اعتقالات اعضاء التشريعي من حماس

الحكومة الفلسطينية و التطورات السياسية .. بعض السيناريوهات المحتملة


بقلم : راسم عبد الغني *

بعد المبارزات الاعلامية ومحاولات النفي تارة من قبل عدد من قادة حركة فتح، والتبرير تارة اخرى بسبب سحب صلاحيات اساسية وجوهرية من الحكومة الفلسطينية من جهة، وعدم القدرة على استمرار هؤلاء بخداع الرأي العام الفلسطيني والعربي، فقد بات جليا للجميع بان حركة فتح ورئيس السلطة محمود عباس اختارت حصار وخنق الحكومة الحمساويةلصالح تفشيلها على اقل تقدير.

سبق واشرت في مقالات سابقة بعد فوز حماس باغلبية مقاعد المجلس التشريعي بانه سيبرز مشاكل ضخمة بين الحكومة الفلسطينية من جهة والرئيس عباس ومكتبه اضافة الى الجهاز الوزارت والاجهزة الامنية من الجهة الاخرى. كما وتوقعت بان وتيرة الفوضى و الفلتان الامنيان و المظاهرات والتحريض الموجهة ضد الحكومة سيزيد، وبالتالي سيسعى البعض الى اطلاق المظاهرات ورمي الحكومة الفلسطينية بسهام الفشل وتحميل برامجها مسؤولية حصار وتجويع الشعب الفلسطيني.  

لقد اعلنت حكومة الاحتلال الاسرائيلية بانها ستقطع علاقاتها مع الحكومة الفلسطينية الجديدة ووصفتها بانها حكومة ارهاب وطالبت العالم بذلك. وانظمت فورا الادارة الامريكية سريعا لخطى حكومة الاحتلال الاسرائيلي وسرعان ما تجاوبت الدول الاوروبية مع اعلان سلطات الاحتلال الفورية وطالبت الحكومة الفلسطينية برزمة من الاعترافات طالبت بها اللجنة الرباعية منها الاعتراف باسرائيل والاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير والتخلي عن العمل المقاوم – المسلح.

ويا للعهر السياسي، فاعلاميا، يتباكي عباس وحاشيته على حصار الشعب الفلسطيني ويطالب الدول بعدم معاقبة الشعب على ديمقراطيته و نتائج الانتخابات التشريعية الحرة والنزيهة. وفي نفس الوقت وفعليا فهو يصطف في خندق حكومة الاحتلال والادارة الامريكية والاتحاد الاوروبي الامر الذي ادى الى زيادة الخناق والحصار ودفع المعسكر الاسرائيلي- الامريكي الى رفع زيادة الخنق والحصار ورفع سقف المطالب ورزمة الاعترافات.  لقد تصرف عباس ليس من كونه رئيسا للسلطة الفلسطينية او اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بل كانت مواقفه نابعة من برنامجه الشخصي وبرنامج عدد من قادة ومنتفعي السلطة وفتح.

انني ارى ان حركة حماس وقيادتها تتصرفان بحكمة وبضبط النفس حتي لو حمل البعض او الكثيرين على خطاب وعبارت خالد مشعل الناري والذي بتقديري عرى وكشف حقائق سياسية دون مواربة ، نفاق ، او خجل. وكذلك، فان الحكومة الفلسطينية تتصرف بحكمة  وبتعقل واضحين في الموازنة بين مصالح وتطلعات الشعب الفلسطيني.

اقدام عباس على اقالة الحكومة

اعلن عباس ان من حقه الدستوري اقالة الحكومة والمبررات – الحجج التي يمكن ان يسوقها كثيرة اولها عدم قدرة هذه الحركة على الوفاء بالتزاماتها المالية اتجاه موظفيها ومواطنيها وخاصة الملفات المتعلة بالرواتب، الخدمات الاجتماعية والطبية و التعليمية.  ان اقالة الحكومة بات قريبا وعلى قوس وادنى خاصة بعد دولة عباس الاردينة – التركية – الاوروبية والتي قال لوسائل الاعلام الاجنبية ما لم ستطع ان يقوله لابناء شعبه.  وبتقديري فان عباس نجح مع اطراف متعددة ( فلسطينية و اسرائيلية و امريكية وعربية واوروبية) على عزل الحكومة الفلسطينية وخنقها اقتصاديا. وفي المقابل، فن الحكومة الفلسطينية استطاعت احداث اختراق سياسي – اقتصادي في عدد من دول العالم ومنها على سيل المثال: دول الخليج بما فيها ايران ودولة من دول الطوق وهي سوريا،  بالاضافة الى حكومات دولية منها روسيا، الصين، النرويج، والسويد.

هذا الاختراق كان سيكتب له النجاح فيما لو وقف عباس مع الحكومة وابتعد عن تأنيب دول العالم على موقفها، وبتقديري، فان اشهر قليلة لن تزيد عن ثلاثة اشهر كانت كفيلة بوضع حد لسياسات التجويع وحصار الفلسطينين. او على اقل تعديل، احداث اسصطفاف عربي – اسلامي – دولي كان ليقوم باحداث توازن في الموقف من قطع واستمرار المساعدات المالية واجبار محور المفاطعة على تمرير الاموال من المتبرعين الى الاراضي الفلسطينية المحتلة. ان الهرورة والهث وراء السياسات الاسرايلية ولامريكية هي من قادت وستقود لمزيد من الحصار والتجويع والتنازلات السياسي، وكأن السباحة مع التيار ستوقف هذا التيار وعنفوان تدفقه.

ويبدو ان الامور لن تقف عند حل الحكومة، فان الدعوات لتكليف اخرين غير حركة حماس لتشكيل الحكومة لن تكتب لها النجاح طالما بقيت الاغلبية في التشريعي هي لحماس. ولهذا فان الاحتلال الاسراسيلي وتسهيلا لمهمة عباس قام وسيستمر باعتقالاته في صفوف اعضاء التشريعي عن حماس.  ويبدو ان هذا السلوك الاسرائيلي جاء بعد قناعة بان سيناريو الحرب الاهلية والاقتتال الداخلي غير وارد فلسطينيا وبعيد نسبيا خاصة على ضوء ضبط النفس والتروي الذي ابدته حركة حماس.

الدعوة لانتخابات مبكرة

وفي حالة عدم استطاعة اخرين تشكيل الحكومة بسبب اغلبية حماس في التشريعي - ان بقيت – فان النظام الاساسي لا يعطي عباس تشكيل حكومة طوارئ لاشهر وسنوات، وبالتالي فقد تكون الدعوة لانتخابات مبكرة والتي بتقديري فيما لو ادارتها حركة حماس بطريقة صحيحة ستعزز من مكانتها وشعبيتها بين الفلسطيني في الضفة والقطاع.

كيف يمكن لحماس ان تتصرف

على ضوء الحصار وتطابق موقف عباس مع المحور الامريكي - الاسرائيلي، وعلى ضوء حملة الاعتقالات التي بدأت وستتسع في صفوف ممثلي حركة حماس في المجلس التشريعي مما يهدد بقاء الحركة نيابيا قوة الاغلبية، وبكون عباس يتمتع بدستوية حل الحكومة، فان خيارات حركة الحماس تتركز ب:

1) ضرورة اقرار المجلس التشريعي قانون "اعتقال اعضاء المجلس التشريعي لا يعني فقدانه لحقوقه

وواجباته وخاصة تلك المتعلقة بحق التصويت ، وعلى عاتق الحقوقين ايجاد مخرج قانوني وسريع مثل

تصويت الكتل والتصويت عن بعد ...الخ

2)  رفض دعوات حل المجلس التشريعي، فالانتخابات التي جرت كانت للسلطة ( للفلسطيين الموجدين

في الارض المحتلة عام 1967)  وبالتالي لا يحق لرئيس السلطة استخدام منصبه في مؤسسة اخرى (

المنظمة) شرعيا و ديمقراطيا لحل البرلمان.

3)      التصعيد بالمواقف العلنية والتي تتلائم مع التطورات السياسية واستقطاب القوى الوطنية والاسلامية

سواء الممثلة في منظمة التحرير او تلك غير الممثلة اضافة الى الكتل النيابية لسحب البساط من تحت عباس وحركة فتح، وبالتالي فانه سيفقد صفة التمثيل للسلطة والمنظمة خاصة وان قيادات ذات وزن تتواجد بالخارج غير راضية عن مواقف وسلوك عباس السياسي,

4)      العودة سريعا الى فعاليات المقاومة، فالفعاليات الجماهيرية والنخبوية هي صمام امان الوحدة وعدم الاقتتال الداخلي، وهي لغة سياسية متقدمة على ارض الواقع للتعامل مع سياسات الاحتلال من جهة وبرامج متنفذي بعض من الاجهزة الامنية وحركة فتح.

5)      تشكيل جبهة واسعة تضم كل من يجمع على برنامج المقاومة ورفض الاحتلال ورفض هيمنة قادة حركة فتح و عباس تمهيدا لاعادة بناء منظمة تحرير جديدة.

* كاتب مقيم في رام الله

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع