أبو مازن وأريحا

 

بقلم: أحمد عمرابي 

صحيفة البيان الإماراتية 19/3/2006

 

من المثير التوقف عند تعليق الرئيس الفلسطيني محمود عباس على ما جرى في أريحا على أيدي الإسرائيليين من قصف مبنى السجن واختطاف أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وصحبه.

عناصر هذا التعليق الرئاسي تتكون مما يلي:

إن الحادثة جريمة لا تغتفر.

إنه كان هناك تواطؤ بين حراس السجن من الضباط الأميركيين والبريطانيين من جهة والإسرائيليين من جهة أخرى. «كيف نفسر مغادرة المراقبين ثم اقتحام القوات الإسرائيلية بعدها بخمس دقائق من المغادرة؟».

هكذا تساءل أبو مازن.

إن ما جرى خرق فاضح لما تم الاتفاق عليه بشأن حراسة سعدات ورفاقه.

إن الحادثة في إجمالها إهانة وضربة للسلطة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني.

إن عملية الاختطاف غير قانونية «ويجب إعادة المختطفين».

هكذا أوضح الرئيس الفلسطيني مدى الخطورة التي تنطوي عليها حادثة أريحا. ومما يعكس جسامة هذه الخطورة أنه اضطر إلى قطع جولته الأوروبية ليهرع إلى مكان هذه الجريمة الإسرائيلية التي «لا تغتفر».

مع ذلك لم يشأ الرئيس الفلسطيني أن يتخذ قراراً أو إجراء بما يتناسب مع ما جرى.

لقد قال إنه أجرى اتصالات مع قيادات عربية ودولية دون أن يورد تفصيلاً عن هذه الاتصالات.

والاجتماع «العاجل» الذي عقده أبو مازن للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لم يسفر عن شيء سوى تجديد الدعوة إلى «حماس» للالتزام بقرارات الشرعية الدولية في برنامجها الحكومي المرتقب مع دعوتها أيضاً إلى الاعتراف بـ"إسرائيل" من خلال احترام «وثيقة الاستقلال الفلسطيني» التي تتضمن اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بالدولة اليهودية دون مقابل.

لكن الأشد إثارة هو أن الرئيس الفلسطيني أقر بأن الحكومة البريطانية أبلغته بأنها ستسحب مراقبيها من سجن أريحا قبل أسبوع من وقوع حادثة السجن. مع ذلك انتظرت السلطة الفلسطينية إلى أن حدث الاقتحام الإسرائيلي الذي تبعه إمساك القوات الإسرائيلية بسعدات وإخوته وأخذهم.

فكيف نفسر الأمر تفسيراً منطقياً إذا لم نقل أن السلطة الفلسطينية نفسها كانت طرفاً في التواطؤ مع الحكومتين البريطانية والأميركية؟

ربما يقول الرئيس الفلسطيني في سبيل التبرير إن سلطته ما كان بوسعها في كل الأحوال أن تفعل شيئاً من قبيل مواجهة عسكرية مع القوات الإسرائيلية.

لكن هذا هو بيت القصيد فإذا كانت "إسرائيل" لا تقيم أي وزن للاتفاقات السياسية والأمنية بما في ذلك «أوسلو» المبرمة مع السلطة الفلسطينية فكيف يطالب الرئيس الفلسطيني «حماس» باحترام هذه الاتفاقات والالتزام بها؟

وإذا كان الرئيس الفلسطيني يقول من ناحية أخرى إن الولايات المتحدة وبريطانيا تدخلان في تواطؤ مع "إسرائيل" ضد الفلسطينيين - سلطة وشعباً - فكيف يتعامل رئيس السلطة الفلسطينية مع هاتين الدولتين على أساس أنهما تمثلان وساطة حيادية ونزيهة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي؟

ويبقى تساؤل أخير:

الولايات المتحدة وبريطانيا عضوان في «اللجنة الرباعية الدولية» التي تتبنى مشروع «خريطة الطريق». فكيف يطالب رئيس السلطة الفلسطينية حكومة حماس المرتقبة بالالتزام بهذا المشروع إذا كان نصف عضوية اللجنة الدولية متواطئاً مع الدولة اليهودية؟

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع