تابع
العالم عبر البث المباشر للجلسة الأولى للمجلس
التشريعي الفلسطيني يوم الاثنين 6/3/02006م , وأزعجتنا كثيرا البدايات
المبيتة وما
شابها من محاولات مقصودة وغير مقصودة للتشويش على الأداء التشريعي :
سواء من خلال
الاستخدام السيئ لحق نقطة النظام لدرجة إنني أطلقت على الجلسة (جلسة
نقطة النظام)
,
أم من خلال المقاطعات المتكررة , وعبارات التشكيك في حداثة التجربة عند
رئيس المجلس
,
وبعض الألفاظ التي لا تليق بالأعراف البرلمانية بحق النواب , وأخيرا
بالانسحاب
الكلي لكتلة حركة فتح واللجوء إلى القضاء.
وإنني
كمراقب قد أتفهم أن تمارس حركة فتح وغيرها من
الكتل بما فيها حماس حقوقها في الاعتراض والمناورات السياسية تحت قبة
البرلمان
والانسحاب والتصويت والامتناع والمعارضة ... فبإمكاننا اعتبار الأمر من
أهم مكونات
الحياة الديمقراطية السليمة ما دام التنافس يحكمه القانون والعرف
البرلماني وسيصب
في
مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته... ولكن الذي لا يمكن أن أتفهمه هو أن
يلتحم ما
حدث في التشريعي مع هجمة إعلامية تشكيكية تقودها قيادات فتح تارة
بأسلوب حاد وهجومي
,
وآخر بطريقة استهزائية , وثالثة بأسلوب تشكيكي بقدرات حماس في قيادة
الدفة: ففي
أعقاب قيادته لنواب فتح في الانسحاب صرح النائب عزام الأحمد أن تأخير
تشكيل
الحكومة يرتبط بمفاوضات حمساوية مع أمريكيا وإسرائيل في غمز ولمز!!
وصرح أمين عام
الرئاسة الطيب عبد الرحيم بعد صمت وغياب ملحوظ عن الساحة أن ما قامت
به كتلة حماس
هو
انقلاب على الرئيس محمود عباس في خطوة تحريضية وتفريقية من شأنها أن
تقلق الشعب
كله وخاصة أن الجدل قائم حول طبيعة العلاقة بين الرئاسة ومجلس
الوزراء!! وظهر علينا
المتخصص والمتفنن في إرباك الساحة والحقد على حماس أبوعلي شاهين ليبين
أن حماس
ينقصها الخبرة في إدارة الأمور وأنه متفائل من أدائها بعد عام , وان
حماس تسعي لرضي
أمريكيا بغض النظر عن المصلحة الفلسطينية ,وهي فصلت الأمر على مقاسها
وتريد إدخال
الجميع لبيت الطاعة الحمساوي!! ووضح نائب رئيس الوزراء الدكتور نبيل
شعث أن ما قامت
به
حماس في التشريعي لا يبشر بخير ولا ينم عن نوايا سليمة للشراكة
السياسية!! وكذا
كرر النائب محمد دحلان الشخصية التي تثير الجدل الأكثر في أوساط فتح
والشعب
الفلسطيني , والدكتور صائب عريقات... وغيرهم. وإذا ما أضفنا إلى هذا
السلوك ما تقوم
به
فتح من تحصين مواقع وتمكين مراكز قوى في الوزارات والمؤسسات الحكومية
,
والتأخير المقصود للرواتب وسط تناقض في تصريحات الوزراء المختصين حول
حجم الأزمة
المالية ؟! واستمرار بعض مظاهر الزعرنة والعربدة المسلحة من التشكيلات
العسكرية
المحسوبة على فتح والتي كان آخرها التهجم على مبنى التشريعي في غزة
في أعقاب
انسحاب فتح من الجلسة... والتلكك والمماطلة في حسم أمر الدخول في
الحكومة , ووضع
اشتراطات مجحفة وتعجيزية لقبول المشاركة...فإذا ما رصدنا كل هذه
الظواهر يدفعنا
للسؤال الكبير وتحته ألف خط أحمر : ما نوع الشراكة المطلوبة ؟! وما
مضامينها حتى
تكون صالحة ومقبولة ؟! هل تكون مقبولة حين:تتنازل حماس عن حقها في
استخدام الأغلبية
التي منحها الشعب لها كما قال البعض وتعمل على اتخاذ القرارات في
التشريعي
بالتوافق!!! وحينها ما قيمة الانتخابات ؟ وأين هذا المطلب في ظل غالبية
فتح
السابقة؟!
وحين لا
تقترب حماس من كل الوضع السابق ولا تحرك
أحدا من مكانه فاسدا كان أم غير مناسب لموقعه , ويستمر وزراء حماس في
ممارسة مهام
مفرغة من مضامينها وبالتالي لا تتمكن الحكومة الجديدة من تحقيق الإصلاح
والتغيير
ولو نسبيا!!
وحين تصمت
حماس عن كل القرارات التي اتخذها المجلس
التشريعي السابق بحجة لا ولاية للجديد على القديم وكأن القديم كان يمثل
شعبا
والجديد سيمثل شعبا آخر
!!
وحين
تتنازل عن ثوابتها بحجة برنامج سياسي مشترك
وضرورة الاعتراف بالاحتلال ومسايرة القرارات والإملاءات الغربية
والأمريكية!!
من الواضح
أن فتح التي تعودت وهي في السلطة والحكم
على الترويج الإعلامي والسياسي لمفهوم محدد للموحدة والمصلحة الوطنية
وفعلت
الأفاعيل تحت بند حمايتها بغض النظر عن حقوق الآخرين... تعود اليوم
لممارسة نفس
اللعبة وهي في المعارضة واستخدام نفس المصطلحات. وما علمت فتح التي
ربطت مشاركتها
بالحكومة بتصرفات حماس في التشريعي أن الكثير من نوابها وقادتها أعلنت
بعد النتائج
بوقت قليل عدم مشاركة فتح في حكومة تشكلها حماس الأمر الذي أكدته
كتلتها من خلال
توصيتها للمجلس الثوري وكل ذلك قبل انعقاد التشريعي؟!!!
لقد بات
جليا من وجهة نظري أن فتح لا ترغب في
المشاركة في الحكومة, ولا ترغب في التعاون مع حماس , وترغب في عدم
إنجاح حماس
,
وتحاول استغلال نفوذها ومراكز القوى في الوزارات وسيطرتها على الرئاسة
والسلطات
التابعة لها...وإن كان التشدق في الإعلام غير ذلك.
لم نقل
ذلك كرها في فتح أو حبا في غيرها , ولكن
نتحدث فيه من باب المساهمة في إحقاق الحق , ومن باب أن الأمر أصبح لا
يطاق
فالمحرمات التي كانت قبل ذلك صارت حلال, والمرفوض بات مسموح.
إن وضوح
الأمر واستمرار حالة الإرباك , وحملات
الإشاعة والحرب النفسية المبرمجة تستوجب على حماس ادارك القضية , وحسم
أمرها في
تشكيل الحكومة والبدء في تطبيق خطوات الإسعاف الطارئة علي سبيل
البرقيات
الإصلاحية العاجلة للشعب في طريق الإصلاح العام.وعليها الحذر من
المماطلة المربكة
فرضا طرف معين لا يكون إطلاقا على حساب المجموع وحقوق العامة
.