حق العودة علي اجندة الشرعية الدولية
حسام رمضان احمد/ متخصص في قضايا اللاجئين
يمثل اللاجئين الفلسطينيين ما يزيد علي ثلثي ابناء الشعب الفلسطيني, الذي تعرض للقتل والتشريد علي ايدي العصابات الصهيونية علي مرأى ومسمع العالم اجمع, كيف لا وقد شاركت الدول العظمى في حينه بشكل او باخر في فصول هذه الجريمة النكراء التي لم تنتهي فصولها حتى هذا الوقت والتي ساهمت في السابق في اضفاء مشروعية سياسية علي المشروع الصهيوني وتسعى اللان لاعطاء المشروع الصهيوني الصفة القانونية من خلال انتزاع اعتراف من الضحية – الشعب الفلسطيني – باجبارة علي الاعتراف بهذا الكيان من جهة وبمقررات ما يسمى بالشرعية الدولية من جهة اخرى.
بعض المخلصين من ابناء الشعب الفلسطيني واخص منهم من يحملون هم الدفاع عن حق العودة يجدون ضالتهم المنشودة في توصية الجمعية العامة للامم المتحدة الصادرة بتاريخ 11/12/1948م والتي تحمل الرقم 194, والتي توصي بعودة اللاجئين الفلسطينيين الي ديارهم التي اخرجوا منها وتعويضهم عن ما لحق بهم, ويحمل البعض علي الحكومة الفلسطينية الجديدة التي شكلتها حركة المقاومة الاسلامية –حماس- بعد الانتخابات التشريعية الاخيرة عدم تبنيها لمقررات الشرعية الدولية بما فيها توصة الجمعية العامة للامم المتحدة والتي تحمل الرقم 194.
وهنا لابد من توضيح بعض اللامور الهامة وهي كما يلي:
اولا: ان البرنامج الانتخابي الذي خاضت علي اساسة حماس الانتخابات التشريعية لم يتضمن ما يفيد بتمسك الحركة بهذه المقررات وبالتالي فهي امام جمهورها وناخبيها غير مطالبة بذلك, واذا ما غيرت مواقفها فان جمهورها سيحاسبها, ولذلك عليها ان تبقي وفية وملتزمة بالرؤية التي وضعتها في برنامجها الانتخابي والتي جائت منسجمة مع ادبيات الحركة.
ثانيا: يتعامل الكثير من المتحاملين على الحكومة مع توصية الجمعية العامة للامم المتحدة والتي تحمل الرقم 194 علي انها قرار, وللعلم فان الجمعية العامة للامم المتحدة ليست الجهة المخولة باصدار القرارت وانما تصدر توصيات, والقرارات تصدر في العادة عن مجلس الامن الدولي الذي من حقة استخدام القوة لتنفيذ قراراتة مستعينا بالمادة السابعة التي تفوضة استخدام القوة العسكرية, أما توصية الجمعية العامة للامم المتحدة والتي تحمل الرقم 194 فقد تضمنت فقرة خاصة بانشاء ما يسمى لجنة التوفيق. مهمتها ايجاد السبل لتحقيق عودة اللاجئين, ومن اسمها (لجنة توفيق) ورغم هذا فان اسرائيل تجاهلتها ولم تتعامل معها, اما توصية الجمعية العامة للأمم المتحدة 194 فقد ورد فيها ( السماح للاجئين الذين يرغبون بالعودة لبيوتهم والعيش بسلام مع جيرانهم في أقرب وقت عملي ممكن. ويتم دفع تعويضات عن الممتلكات والخسائر لمن لم يرغبوا بالعودة وذلك ضمن قوانين هيئة الأمم المتحدة أو ضمن قوانين عادلة أو منصفة من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة ) ولكن الشعب الفلسطيني بقي منتظر طوال ستة عقود تنفيذ هذه التوصية ولكن دون جدوى وذلكن لان اسرائيل لا تحترمها ولا تجد نفسها مضطرة لتنفيذها. الفقرة الثالثة في التوصية رقم 194 والتي تعطي اللاجئ الفلسطيني حرية الاختيار بين العودة او عدم الرغبة بها مقابل الحصول علي التعويض عنها تعني بشكل اخر عدم جدية المجتمع الدولي في اجبار اسرائيل علي السماح بعودة اللاجئين كحق مطلق ليس له بديل لا بالتوطين ولا بالتعويض.
ثالثا: وللانصاف لابد من النظر الى السياق الذي جائت فيه توصة الجمعية العامة للامم المتحدة والتي تحمل الرقم 194, وذلك من خلال النظر الي جملة القرارات التي صدرت عن المنظمة الدولية والتي اعطت المشروعية لوعد بلفور من خلال صك الانتداب الذي اصدرته في العشرينات من القرن المنصرم, وجاء فيه ( علي الدولة المنتدبة علي فلسطين ان تضع موضع التنفيذ الوعد الذي قطعته علي نفسها ) وجاء فيه ايضا ( علي الدولة المنتدبة علي فلسطين تقديم التسهيلات اللازمة لاقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين ), المنظمة الدولية تلك هي التي اصدرت قرار التقسيم واعطت اليهود ما يزيد علي 56% لليهود الذين لم تزد املاكهم فيها في ذلك الوقت عن اثنان بالمائه فقط وعددهم لا يزيد عن 10% من مجموع سكان فلسطين في عام 1947 حيث صدر قرار التقسيم. وبالعودة للتوصية رقم 194 نجد انها لا تتضمن اي صفة يمكن للمنظمة الدولية ان تلزم اسرائيل بتنفيذها, علاوة علي ان اسرائيل التي اشترط عليها القبول بالتوصية 194 كشرط لقبولها في الامم المتحدة رجعت ورفضت الاقرار بقبول هذه التوصية في اليوم التالي لدخولها للمنظمة الدولية دون ان تحرك المنظمة الدولية ساكنا.
رابعا: ان المنظمة الدولية من خلال قبولها لاسرائيل عضوا دائما في الامم المتحدة يعنى اعطاء مشروعية سياسية للعدوان الي قامت به العصابات الصهيونية ضد الشعب الفلسطين الامن, الذي رفض قرار التقسيم ورفض الانتداب ومازال يقدم التضحيات وذلك بهدف اصلاح ما افسده الانتداب والقرارات الامميه والاحتلال الصهيوني.
خامسا: ان اعتبار القرارات الاممية بمثابة المرجعية القانونية للحق الفلسطيني هو بمثابة اقرارا بكل ما صدر عن المنظمة الدولية من قرارات ساهمت في حالة التشتت التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ ستة عقود من جهة ومن جهة اخرى اقرار بان الشعب الفلسطيني الذي رفض القرارات الاممية في السابق كان مخطئا.
سادسا: وبالنظر الي عمل كالة الغوث التي نعتبرها شاهد عيان علي بقاء قضية اللاجئين الفلسطينيين وبقاء مسئولية المجتمع الدولي عنها ان هذه المؤسسة التي نشأت مرتبظة بالتوصية 194 ويتم يمديد عملها باستمرار لبقاء مشكلة اللاجئين دون حل – نرى ان هذه المؤسسة قد نحت نحوا اخر في الستينات من القرن المنصرم حيث بدات تركز جهودها علي دعم وتشغيل اللاجئين في المناطق التي يقيمون فيها، وهذا بالطبع تبعة تطور لمفهوم حق العودة حسب المفهوم الدولي حيث اصبح في السبعينات يعني مقايضة حق العودة او التعويض مقابل الاعتراف باسرائيل وهذا جوهر المشاريع التي كانت تعرض على الشعب الفلسطيني حتي بداية المفاوضات التي افرزت اوسلو.
وامام هذا مطلوب من كل المخلصين من ابناء الشعب الفلسطيني سواء كانوا سياسيين او مفكرين التعامل مع القضية الوطنية بشكل اكثر عمقا مع الاخذ بعين الاعتبار القضايا المهمة التالية:
اولا: وحدة النضال الفلسطيني عبر تاريخة الطويل, على اعتبار ان الفلسطينيين تصرفوا بمسئولية عالية عندما رفضوا القرارات الاممية وفي مقدمتها قرار التقسيم وقدموا في سبيل ذلك التضحيات الجسام.
ثانيا: العمل علي اصلاح الجبهة الداخلية بتوحيدها حول عوامل القوة في هذا الشعب وهي ارادة المقاومة المتنامية مع الوقت, وعدم اعتماد المصادر الخارجية التي تتعارض مع مصادر القوة في الشعب الفلسطيني والوقوف بشكل واضح في وجه كل من يعمل علي اسقاط حق العودة ورفض كل المبادرات مثل مبادرة جنيف وكل الاستطلاعات المسخرة لخدمة وجهة النظر الصهيونية في موضوع حق العودة وباقي القضايا الوطنية.
ثالثا: العمل علي تكون جبهة عربية واسلامية ضاغطة يكون نواتها المخلصين من ابناء الشعب الفلسطيني للضغط علي بريطانيا لتقدم اعتذارا للشعب الفلسطيني عن اصدارها لوعد بلفور الذي يعتبر اساس المشروع الصهيوني وبذرة السوء في القضية الفلسطينية.
|