المقامرة على القضية عبر طريق الخداع !
رأفت العزي
كيف وصل عرفات الى فلسطين ولماذا ؟؟
ولماذ أُخرج منها ، وما الذي فعله بعد تلك السنوات ؟
فالسؤال الأول ، كنت قد طرحته على نفسي ( آنذاك ) لأول مرة ، عندما جاء
عرفات الى غزة وشاهدت عشرات الألوف من أبناء شعبنا
العربي الفلسطيني يخرجون لملاقاته وهم يهتفون له :
- بالروح بالدم ............... !
وهذا السؤال .. اجاب عنه الكثيرون بإجابات مختلفة ، مثيرة للجدل ، ومحيّرة
في بعض الأوقات ، بل انها متناقضة في الجوهر ليس لأنها تأتي على السنة
المختلفين ، بل أنها متناقضة كما رُويت من افواه " المحسوبين " على عرفات
داخل فتح نفسها .. وداخل التنظيمات الموالية له ..!
اما سؤالي الثاني ( ولماذ أُخرج منها ، وما الذي فعله بعد تلك السنوات ؟ )
فإنه كما يبدو ، سؤالا ساذجا ، مبهما ، وملغما ..!
فالأغلبية من ابناء شعبنا تقول اليوم :
- أن الذي مضى قد مضى .. المهم ما نحن فيه الآن .
وأنا كفرد من هذا الشعب أحترم هذا الرأي . ولكنه لا يمنعني من إعادة
رسم المشهد من جديد خصوصا عندما شاهدت عرفات خارجا منها
( اي من فلسطين ) في مظهر يعكس حالة التردي التي وصلنا إليها ،
ويعكس مظهرا من مظاهر المرارة وأنا اشاهد بضعة مئات من الناس
الذين اهتموا في وداع رجل قد لا يعود بينهم أبدا ..!
وعدت الى نفسي اسألها كما في كل حدث :
لماذا هذا الإهتمام " العالمي " الذي ابتدأ في امريكا مرورا بالصين
حتى الدول الصغرى التي لا نسمع بإسمها على امتداد العالم... ؟!
ولماذا تلك الضمانات " العربية " والأمريكية والدعوات الحارة التي
تتمنى لهذا الرجل الشفاء وتسعى الى تأمين عودته ( سالما ) في وقت
يطحن فيه الشعب الفلسطيني طحنا من قبل العدو دون أن تضمن حياة
طفلة صغيرة تحمل كتبها لتتعلم ، فتُقتل على طريق المدرسة ..؟
......... : باول وزير خارجية أمريكا كان مسرورا
جدا من شارون لتعهده ضمان عودة عرفات إلى رام الله .. وفي نفس الوت ،
فان باول نفسه عرض أن يتولى فريق طبي امريكي علاج عرفات ، ومساعدة
الفرق الطبية الفرنسية، بل انه عرض على " شعث " معالجة عرفات في امريكا !
وأن أبو علاء قد صرح : انه اتصل بشارون فطمأنه ، وتمنى الشفاء لعرفات
.. فالقرار قراركم . ! هكذا وبكل بساطة . انه فعلا قرار فلسطيني مستقل ..
وقد أجبر شارون على الإعتراف به أخيرا ؟! !
............. الأجوبة الفارغة الطنانة الرنانة تأتيك بما مفادها :
" إنه الرقم الصعب "
وإنه " حبيب الشعب " و .. هو أو لا أحد ...!
فكيف وصل عرفات الى فلسطين ولماذا. وما الذي تحقق ؟؟
تأتيك أجوبة مختلفة في صيغة أسئلة سقفها مرتفع، ولكنه بدون أعمدة
ولا جدران ليهبط على رأسك وتصيبك الصدمة لتنسى انك سألت ذاك السؤال :
ما الذي فعله بعد تلك السنوات ..؟
فيبادرونك بقولهم :
من الذي أوصل أو دفع عرفات إلى ذلك الطريق ..؟
ألم يكن النظام العربي بدأ من مصر وسعيهم للصلح مع الصهاينة ..؟
وما هي الدوافع والمبررات التي جعلته يقبل بصفقة أسلو إذن ؟
ألم يكن الخروج من بيروت هو السبب ؟!
ألم تكن حرب الخليج الأولى هي الأساس ..؟
وهل أن ( إحتلال - وتحرير الكويت ) لم يكونا من أهم الأسباب ..؟
وأن ذلك كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ...؟
وماذا عن ذهاب العرب إلى مدريد جماعيا ؟
وهل كان على الشعب الفلسطيني - وقد مل الإنتفاضة الأولى
- ( على حد زعم هذا البعض )
وهل كان على الشعب التضحية دون سقف سياسي ..؟
ويسترسلون :
ـلم ترى كيف فعل شارون بأصحاب " المقاطعة ..؟
ـلم يدمر شارون أدوات السلطة أدوات " السيادة " ؟؟!
ألم يجعل فوق كل تلة مستوطنة ..؟!
ألم ترى كيف فعل ( الأبن لادن ) ؟
ألم تشاهد الأبراج كيف هو في " جرف هار " !!
لقد كانت القضية إذن قضية مقامرة .. !!
ضربا في المجهول ..؟؟
فهل أن تلك الأسباب مجتمعة هي أسباب مقنعة فعلا ..؟ !
لعلها كانت كذلك عند المخدوعين او المضَلَلين ... فهل كانت كذلك لدى
الخادعين والمضَلِلين ... !؟
لقد كانت رحلة عرفات الى فلسطين ، رحلة أضاعت فلسطين نفسها ليصل
إلى غزة . وكل خطوة تقربه من فلسطين كانت تُسلخها عن أمتها ،
عن تاريخها وعن واقعها الإنساني !
وها هو عرفات يخرج كما جاء . وعبر ذات الطريق .
لكن الشعب كان أقل ابتهاجا ،
فلربما أدرك : أن طريق الخداع قد ظهر نهايته أخيراً ..!
بعد أن أوصل الشعب الفلسطيني أمام خيارات ضيقة الآن ..و وضعه أمام منعطف
جديد بعد أربعة عقود لم نقف فيها موقفا نقديا واحدا .. والويل لمن كان يقف
..!
فمن أُولى مهمات و واجبات القوى الفاعلة والمقاومة في الساحة الفلسطينية
هي : أن يتوقفوا ولا يعودوا مجددا الى ممارسة الخداع وأن عليهم
مصارحة شعبنا ولو لمرة واحدة .. وبشيئ من الجرأة :
فإن كان الطريق ومنذ بدايته سوف يوصلنا للتصالح مع العدو
فلنقفز مباشرة وبأقل الخسائر الى ذلك بدون عنتريات او شعارات فارغة
نعمل بعكسها ..!
فأبو العلاء قد صرح : أنه أتصل بشارون و طمأنه ، وتمنى الشفاء لعرفات
.. فالقرار قراركم . هكذا وبكل بساطة . !!
( انه فعلا قرار مستقل )
فإن كان الطريق سوف يوصلنا الى التعايش مع العدو و ( تحت رعايته )
فلنفعل ذلك .. ودون وساطة من أحد . طالما أن أبو العلاء قد صرح
ويا فرحتنا :
إنه أتصل بشارون. وطمأنه . وتمنى لعرفات الشفاء .!
فعلى ما ، نلوم العالم الذي أمتن لشارون كرم أخلاقه وسمح " للرمز القائد "
الخروج . للمعالجة ؟؟
وإذن .. نحن ايضا يجب ان نكون ممتنون له بأي حال ..!! وتذكروا :
ان شارون نفسه في ( وقت الشدة ) عرض على عرفات أن يأتي إلى
( فلسطين) في العام 1982 عندما حاصر بيروت وحين لم يجد عرفات
إي دولة عربية تستقبله كما زعم !!
فإن كان الطريق منذ بدايته، وبعد التضحية والمعاناة سوف يوصلنا
" للتصالح " فلم لا نقفز مباشرة الى ذلك ، وبأقل الخسائر .
وبدون عنتريات أو شعارات فارغة نعمل بعكسها ..!
وإلا .. يجب على جميع القوى السياسية الفلسطينية إعلان هدفها
بشكل واضح وبشيئ من الجرأة ... وإلا ..
وجب عليهم ان لا يعودوا الى لغة الخداع فأول ما عليهم
فعله مصارحة شعبهم اولا .. و ماذا نتوقع بعد ...؟
هل نتوقع ان يشفي الله رئيسنا ثم يعود إلى التفاوض من جديد ..؟!
وهل نتوقع أن تنتهي المفاوضات " الجديدة " الى تحرير الأرض أو إلى
زيادة بعض ما يعرض علينا ( ليس أبعد من خارطة الطريق ) ؟ !
فدعونا نصارح شعبنا ولو مرة واحدة ، بشيئ من الجرأة .
فكما كان ثمن طريق عرفات الى غزة ضياع الإنتفاضة الأولى ،
والتنازل عن فلسطين .. فسوف تكون عودته اليها ( إن عاد )
ضياع إنتفاضة الأقصى وضياع ما تبقى من حلم ليس
من اجل إقامة دولة .. إنما من اجل دولة حكومتها تعمل من
اجل فلسطين الأرض والإنسان .
|