابات.. الأمر الذي يحمل معه الكثير من
الدلالات والمعاني..
والأمر ذاته على الصعيد الفتحاوي فقد ولى زمن مركزية
القرار الصادر من قمة الهرم
التنظيمي لفتح والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه هنا هل فتح
ما قبل الانتخابات هي
ذاتها ستكون فتح ما بعد الانتخابات.. ؟؟ وهل يمكننا أن
نسمي الفعل الانتخابي هذا
تحدي حقيقي تواجهه فتح الحركة والتنظيم والقدرة على
استيعاب المتغيرات على الساحة
الفلسطينية الداخلية حتى في ظل الشرذمة التي تعاني منها
الحركة والتي تبدو واضحة
المعالم بكل تفاصيل المشهد التنظيمي وتجاذباته كخطوة أولى
على طريق البرايمرز
الفتحاوي المنتظر الذي اشكك في جدواها في دمقرطة فتح أو
غيرها من الحركات
والتنظيمات الفلسطينية التي لطالما إدارة أزماتها
الداخلية دون اللجوء إلى ما يسمى
بفعل البرايمرز.. إن الواقع الفتحاوي اليوم ليؤكد مرة
أخرى أن هذه الحركة تمر بمخاض
من الصعب التنبؤ بنتائجه في الظرف الراهن.
وهذا
إنما يعكس برأيي حقيقة واقع
ومعطيات اللجنة المركزية التي تجمدت في فعلها ولم يعد لها
أي حضور تنظيمي على مستوى
القاعدة الفتحاوية العريضة هلامية الشكل إذا ما جاز لنا
تسميتها بالقاعدة حيث لا
انضباط فعلي لها وفقا للأصول التنظيمية أو الحزبية
المتعارف عليها والمستندة على
أساس اللوائح الداخلية المحددة لطبيعة الحقوق والواجبات..
إن مجريات الأمور في فتح لتؤكد أن ثمة انفلات واضح
في الأداء وعدم قدرة القيادات أو الكوادر على مختلف مستوياتها من لملمة
الشمل
الفتحاوي وهذا على الأقل ما أكدته انتخابات المجالس المحلية حتى الآن
بمراحلها
الثلاثة حيث أننا قد رأينا أكثر من قائمة لفتح تخوض الانتخابات في نفس
الموقع وكان
التنافس على أشده برغم أن هذه القوائم كانت قد رفعت شعارات فتح وتنافست
على الأصوات
ذاتها التي من المفترض أنها مؤيدة لسياسات فتح عموما.. والسؤال الأكبر
هنا.. لماذا
وافقت فتح الحركة وفتح القيادة على مثل هذه الشرذمة..؟؟ ومن الذي يملك
الحقيقة
الفتحاوية..؟؟ أو من الذي يملك الشرعية الرسمية لفتح حتى يخوض الاستحقاق
الانتخابي
باسمها..؟؟ والسؤال الأهم برأيي من أين تأتي الشرعية..؟؟ بمعنى من هي
الجهة المخولة
في فتح بمنح المرسوم الشرعي والفتوى الشرعية التنظيمية لكل الخلافات
والاختلافات في
الإجتهادات بصرف النظر عن صوابيتها..؟ من الذي يملك حقيقة الحسم..؟؟ ففي
الوقت الذي
كان الأسير مروان البرغوثي ينوي ترشيح نفسه لمنصب رئيس السلطة الوطنية
أصدر أبو
اللطف رئيس اللجنة المركزية لفتح بيانه الشهير الذي اعتبر فيه مروان وفي
حال ترشحه
للانتخابات قد خرج عن الصف الفتحاوي وهذا ما كان حسما أو فتوى تنظيمية
صادرة عن قمة
الهرم التنظيمي... ولكننا اليوم نشهد غياب واضح وحقيقي لمسألة الرأي
التنظيمي
القاطع الصادر عن المؤسسة الرسمية اتجاه كل ما يعصف بالساحة الفتحاوية من
اجتهادات
وخلافات بالرأي وهذا ما يهدد فتح وديمومتها واستمرار فعلها... ولعل
استحقاق
انتخابات المجلس التشريعي القادم سيثبت هذه الحقيقة...
إن فتح مدعوة اليوم لإعادة ترتيب بيتها الداخلي
ولملمة أطرها وإعادة تفعيل مؤسساتها وفق آلية الفعل المنسجمة ومتطلبات
المرحلة
السياسية والكفاحية.. وفي هذا السياق فلم يعد يخفى على احد تعدد الآراء
المتناقضة
الصادرة عن قيادات فتح اتجاه مختلف المسائل السياسية المصيرية أو فيما
يخص الرؤى
المتعددة اتجاه المسألة النضالية الكفاحية والتي بلا شك أن فتح بشكل لو
بأخر قد
خاضت غمار التجربة النضالية هذه بشتى صورها وأشكالها خلال الانتفاضة
الثانية
(انتفاضة
الأقصى)... ولكن هل كانت حركة الكفاح هذه تحظى بمباركة فتح القيادة..؟؟
أو
هل هي بالفعل كانت تنفذ بإرادة القادة هؤلاء...؟؟ .. بمعنى هل الفعل
النضالي
الفتحاوي على مدار السنوات الخمس الماضية قد تولد نتيجة قرارات قيادية
فتحاوية..؟؟
اشك في ذلك... والواقع أكد ويؤكد أن الفعل الكفاحي الفتحاوي إنما مورس
ويمارس خلال
هذه الانتفاضة بمعزل عن رأي وقرارات قيادات فتح الرسمية.. الأمر الذي عكس
بذاته على
الساحة الفلسطينية بشكل عام ونشوء ظواهر مراكز القوى المتعددة التي بدأت
بممارسة
الدور السلطوي في الكثير من الأحيان والمواقع حيث انتشار ظاهرة السلاح
غير المُسيس
وبالتالي ما يعرف اليوم باسم ظاهرة الفلتان الأمني.
في واقع الأمر هي أسئلة كثيرة ومتعددة اعتقد أن
التاريخ كفيل بالإجابة عليها... ولكن لطالما أن المشهد
العام لفتح يتجه هذه الأيام نحو كشف كل الخبايا
على أساس أن العملية الانتخابية وعلى الأقل الداخلية
(
البرايمرز) فأعتقد
أن
هؤلاء
المتنافسون على مقاعد قوائم فتح في الانتخابات النيابية
لن يدخروا جهدا في الإجابة عن مثل هذه الأسئلة
والاستفسارات والتي سيتبرع الكثير للإجابة عليها
إذا ما تم طرحها... فكل شيء مبرر أمام التنافس الانتخابي هذا... ولم
تعد فتح لتملك الأسرار التي من الممكن أن تحجبها عن
جمهورها المتجاذب هذه الأيام ما بين أمراء
القبائل الفتحاوية العديدة والمتعددة...
|