بصراحة: على ماذا تُراهن السلطة
الفلسطينية؟؟
بقلم:
د. شكري الهزيل *
كتب
ومازال يكتب الكثيرون من الكُتاب الفلسطينيين وغيرهُم عن انتفاضة الاقصى
والوضع الفلسطيني الراهن والعدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني، ولكن من
اللافت للنظر ان أكثرية الشعب الفلسطيني على يَقِين بِأن شارون مُجرم حرب
إقترن إسمهُ بكل أشكال الجرائم البشعه التي ارتكبتها الصهيونية بحق الشعب
الفلسطيني مُنذ ما قَبل عام 1948 وحتى يومنا هذا. ولا نَحتاج هُنا لسرد
جرائم شارون المُستمرة بحق الشعب الفلسطيني وهي ماثِله للعيان وواضحة في
جباليا كما كانت واضحة في قبية والسموع والدوايمة وصبرا وشاتيلا، وإن شئتُم
على كُل متر مربع في فلسطين.
ما
يَهمنا هُنا ليس تاريخ شارون الواضح وضوح الشمس، لا بل رهان بعض
الفلسطينيين العاجزين على "مصداقية" شارون وخطة لـ"الانسحاب من غزة" من
جهة، والحفاظ على بقاء نظام فلسطيني فاسد وعاجز ويُمارس الانفصام الصارخ
بين ثُله فلسطينية تَدَّعي "القيادة والواقعية" وبين واقع احتلال مُجرم
ويُجرم بحق الشعب الفلسطيني بشكل بشع من جهة ثانية، وبالتالي يبدو واضحا ان
الانتفاضة الفلسطينية لم تكشف فقط عن وجه اسرائيل البشع، لا بل عن مأساة
فلسطينية داخلية تتجلى في تكتيك ورهانات "سلطة فلسطينية" أضَرَّت بالقضية
الفلسطينية الى حَد بعيد ناهيك عن أنها تَركَت وتَتَرُك آثاراً وعواقب على
مُجمل مُستقبل الشعب الفلسطيني.
يبدو
جَلِيا ان تكتيك ورهان ثُلل واجنحة السلطة الفلسطينية يتلخص في النقاط
التالية:
1-
التَمسُك بوهم وسراب "اوسلو" للمُحافظة على مصالح وامتيازات ثُلة من
الفاسدين ومُشتقاتهُم ممن إرتبطوا بالمصالح الاسرائيلية والامريكية والنظام
العربي الاقليمي!
2-
الانفصام المُبرمَج عن واقع الشعب الفلسطيني المُقاوم والرازح تحت الاحتلال
الاسرائيلي من جهة، وتحت "قيادة" سلطة فلسطينية وَهمية لا تَهِش ولا تَنِش
إلا عندما تتتعرض مصالح أعضاءها للخطر من جهة ثانية!
3-
الادانة اللفظية وتحميل المسؤولية "للمجتمع الدولي" كما يفعَل مستشار رئيس
السلطة الفلسطينية دوما في اسطوانته المشروخة دون التَطرُق من بعيد او قريب
الى موقف الانظمة العربية التي تُكيل لها ثُلة "اوسلو" الشُكر تلو الشكر
بغيرحق وبوقاحهة واستخفاف بالواقِع والعقل الفلسطيني: هل يُعقَل كيل المديح
"للشقيقة" مصر بينما الشعب الفلسطيني يُذبَح بهذا الشكل الاجرامي امام
عيون"الشقيقة" وعلى مَرمى حجر جُغرافيا من حُدود "الشقيقة"؟؟
4-
الرهان على مرور العاصفة والعواصف المُتمثلة في الجرائم والاجتياحات
الاسرائيلية للمناطق الفلسطينية ومن ثُم العودة الى الإمساك بزمام "مبادرات
سَلامِيه" وهمية تضمن استمرار نهج وفساد السلطة الفلسطينية! وفي المُقابل
إزدياد الوضع الفلسطيني تَعقيدا وإزدياد وتيرة الجرائم الاسرائيلية في ظِل
تَصريحات باهِتة وخانِعة يطلقها مسؤولو"سلطة" يُراهِنون على "الواقعية
السياسية" وهي بدون مواربة .. واقِع خيانة وطنية!!
5- من
المُلاحظ والمعروف ان السلطة الفلسطينية لم تُراهن ابدا على انتفاضة
الاقصى، لا بل ان رُموز هذه السلطة قد شاركوا في تَشويه اهداف الانتفاضة،
وبذلوا كل الجهد لوقفها ولم يتَوقفوا عن الاجتماع بالاسرائيليين حتى في ظِل
ابشع المجازر التي ارتكبتها وترتكبها اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني،
وبالتالي كان للمثال لا للحصر اجتياح اسرائيل لمناطق الضفة عام 2002 خير
دليل على تكتيك الفاسدين وهو: بعد مُرور العاصفة وانتهاء مُهمة اسرائيل،
نَعود الى الظهور من جديد وكأن شيئاً لم يَحدُث!...تماما هو الحال ونفس
االنمط يجري من الموقف من ما يجري في جباليا وغزة!
6-
الطَعن بِمصداقية أشكال النضال الفلسطيني من اجل مُحاكاة ومُراضاة أمريكا
والغرب والرهان على الحفاظ على مصالح الثلة الفاسدة من خلال هذا النهج وفي
المقابل التفريط بحق الفلسطيني الشرعي في الدفاع عن نفسه من جهة، وترسيخ
مبدأ الخنوع الذي ينتهجه حُكام العرب وحُلفاءهُم في السلطة الفلسطينية من
جهة ثانية، وبالتالي نُذكِر الجميع أن السلطة الفلسطينية كانت من
المُبادرين الرئيسيين للدعوه لمؤتمر شرم الشيخ لعام 1996، هذا المؤتمر الذي
أدرَج النضال الفلسطيني تحت بند "الارهاب"، والرهان كان وما زال على "حَل"
القضيه الفلسطينيه على مقاس اسرائيل وامريكا والانظمه العربيه وحُلفاءهُم
في السلطه الفلسطينيه!
7- رهان
السلطه على الانتخابات الاسرائيلية والامريكية والتغيير الشكلي في اسرائيل
وامريكا، وبالتالي ما يجري الأن في جباليا وفلسطين من مجازر دموية يُعتبَر
من وجهة نظر الفاسدين أمر ثانوي بينما ألأمر والحدث المُهم هو إمكانية أن
تُفرِز الانتخابات الر ئاسية الامريكيه نهج سياسي "مَرن" بما يتعلق بالقضية
الفلسطينيه، وهذا بطبيعة الحال وهم عاشه ويعيشه الفلسطينيون مُنذ عقود...
رهان السلطة ينحصرفي: عودة الدفئ لعلاقة الفاسدين بامريكا كضمانة لمصالح
هؤلاء المُنفصِمين عن واقع الشعب الفلسطيني وواقع جرائم الاحتلال
الاسرائيلي!!
8-
الرهان على العرَّاب والوكيل "العربي" الرئيسي للسياسة الامريكية في العالم
العربي وهو النظام المصري بِإنقاظ سلطة الفاسدين من خلال بيع الوهم
والتضليل بانسحاب شارون من غزة، والمُفارقة هُنا أن سلطة الفاسدين ونظام
كامب ديفيد قد سوَّقوا كذبة شارون عالميا ووفروا لها الدعم بالرغم من أنها
خديعه ووهم !! ورغم ان الحقيقه مُره وقاسيه, إلا ان السلطه الفلسطينيه
تتحمل عمليا وموضوعيا قسما لا يُستهان به من المسؤوليه عن مايجري في غزه
وجباليا والصمت العربي والعالمي على هذه الجرائم الاسرائيليه...سلطة الفساد
على استعداد ان تُقيم نظام فاسد وتبيع الفلسطينيين وَهماً على شِبر مُربَع
من غزة والضفة وشتان بين اهداف هذه السلطة واهداف الشعب الفلسطيني!
8- يبدو
ان سلطة الفاسدين والعاجزين تُراهن على إنهاك الشعب الفلسطيني واستنزاف
اسرائيل للقوة الفلسطينية المُقاومة حتى يتسنى لهذه السلطة فرض حلولها
بمسانده من "الشقيقه" مصر ومُساعدتها في بناء قوة" لَحدية" كما كان في جنوب
لبنان او "روابط قُرى" كما حدث في الضفة الفلسطينية في بداية الثمانينات من
القرن العشرين!!
9-
السلطه الفلسطينيه كانت نِتاج مُباشر لرهان ثُله من الفاسدين على
الحل"السلمي", وهؤلاء لن يخرجوا من هذا المُستنقَّع وعن هذا الطابُور ومن
هذا الخنوع , وللأسف لن تَقوم للشعب الفلسطيني قامه وهامه عاليه في ظِل
قياده فاسده وعاجِزه....القامه والهامه يفرضها شعب مُناضل وبطل مثل الشعب
الفلسطيني وليس سلطة خُنوع وفساد
* باحث
فلسطيني في علم الاجتماع ويقيم في المانيا.
|