هل أخفقت عملية عرقلة حما
س؟

المصدر :الراصد للتوثيق الإعلامي

بقلم : عبدالزهرة الركابي  - 19/3/2006

من الواضح أن عملية عرقلة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اتخذت  أبعاداً عدة، فلسطينياً و”إسرائيلياً” وإقليمياً وغربياً، وكانت هذه العرقلة قد بدأت خيوطها قبل بدء الانتخابات التشريعية الفلسطينية والتوقعات التي راجت في حينها بشأن رجحان فوزها، لكن عملية العرقلة هذه اشتدت بعدما أصبح هذا الفوز حقيقة، وكان من الطبيعي ان تتحرك حماس سياسياً وإعلامياً لمواجهة هذه العرقلة، خصوصاً أن تلك الأبعاد كانت تستخدم أساليب الضغط والتهديد والمساومة، وقد كان أداء الحركة في هذه المواجهة هادئاً وصلباً في آن، مما جعل المواقف الغربية المسبقة في طور التحول التدريجي الى ما يسمى سياسة إعطاء الفرصة لتبيان سياسة حماس وهي تدير دفة الحكم، لا سيما ان حركة فتح لا يزال الباب أمامها مشرعاً للمشاركة في الحكومة الفلسطينية الجديدة.

وإذا كانت حماس تتعامل على الصعيد الداخلي الفلسطيني بانفتاح ولاسيما مع منافستها حركة فتح من خلال دعوتها للمشاركة في الحكومة التي ستشكلها، فإنها في الوقت نفسه تعمل على إزالة المصاعب والتعقيدات المتمثلة في حملات الترقيات والتعيينات الواسعة التي قام بها مسؤولون في السلطة المنتهية ولايتها، إلى جانب عمليات تدمير وتخريب لممتلكات عامة، وفي هذا الجانب أبدت اللجنة المركزية لحركة فتح معارضتها الشديدة لتوجهات الرئيس الفلسطيني حول تسليم الأجهزة الأمنية لحماس.

وتنصّب معالجة حماس للتعقيدات التي وضعت أمامها على الصعيد الداخلي على شقين،

الأول إشراك (فتح) في الحكومة ومنحها وزارة سيادية على الأقل أو جعل الوزارات السيادية مناصفة بينهما، والآخر إلغاء الترقيات والتعيينات واعتبارها غير شرعية من منطلق ان الحكومة التي أصدرتها تنحصر مهمتها بتصريف الأعمال بعدما انتهت مهمتها التنفيذية، خصوصاً ان الهدف من وراء هذه التعيينات والترقيات هو عرقلة الأمور أمام حماس، وتحميلها أعباء إضافية الى جانب التحديات الخارجية والمتمثلة في التهديدات الأوروبية والأمريكية.

وفي هذا الجانب تقوم “إسرائيل” بدور كبير في عرقلة حركة حماس ومنعها من استثمار نجاحها في الانتخابات، كما لا ننسى أن هناك اعتبارات “إسرائيلية” غير معلنة من عمليات الاغتيال في الأيام الأخيرة، حيث ان الهدف منها هو إحراج حماس داخل الشارع الفلسطيني وإحباط مساعيها لتشكيل حكومة فلسطينية وذلك من خلال وضع العراقيل أمامها ووضعها في وضع محرج أمام العالم والشعب الفلسطيني. ولا تخفي “إسرائيل” تهديداتها حيال قادة الحركة إذ لم يتورع المسؤولون فيها عن التصريح باحتمال اغتيال هؤلاء القادة بمن فيهم إسماعيل هنية المكلف بتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة، كما سبق ان دعا نائب يميني في البرلمان (الكنيست) إلى اغتيال جميع مرشحي حركة المقاومة الإسلامية حماس، الذين شاركوا في الانتخابات التشريعية، وحققوا فوزاً كبيراً، وحصلوا على أغلبية مقاعد البرلمان.

لا شك أن حماس تحركت سياسياً في المنطقة الإقليمية وقدمت خطاباً موضوعياً، وكان لزيارة رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل إلى روسيا، دور مهم في كسر شبكة الحصار التي تحاول أمريكا نسجها بمساعدة حلفائها الأوروبيين. ولم تخف المصادر الروسية وقاحة رئيس الوزراء “الاسرائيلي” بالوكالة ايهود أولمرت الذي أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن دعوة وفد الحركة الى موسكو كانت خطأ أعاق الجهود لفرض عزلة على حماس.

 وقد رفضت حماس المطالبة الروسية بضرورة الاعتراف ب”إسرائيل”، حيث رد موسى أبومرزوق القيادي في الحركة تعقيباً على ذلك بقوله إن الاعتراف ب”إسرائيل” يعني إنكار حقوق الشعب الفلسطيني، وكذلك إنكار حق العودة. وعليه، فإن الاعتراف ب”إسرائيل” ليس على جدول الأعمال. مضيفاً ان “إسرائيل” لا حق لها في الوجود. وحماس لا يمكن ان تقدم على الاعتراف بها أبداً.

وعلى كل حال، إن حماس تدرك جيداً حجم التحديات والتهديدات على مختلف الصعد، وقد بدأت آليتها في التحرك على جميع الصعد لتحجيم وإزالة كل عوامل العرقلة من على طريقها، وحققت في ذلك تقدماً جيداً فلسطينياً وإقليمياً ودولياً، ولربما تشهد الأيام المقبلة مواقف عن حجم هذا التقدم، خصوصاً إذا ما جاء إعلانه متزامناً مع إعلان تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة.
 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع