حماس درست جيداً ونجحت بتفوّق...


2005/02/02

رشاد أبوشاور


حماس استعدت جيداً، درست بجد واجتهاد،زرعت وحصدت محصولاً وافراً للبذور الطيبة التي غرستها في الأرض والنفوس.
اجتهدت ودرست المقرّرات وحفظتها عن ظهر قلب، وها هي تجازي من المشرف علي الامتحانات، الشعب الفلسطيني، بعلامات التفوّق التي تزيّن أوراق أجوبتها، مّما يؤهلها للقبول في كليّة الطب...


والشعب الفلسطيني يحتاج لأطباء متخصصين، أطباء للولادة، أطباء للطفولة الشقيّة، أطباء للأسرة، أطباء للقلب، وأطباء للداخلية، وهؤلاء أطبّاء عياداتهم في الميدان، وأدويتهم لشفاء وطن وشعب ...


أطباء للطفولة مثل الدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، وكم كان بودّي أن يري هذا الفوز الذي هو من صنّاعه، وأحسب أنه من عليائه يري، فالشهداء لا يموتون...


هذا لا ينسينا أطباء كالحكيم جورج، والدكتور وديع حدّاد...


الشعب الفلسطيني بأمّس الحاجة لمهندسين كالمهندس اللبق الدمث إسماعيل أبوشنب، ليجعلوا شوارع مدنه وقراه سالكة بغير مطبات، ولا اعتداءات علي ملكيتها العّامة، مهندسين يمنعون السلطة علي أرض شاطئ غزّة التي نهبت وبنيت عليها الفلل الفاجرة الفخامة والتكلفة، الأرض المصادرة، إذ لا فرق بين عدو ينهب الأرض بالسور الواقي، و(متسلطين) يضعون أيديهم علي رمال شاطئ غزّة، ويباهي واحدهم أنه يمّد يده من غرفة نومه فإذا بها تداعب أمواج البحر الغزّاوي!.. يا للأيدي التي تطاولت وامتدت ولصّت ما ليس لها، ولم تعاقب العقاب الصارم، بل شجّعت فتمادت، ونسيت أن شعبنا يمهل ولا يهمل.


لحماس أن تفرح، فالحزينة لا بدّ لقلبها من يوم تفرح فيه...


أمّا نحن شعب الحزن والغضب والمقاومة فها نحن نفرح لفرح أهلنا في حماس، فحماس (بنت) شعبنا، شاطرة، مستقيمة، مهذبة، وهي تمشي في شوارعنا بأدب، محجّبة ولكنها تري الحق بعيني صقر، وهي أخت وأم وابــــنة، فهي دمنا ولحمنا، وكم توجعنا وهي تئّن تحت الضربات الغادرة من عدو لئيم، ومن (صديق) جاهل طائش زنيم...


كما رجّت حماس ومجاهدو القسّم مستوطنات العدو بالصواريخ، رجّت الحياة السياسية، وها هي تنتقل من براعة إدارة معركة الرئاسة حيث لم تزاحم علي منصب الرئيس لما سيجّره ذلك من تكاليف عليها وعلي الشعب الفلسطيني، إلي معركة البلديات (الانتخابات المحليّة) لتظفر بما تستحق، وتكافأ علي ما قدّمت أيديها وعيون مجاهديها...


في مدرسة المشاغبين يقول الناظر متهكماً: مدرسة الأخلاق الحميدة.. لم ينجح أحد!


في مدرسة الأخلاق الحميدة الفلسطينية نجح أصحاب الأخلاق الحميدة، من يعيشون في المخيمات مع أهلهم، من يأكلون بسيط الطعام، ويرتدون متقشّف اللباس، ويتنقلون في الخطر والموت الزؤام...


والشعب الفلسطيني المجرّب، البارع، الذي لا تخفي عليه خافية، ضرب في شهر واحد ضربتي معلّم: انتخب أبومازن ولكن ليس بنسبة 99 في المائة، ووجه رسالته إلي كل من يعنيه الأمر: ها هو رئيس معتدل، تفضلوا أرونا ماذا ستعطوننا؟ نحن لن نقتتل، فلتنفجر ألغامكم في أحضانكم. و..ها نحن ننتخب لإدارة شؤون حياتنا اليومية من هو جدير بحمل الأمانة..فاعلموا وتعلّموا!...


لمّا كنّا نعيش في الضفّة الفلسطينية قبل نكبة حزيران 67، كنّا نسمع عن تلاميذ وطلاّب غزّة أنهم يدرسون تحت أعمدة الكهرباء في الليل، وأن الأرصفة كانت تمتلئ بحّل مسائل الحساب والجبر والهندسة، وأن بعض الأولاد كانوا يكتفون بمذاكرة حلول تلك المسائل، وكانوا ينجحون بعلامات عالية...
حماس قرأت في الشارع، وعلي الرصيف، وفي الأنفاق تحت مواقع الاحتلال، وحلّت الأسئلة العــويصة، ضحّت، سهرت و..نالت ما تمنّت.
تعلمنا من الأمثال أن من طلب العلا سهر الليالي، وأنه عند الامتحان يكرم المرء أويهان، وها إن حماس قد أكرمت، ومن الذي أكرمها؟ الشعب الفلسطيني...


من عادوا بعد (أوسلو) ونظّموا لأنفسهم استقبالات باهظة التكلفة، وانتحلوا زي الفدائي واسمه وعنوانه، ثمّ تبوّأوا الوجاهة والمناصب، واستغفلوا أهلنا ودلّسوا عليهم، وفازوا في الانتخابات علي سمعة الفدائي وبطولات (بيروت)، افتضح أمرهم وانكشفوا، فالتجربة أكبر برهان، ولذا نقول: انتهي الدرس يا غبي..كما تقول مسرحية محمد صبحي!


تعلّمنا أنه بمقدورك أن تخدع شخصاً كل العمر، ولكنك لا تستطيع خداع كل الناس كل العمر...


إخوتنا في (فتح) أصلحوا صفوفكم أصلحكم الله ـ وأنتم يا قوي اليسار: لا تطنّشوا وكأن الأمر لا يعنيكم! ـ فالشعب الفلسطيني بعث إليكم بإنذار، ذلك أنه لا يقبل أن يمتطي ظهره أثرياء الثورة كل العمر!...


أنا لا أهنئ حماس نكاية، لا، فهذا ينتقص من قدر حماس عندي، وهو ما ليس وارداً، فلقد دافعت عن حماس يوم تعرّضت للتنكيل في سجون السلطة، وأسيء لها ولقادتها ـ وفي المقدمة الشيخ المجاهد الشهيد أحمد ياسين ـ المتميّزين بصلابتهم وبسلوكياتهم النظيفة الشريفة...


أنا أهنئ من يستحق!..أما هنأنا فتح بكثرة من قبل؟ أما كتبنا معاً، وقاتلنا معاً، وابتلينا معاً؟ ولكن..أين الذين خبرناهم؟ مستبعدون (علي الرف) كما يقال!، منسيون في المنافي والشتات، وفي الواجهة: بزانسة..مستوزرون، مستشرعون ومستجهزون نسبةً (للمجلس التشريعي) و(للأجهزة)... فارعووا أخوتنا، وإلاّ فإنكم ستعيشون علي أمجاد مضت، والشعب الفلسطيني مجده كل يوم، وطريقه طويل، ومن ينم علي مجد مضي يأفل دوره، ويلفظه شعبنا. لا ديمومة إلاّ للعمل الصالح، والتضحية حبّاً نزيهاً للوطن والشعب، وهذا عطاء لا يبور، لا يشيخ، وذاكرة شعبنا لاتنسي، وعيونه لا تغمض...


مبروك لحماس، ولكل من يخدم شعبنا أخاً كان، أو رفيقاً، مناضلاً، أو مجاهداً...


و..أمّا بعد، فإنني مع ماقاله الدكتور محمود الزهّار بعد الفوز الكبير: نريد أن نخدم الناس، أن نحصل علي الكهرباء، والغاز، وكل ما يلزمنا من أهلنا في الدول العربية، لن نسمح أن نبقي مرتبطين بالاحتلال، وتحت رحمته.


الكهرباء والغاز والإسمنت من مصر لقطاع غزّة، الإسمنت الذي تبني به المدارس، والبيوت لأسر الشهداء، والمنكوبين العائشين في العراء، لا الإسمنت المسرّب للعدو ليبني به المستعمرات وجدار العزل. الأدوية وكل ما يلزم من الأردن (الضفّة الشرقيّة) إلي الأهل في الضفّة الفلسطينية (الغربية).
فليحتدم التنافس علي خدمة شعبنا، وليفز من هو جدير باحترام هذا الشعب المضحّي، ومبروك لحماس ...

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع