إعادة تجربة حكومة عموم فلسطين أم ماذا؟

المصدر : الراصد للتوثيق الاعلامي

بقلم :مأمون كيوان- 19/3/2006

     أفضت انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني إلى حصول حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على غالبية مقاعد المجلس، وهذا يؤهلها لتشكيل حكومة فلسطينيةجديدة، قد تكون في بنيتها ووظيفتها حكومة مختلفة عن الحكومات التي شكلت منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية. فقد شكلت عدة حكومات فلسطينية في عهد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والرئيس الحالي محمود عباس، كانت كالتالي: شكلت الحكومة الأولى في20 أيار/مايو ،1994 قبل تأسيس المجلس التشريعي، وانتهت بمرسوم رئاسي أصدره الرئيس عرفات في 16 كانون الثاني/يناير 1996.

أما الحكومة الثانية، فتشكلت في 27 حزيران/يونيو ،1996 وأيدها 50 نائباً من أعضاء التشريعي، فيما عارضها 24 نائباً وامتنع 6 نواب عن التصويت، وانتهت في آب/أغسطس 1998 بمرسوم رئاسي أيضاً. وكانت الحكومة الثالثة في 8 كانون الأول/ديسمبر 1998 وحصلت على الثقة في المجلس التشريعي ب 55 صوتاً، مقابل 28 ضدها، وامتناع 3 نواب عن التصويت، وانتهت في 5 يونيو/حزيران 2002 بمرسوم رئاسي. والحكومة الرابعة كانت في 5 حزيران 2002 وحصلت على الثقة في المجلس التشريعي ب51 صوتاً، مقابل 17 ضدها، وامتناع واحد عن التصويت، وانتهت هي الأخرى في 11 أيلول/سبتمبر 2002 بمرسوم رئاسي. والحكومة الخامسة تشكلت في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2002 وحصلت على الثقة في المجلس التشريعي ب 56 صوتاً، مقابل 18 ضدها، وانتهت هذه المرة بتقديم استقالتها في 19 آذار/مارس 2003 والحكومة السادسة تشكلت في 29 نيسان/ابريل 2003 وحصلت على الثقة في المجلس التشريعي ب ،51 مقابل 18 ضدها، و3 امتنعوا عن التصويت، وانتهت الحكومة باستقالتها في 4 أيلول 2003 وتشكلت الحكومة السابعة في 5 تشرين الأول 2003 وجرى إعلان حالة الطوارئ، ومن ثم تشكيل حكومة طوارئ، وانتهت في الثلاثين من الشهر نفسه ،2003 بعد صدور مرسوم بتشكيل حكومة جديدة. أما الحكومة الثامنة قبل حكومة اليوم، فكانت في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2003 وحصلت على الثقة في المجلس التشريعي ب 48 صوتاً، مقابل 13 ضدها وامتناع 5 عن التصويت. والحكومة الحالية التي منحها المجلس التشريعي ثقته، في 24/2/،2005 بغالبية 54 صوتاً مقابل 10 أصوات وامتناع 4 نواب عن التصويت.

بعد النكبة دخلت القضية الفلسطينية طوراً جديداً من مراحلها وكان لا بد من إيجاد من يمثل الفلسطينيين، وفي يوم 8/7/1948 أعلنت اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية تشكيل إدارة مدنية مؤقتة تكون مسؤولة أمام الجامعة، ثم حدثت مشاورات بين الجامعة والهيئة العربية العليا حول موضوع إقامة حكومة لفلسطين تكون مسؤولة أمام مجلس تمثيلي، وفي 28 أيلول 1948 اجتمعت الإدارة المدنية المؤقتة في غزة وقررت اعتبار نفسها حكومة للبلاد باسم “حكومة عموم فلسطين” ودعت إلى عقد مؤتمر وطني من 150 عضوا، حضر منهم إلى غزة 97 عضوا وفى أواخر عام 1948 انتقلت حكومة عموم فلسطين إلى القاهرة ثم جاءت استجابة الدول العربية للمطالب الفلسطينية بإقامة حكومة فلسطينية بعد ضياع جزء كبير من فلسطين وبعد عقد الهدنة الثانية بين الدول العربية و”إسرائيل”. ففي أوائل أيلول 1948 وافقت اللجنة السياسية التابعة للجامعة على إقامة حكومة عموم فلسطين. وكان من بين عوامل ذلك قرب انعقاد هيئة الأمم المتحدة في باريس في شهر مارس/آذار 1949 وضرورة تقديم ممثلين لحكومة فلسطينية عربية أمامها أسوة بما سيفعله اليهود. وكذلك لمواجهة مقترحات الكونت برنادوت الوسيط الدولي الذي كان يدعو إلى ضم الجزء العربي من فلسطين إلى شرق الأردن بدعوى أن الدول العربية والهيئة العربية العليا رفضت قرار التقسيم وتشكيل حكومة فلسطينية في الجزء العربي.

وقد وافقت على القرار جميع الدول العربية الممثلة في الجامعة العربية في ذلك الوقت وهي: مصر- سوريا- لبنان- العراق- السعودية- اليمن- وعارضته بشدة شرق الأردن. وحاولت اللجنة السياسية التابعة للجامعة العربية إقناع الملك عبدالله وتهدئته وأرسلت إليه رياض الصلح رئيس وزراء لبنان في ذلك الوقت فلم يجد ذلك. وخوفا من ازدياد التوتر بين الدول العربية وفى محاولة لرأب الصدع وتوحيد القيادة استعدادا لاستئناف القتال تراجعت اللجنة السياسية واكتفت بإقرار الفكرة وتأكيد ضرورتها ومشروعيتها وأنها حق طبيعي لشعب فلسطين وقررت أن تنفيذها منوط بإرادته ورغبته فإذا نفذها اعترفت الحكومات العربية بها وساعدتها ماديا وأدبيا. فتحركت الهيئة العربية العليا بالتفاهم مع اللجنة السياسية وأمين عام جامعة الدول العربية وبعض القوى العربية التي كانت ترفض ضم الجزء الشرقي من فلسطين إلى شرق الأردن وقامت بتنفيذ القرار على ارض فلسطين.

*إعلان الحكومة.

تم الإعلان عن قيام حكومة عموم فلسطين يوم 23/9/1948 في مدينة غزة برئاسة احمد حلمي عبدالباقي الذي ابلغ قيام الحكومة إلى الحكومات العربية وأمين عام جامعة الدول العربية. كما أذيع بيان أعلن فيه قيام هذه الحكومة وطالب الشعب الفلسطيني بالالتفاف حول حكومته الجديدة للعمل والنضال من اجل تحرير الوطن السليب.

ووجه أحمد حلمي الدعوة لعقد المجلس لإعطاء الصيغة الشرعية لهذه الحكومة، واتفق على أن يتكون المجلس من 150 شخصية فلسطينية تمثل فلسطين. وكان تشكيل المجلس يتكون من أعضاء الهيئة العربية العليا، ورؤساء البلديات، ورؤساء المجالس المحلية والقروية، ومندوبي اللجان القومية وأعضاء الوفود السياسية ورؤساء القبائل والعشائر والهيئات والجمعيات ومن له صفة تمثيلية في فلسطين بالإضافة إلى أعضاء الوزارة.

وانعقد المجلس الوطني الأول لفلسطين في مدينة غزة في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 1948 برئاسة مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني رئيس الهيئة العربية العليا وحضره 97 عضوا من 151 عضوا واعتذر عن الحضور 28 عضوا.

وقد اتخذ المجلس القرار التالي: بناء على الحق الطبيعي والتاريخي للشعب العربي الفلسطيني في الحرية والاستقلال، هذا الحق المقدس الذي بذل في سبيله أزكى الدماء وكافح دونه قوى الاستعمار والصهيونية التي تألبت عليه، وحالت بينه وبين التمتع به، فإننا - أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في مدينة غزة - نعلن هذا اليوم الثامن والعشرين من ذي القعدة لعام 1367 هجري والموافق 1 أكتوبر/تشرين الأول لسنة 1948 استقلال فلسطين كلها التي يحدها شمالا سوريا ولبنان وشرقا سوريا والأردن وغربا البحر الأبيض وجنوبا مصر استقلالا تاما وإقامة دولة حرة ديمقراطية ذات سيادة يتمتع فيها المواطنون بحرياتهم وحقوقهم وتسير هي وشقيقاتها الدول العربية متآخية في بناء المجد العربي وخدمة الحضارة الإنسانية، مستلهمين في ذلك روح الأمة وتاريخها المجيد، ومصممين على صيانة استقلالنا والذود عنه والله على ما نقول وكيل. ووافق المجلس على قيام حكومة عموم فلسطين وتشكيلها.

وقد تشكلت الحكومة من: احمد حلمي عبدالباقي رئيسا، جمال الحسني وزيرا للخارجية، رجائي الحسني وزيرا للدفاع، عوني عبدالهادي وزيرا للشؤون الاجتماعية، أكرم زعيتر وزيرا للمعارف، د. حسين الخالد وزيرا للداخلية، علي حسنة وزيرا للعدل، ميشيل الكاريوس وزيرا للمالية، يوسف صهيون وزيرا للدعاية والنشر، أمين أمين عقل وزيرا للزراعة.

وألقى رئيس الحكومة في المؤتمر بيان حكومته أعلن فيه عن الخطط التي تعتزم الحكومة تنفيذها وفى مقدمتها بذل الجهود مع الدول العربية من اجل تحرير فلسطين. ومنحها المجلس ثقته على أساسه كما اتخذ المجلس عدة قرارات على رأسها اعتبار إقامة اليهود الدخلاء الطارئين دولة لهم في فلسطين عملا عدوانيا ضد العرب أجمعين تهدف اليهودية العالمية من ورائه إلى تقويض السلام والإخلال بالأمن. وأقر المجلس كذلك أن يكون علم فلسطين هو علم الثورة العربية الأصلي. وأقر كذلك دستورا مؤقتا.

وقد عارضت الحكومة الأردنية قرار تشكيل حكومة عموم فلسطين واتخذت إجراءات متتالية لسلب تلك الحكومة صلاحياتها في تمثيل الشعب الفلسطيني وضم الجزء العربي من فلسطين إلى شرق الأردن. ففي اليوم نفسه الذي انعقد فيه المجلس الوطني الفلسطيني في غزة أي في 1/10/،1948 انعقد في عمان اجتماع ومؤتمر فلسطيني برئاسة الشيخ سليمان التاجي الفاروقي حضره عدد من الهيئات والجمعيات الفلسطينية قرر عدم شرعية تشكيل حكومة عموم فلسطين في غزة واعتبر أن اتخاذ هذه الخطوة سوف يؤدى إلى تقسيم فلسطين. وحمل مؤتمر عمان الدول العربية مسؤولية ما سيحدث لفلسطين وقضيتها نتيجة اعترافهم بحكومة عموم فلسطين. وأعلن المؤتمر عن تفويضه التام للملك عبدالله بأن يتحدث باسم عرب فلسطين ويفاوض عنهم كما أكد ثقته وولاءه للملك عبدالله وحجب ثقته عن الهيئة العربية العليا.

وعقد مؤتمر أريحا برئاسة محمد علي الجعبري رئيس بلدية الخليل في 1/12/1948 وأعلن وحدة الأراضي الفلسطينية والأردنية واعتبارها وحدة لا تتجزأ وقرر مبايعة الملك عبدالله ملكا على فلسطين كلها وحضر المؤتمر اللاجئون الذين فروا من الإرهاب الصهيوني ولجأوا إلى المنطقة التي كان يسيطر عليها الجيش الأردني.

وفي الشهر نفسه عقد مؤتمر آخر في رام الله أيد قرارات مؤتمر أريحا واعتبرها الحل الوحيد المقبول وقد جمع للمؤتمر سكان رام الله وأهالي جبل المقدس كرد على المقولة: إن مؤتمر أريحا كان مؤتمرا للاجئين مكرهين على الحضور والموافقة. وفي الثالث عشر من الشهر نفسه عقد البرلمان الأردني جلسة مشتركة وقرر الموافقة على توحيد فلسطين والأردن وإعلان الملك عبدالله ملكا عليها وطالب الحكومة الأردنية باتخاذ الإجراءات الضرورية لتنفيذ ذلك وإنهاء قضية فلسطين بالطرق السلمية أو السلاح وبذل كل ما يستطاع من أجل إعادة اللاجئين إلى ديارهم.

كما رفضت هيئة الأمم المتحدة الاعتراف بحكومة عموم فلسطين واعتبارها ممثلة للشعب الفلسطيني مما وجه لها ضربة في المجال الدولي. وكان الهدف من تشكيل حكومة عموم فلسطين هو مواجهة المنظمة الدولية في دورتها التي عقدت في باريس في سبتمبر/أيلول 1948 بحكومة فلسطينية عربية مقابل حكومة “إسرائيل”. وأما بريطانيا فقد واصلت تحركاتها لإنجاح مخططاتها في فلسطين وبذلت أقصى جهدها من أجل تدعيم ودمج الجزء العربي من فلسطين إلى شرق الأردن بدعوى انه لا يمكن أن تقوم وتعيش حكومة عربية في الأقسام العربية الباقية من فلسطين، وقد جاءت مقترحات الكونت برنادوت الوسيط الدولي لحل القضية مطابقة للموقف البريطاني في عملية الدمج كما أيدته الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى.

واستغلت “إسرائيل” المواقف العربية المتضاربة في الميدان السياسي والميدان الحربي معا فقد كان الصهاينة يرددون كلما طلب منهم احترام قرار الأمم المتحدة في التقسيم وحدوده أنه لم تقم حكومة عربية في فلسطين تتسلم وفق هذا القرار المناطق المخصصة للعرب حتى يمكن تسليمها ما هو تحت الاحتلال اليهودي منها، وأن العرب رغم رفضهم لهذا القرار لم ينفذوه وليست هناك أية إشارة تدل على أنهم بصدد تنفيذه، كما استغل العدو الصهيوني قرار الأردن بدمج القسم العربي الذي كان تحت سيطرته إلى شرق الأردن بترديده أن الأردن سجل خرقا صريحا وعمليا لقرار التقسيم من كل وجهاته.

*أوضاع حكومة عموم فلسطين.

على الرغم من أن جميع الدول العربية عدا الأردن قد اعترفت بهذه الحكومة وعلى الرغم من دعوتها إلى حضور مجلس جامعة الدول العربية في 3/10/1948 وحضور رئيسها ووزير خارجيتها لهذا المجلس وإحالة بعض القضايا الخاصة بفلسطين إليها، فقد كان واضحا منذ البداية أنه لم تكن هناك أية نية في جعل هذه الحكومة عملية بشكل ما قبل تشكيلها. فمنذ البداية منعت السلطات المصرية الملكية حكومة عموم فلسطين من ممارسة مهامها في قطاع غزة الأرض الفلسطينية التي كانت تحت سيطرة الجيش المصري ولم يقدم لها أية مساعدة للقيام بمهامها كما اضطرتها السلطات المصرية إلى الانتقال إلى القاهرة مقر جامعة الدول العربية وأجبرت عددا من أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني على مغادرة غزة والتوجه إلى القاهرة. وفي الوقت نفسه فرضت السلطات المصرية حصارا على مقر الهيئة العربية العليا في القاهرة ووضعت المفتي تحت رقابة مستمرة وحرمته من حرية العمل والتنقل مما حدا بالهيئة العربية العليا الانتقال إلى بيروت في نهاية عام ،1948 وذلك لمواصلة عملها الإعلامي في خدمة القضية الفلسطينية. وظلت الهيئة العربية تصدر الكتب والنشرات وترسل البيانات حول القضايا والمواقف التي تمس القضية الفلسطينية. ورافق نزع صفة السيادة السياسية لحكومة عموم فلسطين تجريدها من أداتها العسكرية وهى جيش الجهاد المقدس الذي أنشأته الهيئة بعد إعلان قرار التقسيم وعهدت بقيادته إلى عبدالقادر الحسيني الذي استشهد في معركة القسطل.

وبدأت مواجهة هذه الأداة العسكرية بعد الإعلان عن قيام حكومة فلسطين إذ قام الضباط الإنجليز بطلب من جلوب القائد البريطاني للجيش الأردني بمصادرة أسلحة الجهاد المقدس في القدس والخليل ومطاردة المجاهدين في جميع المناطق التي يحتلها الجيش الأردني واستعملوا الشدة وأكرهوا في كثير من الحالات جنود الجيش العربي على الاشتباك مع إخوانهم المجاهدين. أما على الجبهة المصرية فقد تم تصفية جيش الجهاد الذي يعمل في جنوب فلسطين بسبب التضييق المالي الذي فرضته جامعة الدول العربية على الإنفاق على قوى الجيش وربطت تموينه بالجيش العامل في المنطقة، كما جعلت القيادة المصرية مسؤولة عن توقيع كشوف نفقات التموين حتى تصبح هذه الكشوف قابلة للصرف من قبل الجامعة الأمر الذي اتبع الجهاد المقدس تبعية كاملة للقيادة المصرية ووضع بيديها حركة القرار بشأن عدد أفراده.

وبقيت حكومة عموم فلسطين قائمة في مصر من دون أن تستطيع القيام بأي من الأعمال المنوطة بها لاسيما في الحقل السياسي وأعرض عن كل ما أبدته من استعداد للعمل والنشاط ولم يلب لها أي طلب لعقد قروض من أية جهة كانت، حتى أن مجلس جامعة الدولة العربية أهمل دعوتها لدورته في تشرين أول/أكتوبر عام 1949 مراعاة للأردن والذي أصر على عدم تمثيل حكومة عموم فلسطين للشعب الفلسطيني وهدد الأردن بالانسحاب من الجامعة في حالة عودة هذه الحكومة.

وقد حاولت حكومة عموم فلسطين رأب الصدع بينها وبين الملك عبدالله فقررت إيفاد رئيسها أحمد حلمي عبدالباقي ووزير خارجيتها جمال الحسيني إلى عمان ولكن لم يحصل أي تقدم يذكر. ولذلك شعر بعض أعضاء الوزارة باستحالة العمل مع هذه الظروف فاستقال بعضهم وانقطع البعض الآخر.

وفي 23/9/1952 أصدر مجلس جامعة الدول العربية قرارا يقضي بتوقف أعمال حكومة عموم فلسطين والاكتفاء برئيسها قائما على أمرها يعمل معه جهاز متواضع لمواجهة بعض المهام غير المؤثرة في القضية، واقتصرت أعمالها على إصدار جوازات سفر باسمها للفلسطينيين حتى يستطيعوا السفر والتنقل وقد اعترفت بهذه الجوازات الدول العربية عدا الأردن وسمحت لحامليها بالتنقل عبر دولها كما كانت تقوم الحكومة بإعطاء شهادات الجنسية والميلاد وحسن السير والسلوك إنجازا لأمور الفلسطينيين وقضاء لحاجاتهم بالإضافة إلى مد يد العون والمساعدة لمئات الأسر الفلسطينية ومعالجة بعض حالات اللاجئين الطارئة وشؤون التقاعد والمتقاعدين الفلسطينيين.

وخلال المدة التي بقيت الحكومة فيها قائمة لم تدخل في أية مفاوضات لحل قضية فلسطين وظلت متمسكة بالدستور وبقرار المجلس الوطني الذي أكد استقلالها ولم تقدم الحكومة أي مشروع لحل القضية وكان الرأي مستقرا على وجوب تحرير فلسطين كلها كما كانت قبل 15/5/1948. واستمرت هذه الحكومة في وجودها لاعتبارات سياسية وظلت تبعث بممثلين عنها لحضور اجتماعات مجلس الجامعة. وقد انتهت حكومة عموم فلسطين بوفاة رئيسها أحمد حلمي باشا في العام 1963.

وبمقاربة أولية بين ما واجهته حكومة عموم فلسطين وما تواجهه حركة “حماس” وما ستواجهه حكومتها العتيدة من رفض وحصار دولي و”إسرائيلي”، يبدو أن اتفاقات أوسلو وقوانين السلطة الفلسطينية ستشكل قيودا وعوائق أمام أية محاولة من الحكومة “الحماسية” لإعادة تجربة حكومة عموم فلسطين

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع