الجهبذ سري نسيبه ... من الفكرة الى
التطبيق ومن الدفاع الى الهجوم...
بقلم:
حمدي فراج
*
أعاد
الدكتور سري نسيبه اطلالته علينا هذه المرة من خلال ما هو اكثر من (رأي)
يشجب فيه موقف للجامعات البريطانية التي قاطعت جامعات اسرائيلية، بل أتبع
الرأي غير السديد، بأن يمهر بيده اتفاقا مع الجامعة العبرية، نكاية
بالجامعات البريطانية وفي عقر دارها ـ لندن. ترى لماذا لم يتم هذا التوقيع
مع العبرية من قبل؟
أما
المسألة الأخطر من الرأي الشاجب ومن اليد التي وقعت الاتفاق مع العبرية،
فهي انه وقعه باسم جامعة القدس، وهي ليست جامعته الخاصة، كما انها ليست من
ملاك آل نسيبه، وها هي هيئات الجامعة التدريسية والطلابية ولربما الادارية،
تنتفض ضده ازاء فعلته المشينه، وها الجامعات البريطانية (تنزل) عند شجبه،
وترفع المقاطعة.
قبل ان
تأتي سلطة عرفات، كان الرجل قد خبا وأخذ بالتلاشي شيئا فشيئا، خاصة بعد ما
حل به في جامعة بير زيت الذي كان أحد اساتذتها في مادة الفلسفة، وعرضه
الطلبة لما هو اكثر من السخرية، عندما نادى بالحوار الأكاديمي مع نفر آخر
مما عرف في حينه بجهابذة الحوار، عرّضوه للضرب الذي لم يكن ليرق لنا كلنا،
علما ان الرجل في كل مرة كان يتجاوز دائرة التعبير عن رأيه الى دائرة
الفعل.
قبيل
مجيء السلطة، اختلف معها حول مرجعية التشريع في مدريد واوسلو الى انها
ستكون الكنيست الاسرائيلي، وهذا موقف يسجل له، لأنه استطاع ان يرى ما لم
يستطع أحد آخر من عرابي الهرولة ان يراه، ولكن كانت صنارة الطعم قد غمزت،
وأصبحت قيادة م.
ت.
ف برئاسة ياسر عرفات على يمينه، ولا تريد الا دولة بغض النظر عن اي شيء
آخر، ولهذا اهتمت تلك القيادة أكثر ما اهتمت به هي رموز تلك الدولة، مع
انها ليست دولة، مثل السجاد الاحمر وصور الرئيس في المؤسسات، والتلفزيون ـ
بغض النظر عما يقدم ـ وسجون في كل مدينة، بما في ذلك بيتونيا، وأجهزة أمن
بالجملة، وجهاز الشرطة البحرية رغم اننا في الضفة بدون بحر ... الخ.
ولكن
سرعان ما لحق الرجل بنفسه وركب احدى عربات القطار وهو يدرك لربما انه بدون
سكه، وبّوأه عرفات رئاسة جامعة القدس ، فلم ترق لطموحاته واندفعاته نحو
اسرائيل ، فانتزع من عرفات ما اطلق عليه مع شريكه عامي ايلون خارطة الهدف
التي يعلن فيها التنازل عن حق عودة اللاجئين. ومع موت عرفات اصبح الرجل
كاليتيم، وكان يمكن له ان يستمر بيتمه لو لم يطل علينا هذه الاطلالة، فيطلق
على نفسه رصاصة الرحمة وكذلك على خريطة هدفه. يرحمه الله، فعلى الميت لا
يجوز الا الرحمه، وهي ـ الرحمة ـ تجوز على الميت والحي معا.
* كاتب
وصحافي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.hamdifarraj@yahoo.com
|