إذا أُفشلَتْ حركة حماس …… من هو الفائز ؟؟؟
 

 عابد عبيد الزريعي
سيبقى يوم الخامس والعشرين من يناير 2006 ، علامة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني ، الذي قدم للعالم جوهر صورته الحضارية ، لحظة ان توجه الجميع إلي صناديق الاقتراع ؛ لتجديد دورة الحياة البرلمانية ، التي طال احتباسها ، لأسباب اغلبها خارج عن إرادته ، تلك الصورة التي دعمها وحماها الموقف الإيجابي الفاعل لرجال الأمن ، إلي جانب جميع القوى السياسية ، وبدعم الإرادة الجماهيرية وإصرارها على ان يكون ذلك اليوم يوما فلسطينيا ، بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، وهو ماكان بالفعل .
ولكن وما ان بدأت صناديق الاقتراع تبوح بأسرارها ، حتى بدأت محاولات اعادة صياغة مكونات المشهد الداخلي الفلسطيني ، الذي أخذت ملامحه في التشكل اثر فوز حركة حماس بهذه الانتخابات ، فأخذت عديد الأطراف الدولية تحضر العصي لوضعها في دولايب المسيرة ، ملوحة بسلاح مقاطعة الفائز ، ومعاقبة الشعب الفلسطيني ، بحجب مساعداتها عنه ، هذا بالرغم من ان هذه الأطراف كانت تصفق للجماهير الفلسطينية التي أدت واجبها الانتخابي ، مع احترامها الكامل والصارم ، لقواعد وضوابط سير العملية الانتخابية الديمقراطية ، التي تميزت بالنزاهة والشفافية المطلوبة ، والتوافق مع الأسس والمعايير التي سنتها هذه الأطراف ذاتها ، وذلك بشهادة المئات من " عيونها " الذين تجولوا في لجان الاقتراع ، وبالطريقة التي تحلو لهم ، سواء من الإعلاميين ، أو في هيئة مراقبين دوليين ، يتقدمهم الرئيس الأمريكي الأسبق " جيمي كارتر " ..
وعلى الصعيد الداخلي برزت أصوات عديدة ، تشكك في قدرة حركة حماس وعدمية برنامجها الذي يمثل في نظرها كارثة على الشعب الفلسطيني . لقد أدى ذلك إلي اختلاط الموقف الداخلي المنتقد لفوز حماس وبرنامجها ، بالموقف الخارجي الممانع لنتائج العملية الانتخابية ، في لحظة لا يستطيع أحد ان ينكر دقتها وحساسيتها ، ونقول بدون تطير " وخطورتها " . لذلك اصبح من الضروري ، فك حالة التداخل والاختلاط بين معطيات وتداعيات المشهد الداخلي من جهة ، وبين معطيات وتداعيات الموقف الخارجي الممانع والضاغط من جهة أخرى ، ومن اجل الإمساك بكل قوانا بهذه اللحظة التاريخية التي بدأ فيها التأسيس لتداول السلطة ، عبر صناديق الاقتراع ، ففيها تكمن عظمة الشعب الفلسطيني ، وصورته الحقيقية .
وهو أمر يستدعي وبوضوح وضع الحد الفاصل والواضح ، بين ان تجرب حماس حظها ، بما أنها تمثل خيار الشعب الفلسطيني في هذه اللحظة التاريخية ، وهو المعني بمكافئتها على نجاحها ، ومحاسبتها على فشلها ، وهي مسألة تبقى محصورة ضمن إطار صراع البرامج السياسية على المستوى الداخلي. وبين ان تحرم من هذه التجربة نتيجة التدخل الخارجي ، وهي مسألة تدخل ضمن إطار الضغوط الخارجية التي تمارس على الشعب الفلسطيني .
ومن أجل وضع هذا الحد ، من الضروري ان تبادر القوائم التي شاركت في الانتخابات ، بإصدار موقف موحد أو كل على حدة " وعدم الاكتفاء بالتصريحات بعض القيادات " تعلن قبولها بنتائج العملية الانتخابية الديمقراطية ، وتحدد موقفها من الدعم الخارجي للشعب الفلسطيني ، على قاعدة عدم ربطه وشرطه بخصائص الطرف الفائز ، فالقوى تتغير وتتبدل مادمنا
قد اخترنا تداول السلطة عبر صناديق الاقتراع ، والشعب هو الأبقى .
وهذا يعني الكف عن التصريحات التي تتحدث عن ان الشعب الفلسطيني يعيش على المساعدات الدولية ، التي ستتوقف بسبب برنامج حماس ، ذلك ان طرح الموضوع بهذه الطريقة بمناسبة وغير مناسبة ، وفي ظل تقاطعه مع اطروحات دولية تمضي بهذا الاتجاه ، لن يفهم ألا باعتباره تبريرا لتلك الاطروحات ، سواء تم ذلك بوعي أو بدون وعي ، وهي مسألة يكتنفها محاذير عديدة ، خاصة وأنها تبدو وكأنها محاولة لكسر إرادة الشعب الفلسطيني ، التي لن تدفع الجماهير إلى دق أبواب بيوت من لم تصوت لهم ، وتحملهم على أكتافها ـ معتذرة ـ إلي المجلس التشريعي ، ولكنها ستندفع بها خلف مواقف وقوى ، تبدو حركة حماس بالنسبة لها حركة معتدلة ، ـ وبالتعبير الفلسطيني ـ " ومنبطحة " .


 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع