فلسطين تحت أقدام الفصائل

(1)

تأجيل الانتخابات التشريعية

 

بروفيسور عبد الستار قاسم

4/6/2005

قرر السيد محمود عباس تأجيل موعد الانتخابات "التشريعية" الفلسطينية، والتي هي حقيقة انتخابات المجلس الفلسطيني المحدود الصلاحيات جدا. وبهذا يكون رئيس السلطة الفلسطينية قد ألقى بتأكيداته السابقة حول الموعد المعلن وهو 17/تموز/2000 في سلة عجزه لينحني أمام المصالح الفصائلية وربما الإسرائيلية-الأمريكية التي طالما تتغذى على المصالح الوطنية. وبهذا يوجه ضربة لتماسكه الذاتي ويكشف عن عدم قدرته على صياغة القرار الوطني أمام ضغوط الذين انتخبوه ووقفوا معه لضمان وصوله إلى السلطة.

لم ترتب حركة فتح أوضاعها الداخلية بعد، وعلى الوطن أن يتبع شاء أو أبى. إنها في حيرة حتى الآن حول النمط الانتخابي الأنسب لمصالحها: هل هو نمط الدوائر، أم نمط النسبية، أم النمط المختلط؟ ما هو النمط الأفضل لزيادة عدد المقاعد التي يمكن أن تحصل في الانتخابات القادمة؟ وهي أيضا في حيرة حول من سيقود فتح في الانتخابات: هل هو الحرس القديم أم القيادات الشابة؟ كيف يمكن تحديد ذلك؟ هل من خلال انتخابات أولية داخلية ضمن القوائم الفتحاوية القديمة، أم ضمن قوائم فتحاوية جديدة تأتي بمن هب ودب إلى صفوف الحركة؟ للحرس القديم حساباته التي يريد من خلالها البقاء مهيمنا، وللفتحاويين الميدانيين الرافضين للاستئثار والفساد حساباتهم التي يريدون من خلال التجديد.

ما دامت الأمور داخل حركة فتح غير مسويّة بعد فإن الأمور داخل الوطن يجب أن تبقى أيضا غير مسويّة. وماذا يضير الوطن؟ إنه تحت الاحتلال منذ عام 1948، وبإمكانه أن ينتظر المزيد من السنين. الفصيل الفلسطيني هو الأهم ولا قيمة للوطن بدون الفصيل. وأصلا لولا الفصيل لما دبت في الناس مشاعر الإحباط، ولولا الإحباط لما تم السكوت على اتفاقية أوسلو، ولولا اتفاقية أوسلو لما تفشى الفساد، ولولا الفساد لما ظهرت طبقة الخونة الذين يدوسون دماء الشهداء، والمستغلين الذين يعتاشون على عرق المساكين.

فما هو هذا الوطن، وما هو التحرير؟ الوطن المحتل مشروع استثماري، وتحريره قد يكون مغامرة تلحق الأضرار بالجيوب والمناصب ووسائل الاستغلال. ليبق تحت الأقدام، ولا ضرر فوسائل الإعلام تنقل التصريحات الزاخرة بعبارات الحرص والانتماء والتأكيد على كامل الحقوق الفلسطينية.

وربما جاء التأجيل كمصلحة إسرائيلية وأمريكية. الحركة الإسلامية تنذر بتنافس قوي في الانتخابات القادمة، وإذا تجمعت المعارضة فإنه من المتوقع أن تحصل بسهولة على أغلبية المقاعد. لا شك أن هذا يؤرق أمريكا وإسرائيل ويضع اتفاقيات الحكم الذاتي في خطر. مصالح أمريكا وإسرائيل تلتقي حتما مع مصالح الفاسدين الذين يتّحدون بحثا عن ألاعيب وحيل تمكنهم من استثناء الشعب الفلسطيني وقواه المخلصة وإبقاء القوى الفاسدة المتنفذة في مواقعها.

النوايا الطيبة غير كافية لاستعادة صحة الوطن والمواطنين، وإذا كان عباس من حاملي الأفكار النيّرة، فإن قلة الشجاعة ستجعلها تنفجر في رأسه.

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع