قبل أن يسبق السيف العزل


سوسن البرغوتي

اسمحوا لي أن أبدي رأيي المتواضع في الجدوى العملية من البيانات والنداءات والمناشدات التي نتنادى للتوقيع عليها وتعميمها كي نعلن من خلالها موقفاً أو نبدي رأياً، لكنها أي تلك البيانات كفقاعة صابون تكبر وتبرق ثم سريعاً ما تتلاشى ولا تترك أي أثر.

وأنا هنا لا أقلل من أهمية النداءات والبيانات، ولكن وكما يعرف الجميع فإن للشعب الفلسطيني مطالب كثيرة وكبيرة قد تكون أكبر وأكثر إلحاحاً من مناشدات تبدو عقيمة ودون جدوى.

فهل حققت تلك النداءات شيئاً من مضامينها.؟

الرئاسة الفلسطينية تحولت إلى مستودعات لتخزين الأسلحة والمسلحين، وراء إشارات رفض التعايش والحوار مع الفلسطيني الآخر، فالحوار لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، حسب رأي الرئيس!...

أما التعايش والتفاوض والحوار مع المحتل الذي قام منذ عقود على شعار سلام واهم فلا بأس، ولو أن هذا الحوار يذهب إلى أبعد من الحدود والثوابت الوطنية!.

ومهما كان ويكون فإن الشعب الفلسطيني له مطالب لا يمكن المساومة عليها، وهي مطالب غير قابلة للتساهل أو التجاهل أو التنازل وهي:

ـ لا للاعتراف بـ "إسرائيل" ولو كان وجود هذا الكيان كما يقولون بموافقة شرعية دولية.

ـ رفض المبادرة العربية التي رفضتها سلفاً "إسرائيل" رغم أنها مبادرة "متصـهينة" في الشكل والمضمون.

ـ رفض وإلغاء كل الاتفاقيات المجحفة بحقوق الشعب الفلسطيني التي أُبرمت مع الصهاينة.

ـ العمل على التصدي لمن يسعى إلى تطبيق الإملاءات الخارجية، المتمثلة بطلب تنحية "من فشل في تقديم برنامج يخدم الشعب وقضيته"، وأن تدرك السلطة والحكومة أن فلسطين محتلة، ولا تملك في الوضع والظروف والواقع الحالي مقومات قيام دولة تتمتع بالسيادة.

ـ فتح ملفات الفساد وسرقة أو تهريب المال الفلسطيني لبناء إمبراطورية للفاسدين في أعلى مناصب في الرئاسة، وإقامة محاكمات وتوقيع عقوبات مهما بلغت على من شارك ويشارك في تجويع الشعب الفلسطيني والتآمر على وجوده وحياته وكرامته.

ـ العمل على إنهاء كل مظاهر السلاح والمسلحين في الشارع الفلسطيني، وضرورة العمل على توجيه السلاح إلى عدو واحد، وتصفية فرق الموت والمرتزقة، وتشكيل لجنة وطنية محايدة من مجموع التنظيمات والفصائل الفلسطينية للإمساك بزمام الأمور.

ـ لم تعد منظمة التحرير الفلسطينية بوضعها الحالي تمثّل أطياف الشعب الفلسطيني، وهذا يستدعي إعادة النظر في هيكلية تشكيلها على أسس وضوابط جديدة، دون إهمال ما جاء في الميثاق الوطني الفلسطيني الأساسي.

ـ مطلوب بإلحاح العمل على توحيد جميع الفصائل الفلسطينية لمواجهة خطر تيار المتآمرين على القضية والشعب الفلسطيني، وتوحيد الجهود من أجل فلسطين.

ـ إن إسقاط أي بند من بنود الثوابت الفلسطينية، ومن أي جهة جاء أو كان أو أعلن حتى ولو كان في وثيقة الأسرى يُعتبر باطلاً، ولا يمثل إلا من وقّع عليه.

ـ الثبات على الثوابت الوطنية بما فيها المطالبة بالإفراج عن الأسرى في المعتقلات الصهيونية، ورفض تهويد القدس، والمطالبة بعودة اللاجئين دون التلويح بوسائل ابتزازية كالتعويض أو التوطين وغيرها من شعارات لم تعد قابلة للتطبيق في ظل ارتفاع الجدار العازل وزيادة المستوطنات وأطماع "إسرائيل" في الغور.

ليس الموضوع في أضعف الإيمان أو أكثره، بل علينا أن ندرك بأن القضية الفلسطينية الآن على مفترق طرق، وليس أمامنا من وسيلة للإنقاذ وإنقاذ ما تبقى من الكرامة الفلسطينية إلا بمواصلة النضال والمقاومة، لا بالتفاوض وشطب حق النضال، أو بدعم مثلث الشر العربي وأمريكا و "إسرائيل".

إن مطالب الشعب الفلسطيني كثيرة وكبيرة، أكبر من نداءات وشعارات لا تغني ولا تسمن من جوع، في الوقت الذي تمضي فيه السلطة في تنفيذ تسوية مهينة، والعالم العربي ليس أكثر من شاهد عيان أخرس وصامت في الأحوال.

لقد بات من المعروف والمكشوف والواضح أن سياسة حصار وتجويع الشعب الفلسطيني ماضية بموافقة زمرة المتخاذلين في الداخل والخارج لتركيع الشعب الفلسطيني وقبول إملاءات العدو بكل ما فيها من ظلم وإجحاف، وهذا المخطط الخبيث لو نجح "لا سمح الله ولا قدر" سيعلن انتصار المشروع الصهيوني، وهذا يعني انكسار المشروع العربي الفلسطيني وإنهاء مسألة الصراع العربي- "الإسرائيلي"، لصالح المعسكر المعادي وأنصاره، ويعني أيضاً تذويب هوية ووجود وتاريخ وشعب فلسطين، بداية لإنهاء تيار القومية العربية بالكامل.

فإلى أين نحن ذاهبون وماضون..!؟


 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع