التشريعي ... من حجب الثقة الى لا شيء

بقلم حمدي فراج *

 (طالب) المجلس التشريعي في جلسته الأخيرة الرئيس محمود عباس بتشكيل حكومة جديدة، و(دعا) الى اقالة رؤساء الأجهزة الأمنية ونوابهم، و(أوصى) بأن يكون ذلك خلال خمسة عشر يوما.

الكلمات بين الأقواس هي الاقتباس الحرفي مما خرج به التشريعي في الجلسة التي كانت مقررة لحجب الثقة عن الحكومة، وهي التي تأجلت بسبب موجة القصف التي شنتها اسرائيل على غزة (المحررة للتو) والتي رافقتها موجة اغتيالات في بعض مدن الضفة وحملات اعتقال طالت نحو خمسمائة نشيط محسوبون على حركتي حماس والجهاد.

والكلمات بين الأقواس لا تحمل من الوجهة القانونية والرسمية والبرلمانية  اي معنى يفيد الالزام، ولا تحمل في مضمونها أكثر من معناها الذي يفيد الدعوة والطلب والتوصية، لا أكثر ولا أقل، ويحق لمتلقيها، او للجهة الموجهة لها أن تأخذ بها او ترفضها، فهي عدا عن فضفاضتها، لا تتوافق مع كنه العلاقة التي يجب ان تقوم بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهي في حقيقة الامر العلاقة التي حكمتهما في وطننا منذ اليوم الأول للانتخابات في كانون ثاني عام 1996 ولغاية وفاة رئيس السلطة التنفيذية في تشرين ثاني عام 2004، خلالها شكل رئيس السلطة عدة حكومات برئاسته، ثم حكومة برئاسة محمود عباس، اعقبها سحب قريع من رئاسة التشريعي ليتسلمها، ثم ينتخب المجلس رفيق النتشة رئيسا له، وبعد أشهر معدودات ينقلب عليه فينتخب روحي فتوح.

في أحسن الأحوال يستطيع الرئيس الموجهة له الدعوة/الطلب/التوصية/ ان يلتف عليها، كأن يعفي وزير او وزيرين، او يستبدل حقائب البعض بالبعض الآخر ، فيكون بذلك قد استجاب للدعوة غير الملزمة ، والى أن يكتشف التشريعي سطحية التغيير، يكون قد مضى بضعة أشهر أخرى، وجملة جديدة من (الانفلاتات الأمنية) وما يصاحبها من اغتيالات واختطافات ودماء ابرياء وغير ابرياء.

اللغة الوحيدة التي يجب تدشينها داخل التشريعي هي اللغة السائدة في كافة برلمانات العالم: ثقة او عدمها، وفي الحالة الثانية، لا يكون الوزير وزيرا ولا رئيسه رئيس وزراء، ولا حتى مرؤوسيه ومستخدميه في الوزارة. كل شيء غير قانوني وغير شرعي الى ان يحصل الرئيس على ثقة البرلمان.

ومن الواضح ان برلماننا يحتاج الى ثقة الناس بعد أن أصبح ما يزيد على نصفه وزراء في الحكومات المتعاقبة، وامتيازات عديدة، الأمر الذي جعله محط التندر والانتقاد حتى من اوساطه، كما عرض مقراته للاعتصامات والاحتجاجات والاقتحامات، وبلغ الأمر مبلغه، أن يقوم أفراد في الشرطة باقتحامه واطلاق النار في اروقته. وهو تطور عجيب أكثر منه غريب ...  

* كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع