ابو مازن ... الفتحاويون رأوا فيه خشبة
الخلاص، والاسرائيلييون قارب النجاة
بقلم:
حمدي فراج *
سؤال
كبير على ما يبدو، سأله الناس لأنفسهم، ثم سألوه لبعضهم بعضا، ثم أخذ
الكتاب والمثقفون يطرحونه علنا ومن على صفحات الجرائد، دون ان يتمكنوا من
الاجابة عليه.
السؤال
هو: لماذا هذا الاجماع الفتحاوي السلس على ابو مازن بنسبة مئه في المئه
تقريبا، لم يكن هناك حتى عشرة في المئة تعارضه، رغم انه قبل وفاة الرئيس
كان من وجهة نظر البعض الفتحاوي القيادي ليس كذلك على الاطلاق، بل وصل
الأمر ان يطلقوا عليه كرازاي فلسطين، فيعيد ترديدها اسامة بن لادن ؟
هذا هو
السؤال، وآخر من اجتهد للاجابة عليه أحد ابرز كتاب فتح في جريدة السلطة
الرسمية، السيد عدلي صادق، الذي جافى الحقيقة في الاجابة، بقدر ما اقترب
منها في التساؤل.
هناك من
وجهة نظري سببان، لهذا الاجماع الفتحاوي المطلق، اولهما شدة صدمة الموت
التي غيبت رئيسهم بين عشية وضحاها، وخرجوا بين مصدق وبين من يحب التصديق،
ويقاوم التكذيب، والحديث هنا لا يدور عن الموت ببعده الانساني المحزن
دائما، بل عن الموت السياسي والديكتاتوري والتسلطي، ولم يكن هنا فتحاويا
واحدا يتجرأ ان يفكر في مقارعة عرفات ومنافسته، وفي الحد الأعلى، كان البعض
ممن يختلف معه، يقول: أنا أختلف معه، لكني لا أختلف عليه.
صدمة
الموت جعلتهم، يقررون بسرعة فائقة، اجتراح خليفته، قبل ان يغير رأيه فلا
يموت، او يعود من الموت، ومن جهة ثانية، كانوا يفكرون التفكير الآلي
الميكانزمي، في أهون الشرور بعد الشر ألأكبر وهو الموت، دون ان يتمعنوا
ويتعمقوا في البدائل المطروحة، تماما كالغريق الذي سرعان ما يرى القشة
فيتعلق بها كما يقال، رغم انه لو امعن النظر قليلا لوجد خشبة بدلا من
القشة.
ولقد
عمد البعض، ان يرى الخشبة كمروان برغوثي، لكن اللجنة المركزية كانت قد
انعقدت، وقررت.
وحاول
البعض ان يلفت الانتباه الى ابو مازن على انه "المستورثون" بل ما هو أكثر
من ذلك، اتهامه انه يريد دفن عرفات وهو حي، البعض سيقول ان هذه سهى، التي
قالت ذلك، ولكن سهى لم تكن وحدها، لا في التصريح ولا في صياغته ولا في
اطلاقه هذا الاطلاق المدوي، لدرجة ان احد الكتاب الكبار في العالم العربي،
وصفها بسهى الزرقاوي، في اشارة الى قوة تصريحها الذي ختمته بعبارة الله
اكبر ورددته عدة مرات.
اما
السبب الثاني، فهو عام ويطول قطاعات الشعب، اكثر مما يطول فتح، مفاده ان
الناس بعبارة عامية وصريحه، تريد ان تخلص، وهي تميل ان ابو مازن وأضرابه هو
الذي من شأنه تخليصهم، لما له من باع طويل في المفاضات وسمعة ومكانة لدى
الاسرائيليين والأمريكان والنظام العربي، والأهم من كل هؤلاء فتح الحاكمة
والفاسدة، والتي نجحت في تمييل موقف فتح المناضلة.
واذا
كان هؤلاء قد رأوا في ابو مازن قشة الخلاص، فان اسرائيل ترى فيه خشبة، ان
لم يكن قارب النجاة، بحيث تبقي على نفسها دولة محتلة وآمنه معا.
* كاتب
صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.
|