القدس ليس للمزايدة الانتخابية..!

بقلم مهنا الجبيل

اشتعال الأحداث في غزة تزامن مع تاريخ الاستحقاقات للانتخابات التشريعية كخطوة اتفقت عليها الفصائل الوطنية وفقا لمنظورها الخاص القائم على استثمار المساحة السياسية التي تحققت بعد سنوات من النضال والشهداء والتضحية الى خطوات على الأرض تترجم هذا التفوق والانجاز التاريخي للشعب الفلسطيني من جهة ومن جهة أخرى تحقق ممارسة على الأرض المحررة لاشاعة برنامج فاعل يرعى مصالح الناس ويحفظ استقرارهم ويرتب البيت الداخلي.

تمارس فيها النخب تنافسا يجب أن يكون لمصلحة الشعب ودعم برنامج التحرر الوطني كبعد استراتيجي عميق والعمل الدؤوب لرفع الضنك والشدة عن كاهل المواطن الفلسطيني.

هذه الرؤية وحسب قراءتنا كانت هي السائدة على الساحة الفلسطينية والمدعومة من ضمير الشعوب والنخبة العربية الاسلامية على امتداد الوطن العربي بمعنى عملية سياسية كاستحقاق طبيعي لمرحلة من مراحل المقاومة وحياة أفضل للشعب فماذا عن الرؤية الأخرى.

الرؤية الأخرى الصهيونية بالأساس والمدعومة بقوة من الولايات المتحدة وأوروبا والشريك المنفذ فيها فريق أوسلو تختلف كليا عن الرؤية الوطنية، فهي تقوم على نزع الاستحقاق السياسي الطبيعي الذي حققته المقاومة وفرضته على أرض الواقع وأسقطت النسخ المكررة من مشاريع السلام المزيف بعد أن ثبت للمراقب المنصف أن الاستراتيجية التي تقوم عليها تلك المشاريع والغرض المرحلي لكل منها هو تمييع الحدود المصطنعة بعد الغاء الحدود التاريخية وبعثرة الحقوق الفلسطينية خطوة خطوة حتى وصلنا الى دولة لا تحقق مقومات الدولة ومع ذلك يصرف الحديث لإشغال الرأي العام الى استحقاقات نسبية لهذه المساحات الجغرافية المحدودة ويشغل بها العالم بمفاوضات لا تنتهي الا الى شرعنة التنازل وتحويل القضية وبعدها التاريخي الى قبول الطرف المعادي الكيان الصهيوني والقوى الدولية التي ترعاه لما عرضت هذه القوى منحه أصلا من سيادة وجغرافيا ثم انتقص من منحته الهزيلة لينتهي المسار بموافقته المشروطة ويكون بعدها احتفال النصر..؟

هاتان الرؤيتان مختلفتان جذريا ولذا فزعت أوروبا من اصرار القوى الوطنية وبعدها العروبي الاسلامي وفي طليعتها حركة المقاومة الاسلامية من تثبيت استحقاق الشعب السياسي كانجاز ذاتي يخضع الآخرون لواقعه وعدم السماح للكيان الصهيوني والقوى الدولية الداعمة له بتحويل مسار الانتخابات الى اعادة بعث لمشروع أوسلو الذي أسقطه الشعب العربي في فلسطين.

ومن هنا جاءت معارضة الكيان الصهيوني والقوى الدولية المتحالفة معه كليا لمشاركة حماس في الانتخابات التشريعية مع ما تحمله هذه المعارضة من جحود وانكار لأهم قيم الديمقراطية وحقوق المجتمع المدني الحديثة ولكن ذلك لا يهم في سبيل صيانة مصلحة اسرائيل الكبرى.

ولذا برزت علامات الاستفهام لطرح القدس في المزايدة السياسية انتخابيا كجسر للهروب من هذا الاستحقاق في تناغم كبير من الأطراف الثلاثة فريق أوسلو والكيان الصهيوني ووراءه عمل الأوروبيين والأمريكيين لحرمان حماس وقوى النضال الوطني الأخرى من تطبيق مشروعها الذي نجح بكفاءة عالية في استثمار ما حققه النصر للشعب كبرنامج سياسي يقف على أرضية صلبة.

ولعل هلاك شارون أو صراعه مع المرض يمنح خط المقاومة الأصيل فرحة لتقرير تماسك القرار الفلسطيني وصيانة وحدته ومبادئه التي كانت القدس ولا تزال أساس المسلمات الاسلامية والقومية في تاريخ المقاومة والقضية وليست موسما يتلاعب به خدمة للتحالف الدولي المعادي للقضية ومنحه فرصة يقلّب بها الأوضاع لمصلحة الكيان الصهيوني ان التسامح والتجاوب مع هذا البرنامج الخطر لا يمكن تسميته بأقل من مواقف خائنة ومتخاذلة ضد الشعب والقضية معا وكلما فسح مزيد من الوقت لهذا المنهج الهزيل تصاعدت أجواء الاضطراب المؤلمة بين حملة السلاح ورفقاء الدرب للنضال وهو ركام من الادارة النخبوية السيئة لزمن طويل مضى ولذا ستبقى المسؤولية التاريخية على الجيل الأصيل والناهض في حركة فتح للفكاك الكلي من فريق أوسلو واعادة صياغة البيت الفتحاوي على استراتيجية التحالف والاندماج مع اخوانهم في حماس وباقي الفصائل ومباشرة تنظيم الصف وفقا لهذه المبادئ حتى لا يحول العدو النصر المرحلي الى هزيمة وكي تستثمر أزمته قبل أن يفرض علينا أجندته لتبقى فلسطين وطنا عربيا اسلاميا حرا كانت ولا تزال وستكون عاصمته الأبدية القدس الموحدة

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع