اللجنة التنفيذية للمنظمة تحذر الحكومة الفلسطينية!!

أحمد أبوزينة/ محام وكاتب فلسطيني – جنين

2006/4/7

كما هو متوقع، لم تمنع كل الانتقادات التي وُجهت للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على خلفية رفض هذه اللجنة لبرنامج الحكومة الفلسطينية التي شكلتها حركة حماس، لم تمنع الانتقادات هذه اللجنة المحنّطة والمتكلّسة من الاستمرار في نفس المواقف، فدعت في اجتماعها الأخير الحكومة إلى "تصويب" برنامجها، وإلى تأكيد التزامها ببرنامج "الإجماع الوطني"، وذهبت اللجنة إلى أبعد من ذلك، "فحذّرت" الحكومة من اتخاذ ما أسمته قرارات "غير مدروسة"، تسبب "إرباكاً" للجهاز الإداري!

لن نناقش هنا تهافت ادعاء اللجنة التنفيذية بشأن شرعية ووحدانية تمثيلها للشعب الفلسطيني، فقد تناولت هذه المسألة العديد من الأقلام والكتابات، وقد رأينا كيف خلصت هذه الكتابات إلى التشكيك الحقيقي بشرعية تمثيل تلك اللجنة، سواء لجهة عدم قانونيتها بوضعها الحالي، أو لضمها فصائل مجهرية لم تتجاوز حتى نسبة الحسم في الانتخابات، في مقابل عدم ضمها لفصائل كبيرة على رأسها حماس. وبالتالي يمكن القول أنه ربما أن أعضاء اللجنة التنفيذية قبل غيرهم غير مقتنعين، في قرارة أنفسهم، بادعاءاتهم تلك.

من الأمور الملفتة للنظر في اجتماعات اللجنة التنفيذية، هو استمرار حضور أشخاص ليسوا أعضاء في اللجنة لاجتماعاتها، فما هو مسوّغ ذلك، وبأي منطق يحدث؟! ثم ما هي حكاية "برنامج الإجماع الوطني"؟ وكيف يمكن اعتبار برنامج لا يمثل برنامج ومواقف حماس وفصائل أخرى كالجهاد الإسلامي، برنامج إجماع وطني؟ من هو الذي يمتلك الحق في ادعاء احتكار وتحديد ماهية الإجماع الوطني؟!

على اللجنة التنفيذية أن تسلّم بالتغيرات الجذرية التي حصلت على الساحة الفلسطينية في السنوات الأخيرة، وأن لا تواصل دفن رأسها في الرمال، وإصدار بيانات ذات لغة تراثية، لا تنتمي للواقع ولا تمت للخريطة الفصائلية الفلسطينية بأية صلة.

وعلى هذه اللجنة أن تدرك أنها بهذه المواقف إنما تصطف وتأخذ دورها في مسلسل إحكام الحصار حول حركة حماس والحكومة التي شكلتها، وهو الحصار الذي لن يضير حماس، بقدر ما أنه سيضير ويشين كل من يشارك أمريكا وإسرائيل هذا الحصار. وسيختزن أبناء الشعب الفلسطيني في ذاكرتهم ما يحصل، سيختزنون أنهم اختاروا نهجاً للتغيير والإصلاح بكامل إرادتهم، والآن يُحال بين هذا النهج وبين تطبيقه على أرض الواقع. مع أننا لا نقصد هنا بالطبع القول أن كل من يختلف مع حماس، فإنه يتفق بالضرورة مع أمريكا وإسرائيل.

اللجنة التنفيذية المعيّنة وغير المعبرة عن هذا الواقع، لا تستطيع أن تطلب من حكومة منتخبة أي شيء، وليس من حقها ذلك، ولا يغير في هذا الأمر تدبيج العبارات وصك البيانات والتباكي على المنظمة، والحرص المفاجئ على مرجعيتها للسلطة والحكومة.

فكيف بهذه اللجنة وهي لا تكتفي بكل تحذيرات أمريكا وأوروبا والاتحاد الأوروبي والرباعية الدولية لحماس وحكومتها، بل تنضم إلى جوقة المحذّرين، فها هي تحذّر الحكومة مما أسمته اتخاذ "قرارات غير مدروسة" تسبب "إرباكاً" للجهاز الإداري! أمّا المراسيم المتتالية بسحب الصلاحيات تدريجياً من الحكومة فهي مدروسة بعناية، وواضحة المرامي والأهداف، ولا تسبب إرباكاً للجهاز الإداري والحكومة، ولا تستحق بياناً أو موقفاً من اللجنة التنفيذية!

ماذا أيضاً؟ لا شيء. فقط عضو في اللجنة التنفيذية لا يمثل إلا نفسه يحدد لوزير الخارجية المنتخب ما هو الجائز وغير الجائز في مجال عمله واختصاصه!

حركة حماس ليست جملاً وقع فكثُرت سكاكينه، فهي خيار الشعب في الديمقراطية العربية شبه الوحيدة التي اجترحها الشعب الفلسطيني في ظروف مستحيلة، وازدياد الضغوط والخناق من حولها، لا يجب أن يزيدها إلا تمسّكاً بمواقفها ومبادئها التي انتُخبت بناءً عليها، خاصةً وأنّ من تخلى سابقاً عن مواقفه ومبادئه دون ثمن أو مقابل مستَحق، لم يحصد سوى الثمار المرّة التي يعاني منها الآن كل أبناء الشعب الفلسطيني.

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع