خطط مسبقة الصنع!

  سوسن البرغوتي

  تسارع الأحداث والحملات الانتخابية في فلسطين المحتلة، كمؤشر واضح أن من يسيطر على غرفة المؤمرات في"الكنسيت الاسرائيلي"
 يسجل مكاسب لدولته في المنطقة العربية، لتثبيت نظرية شرعية"اسرائيل" في المنطقة العربية كشريك في رسم خارطة جديدة للوطن العربي ، ودولة مجاورة صديقة. لتنكشف معها مخططات من شأنها إلغاء صوت الشعب المستقل، والبعيد كل البعد عن المشاركة الفعلية في انتخابات مسبقة الصنع.

 يتألق نجم الزعيم الأوحد طقوس موكب " دفن القضية" في إطار الإجماع الحزبي له. وقد أثبت التاريخ البعيد القريب استحواذ حركة فتح على مركزية القرار السياسي، أدت إلى مجمل نتائج وضعت القضية والشعب الفلسطيني في خانة التجاهل مع سبق الاصرار والترصد، إضافة إلى انتشار الفساد والمحسوبية في أروقته!.
 وكأن الشعب الفلسطيني ينفخ بقربة مخرومة، ورغم  الكم الهائل من المقالات والأصوات التي ترفض قيادة الحزب الواحد، ومجاهرتهم لرفض مطلب تعدديات الأصوات المنتخبة، لتحتل حركة فتح الصدارة في الانتخابات، و لتسقط من اعتباراتها التحاور مع الأطراف المعنية الأخرى  وإشراكها في صنع القرار الوطني، بناء على متغيرات تصب في صالح مشروعية كفاح الشعب الفلسطيني وثوابته الوطنية.

 بعد إغلاق باب الترشيح وتقديم الأسماء المرشحة، تتصاعد مؤشرات الاتهام ووابل أسهم  المضاربة على المرشحين الآخرين، بالاعتداء المباشر على المرشح الدكتور مصطفى البرغوثي ، والضغط المباشر على المرشحين الدكتورخريشة و عبد الستار للإنسحاب، وتهديد مرشح فتح المستقل مروان البرغوثي من طرده من الحركة، وتخبط حركة حماس في إصدار قرارات في شأن طرح ورقة وطنية صارمة، ومحاولة اغتيال ما تبقى من مقاومة وطنية في ظل تبادل الأدوار التصفوية.
 ورغم أن الانتخابات باتت هزيلة بمكان يتعذر الشروع بها في ظل توتر واضح ، بات واضحاً إرهصات مرحلة مليئة باللكمات القاضية على الكيان الفلسطيني بأكمله.
 تلك الانتخابات التي باتت الأقرب إلى الاجهاض قبل الشروع بها، لتخلق جواً من شأنه يثير أزمة فلسطينية- فلسطينية، لترتفع أسهم القيادي الأوحد.
 بيد  أن الفصائل الفلسطينية ومن يتبع تنظيماتهم، وفلسطيني الشتات مستبعدين تماماً من هذه الانتخابات. والاقتراع لا يشكل كل الأصوات الفلسطينية سواءً في فلسطين أو في الشتات ، والإقصاء المتعمد لشعب المخيمات بدا وكأنه ليس من نسيج معاناة دامت لزمن غير قصير!. مما يؤكد أن معظم الشعب الفلسطيني لن يخوض المعركة الانتخابية لاختيار رئيسه وفق ديمقراطية وحرية الإدلاء بالرأي.

 في ضوء مجريات الأحداث في الآونة الأخيرة على الصعيد العربي، بالإفراج عن عزام عزام، وفق ترحيب مصري على مستوى القيادة بتبادل ستة طلاب، والذي كان من شأن القيادة في أرض الكنانة أن تظهر قوة دبلوماسية في تبادل مشرّف لشهداء رفح على الحدود، والذي برره "شارون" أنه تم عن طريق الخطأ ، وصُدقت مزاعمه، بل وتم تعتيم إعلامي عربي على استشهادهم!. يتغازل الطرفين بمجاملات دبلوماسية على حساب مسيرة نضال شعب دفع خلالها الكثير من الدماء وهدم البيوت وتخريب بنية تحتية لمجتمع بالكامل.

 في ظل منحنى خطر للقضية الفلسطينية، يدعو النظام في ليبيا لزيارة مسؤول "اسرائيلي" رفيع المستوى لأراضيها!. " وعندما يفنى أي طرف الأخر ، سيتم  لقاء  ليبي  مع الطرف المنتصر، لطرح مدى فعالية التعاون بينهما!" و بغض النظر من هو هذا الطرف!.على أي أساس وقد أعلن الرئيس القذافي في عدة مناسبات، أنه ينتمي للفللك الافريقي!؟ بمعنى حياده التام  تجاه قضايا تخص الأمة العربية!.

 في المملكة العربية السعودية، يدل مؤشر جبهة الرفض تصعيد عملياتها على أراضيها، وبغض النظر عن نوعية تلك العمليات ومدى نجاح إيجابي لإيصال رسالة الاحتجاج ضد التواجد الامريكي. لتستدعي الحالة بالإستنجاد بقوة عسكرية امريكية، وتبدأ مرحلة تغلغل وظهور عسكري  امريكي داخل البلاد.

 رغم صمود القيادة السورية والتي تعتبر حتى اللحظة البعد الاستيراتيجي للكرامة العربية، إلا أن هناك محاولات لعقد اجتماعات مع العدو، وتحتل مرتبة اهتمام وموافقة القيادة السورية ضمنياً على إجراء مفاوضات ، وبموقف ثابت على عدم وضع أي شروط مسبقة. وبدأت اسرائيل بإطلاق شائعات بضلوع سوريا في أحداث فالوجا، لتضيق دائرة ما يرمون إليه من الضغط المباشر، كون سوريا ترعى الإرهاب على جبهات عربية أخرى، بعد محاولاتهم في خلق أزمة سورية- لبنانية!

 لرصد مجمل الأحداث العربية في ظل مؤامرة تُحاك بسرعة تفوق سرعة الضوء،لإنهاء ملفات عالقة في أدراج مكتب" شارون الحكيم" تتأرجح أسهم الثوابت الوطنية في البورصة العربية، إلى الهبوط وأحيانا إلى الدعوة بشكل مفضوح إلى العودة إلى طاولات المفاوضات، لُتلقى الأوامر الصهيونية مباشرة بتصفية القضية الفلسطينية برمتها، لتصبح رمزاً آخر منقرد وصورة نعلقها على جدار التاريخ.

  بلا شك القرار السياسي لمصير القضية المركزية تأخذ جلّ اهتمام أروقة "الكنسيت الاسرائيلي" بتوصيات أمريكية من شأنها تبادل الفكر الاستعماري البحت، ليبدو الهدوء النسبي المقروء على الساحة الفلسطينية أقرب إلى المقبول لديهما، وليصعّدوا حملات قواتهم لسحق المقاومة والإرادة العراقية في آن واحد، وإنهاء موجة الانتخابات الصورية لحاكم محلي من شأنه يخدم مصالح شركات النفط الامريكية في العراق، وتحقيق الأمن للبعد الاستيراتيجي"الاسرائيلي".

  وبعد مسح شامل لرصد الواقع العربي ، و بعيداً عن نتيجة الانتخابات في فلسطين والعراق، والتي لا تعتمد النزاهة مطلقاً حتى الآن. يبقى الخيار الشعبي هو المرشح الأقوى ، ولن تعيق صناديق الاقتراعات ثورته، ولا تعرقل مسيرته الأجهزة التي تدعم النفاق لثلة هدفها الاستفادة من هذا الوضع المتردي لمكاسب لا تمت  للشعب ولا للمصلحة الوطنية بأي صلة.

  للتاريخ عجلة تدور ولن تستمر تلك الممارسات التعسفية طويلا ً في العبث بمصير وكفاح الأمة، ليتضح مستقبلاً إعادة النظر  في استقبال الرئيس المنتظر!.

 

11/12/2004

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع