عباس يتكلم ألأمهرية وقريع يتحدث بالسيريلانكية!

21/04/2005

يواصل رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس، ضمن سياسته "البراغماتية" في سلسلة العمليات المنهجية لمحو ذكر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، من ذاكرتنا الجماعية، وهو يساهم من حيث يدري في نزع الشرعية عن قائد الثورة الفلسطينية، الذي ما زال يقض مضاجع الاسرائيليين حتى في مماته. فهذا الاسبوع، على سبيل الذكر لا الحصر، قام السيد عباس باستدعاء بل باستجداء عدد من ممثلي وسائل الاعلام الاسرائيلية باللغة العبرية الى مقر الرئاسة في مدينة رام الله المحتلة، للادلاء بدلوه حول آخر المستجدات، واستغل هذه الفرصة ليعايد على اليهود الذين يحتفلون بعيد الفصح. واللافت ان اكبر محرض على الناطقين بالضاد ايهود يعاري، الذي يعمل في القناة الثانية التجارية، كان من بين الصحافيين اليهود الذين "حالفهم الحظ" في الدخول الى مكتب الرئاسة وإجراء مقابلة، او بالاحرى تحقيق مع ابي مازن. وللتذكير نورد في هذا السياق أن هذا المحرض قد وثقت له لقطة تلفزيونية وهو يقوم بحركة توحي بشكل قاطع بالذبح في حرب الخليج ألأولى خلال بث تقرير عن الرئيس العراقي صدام حسين ، أي أن يعاري حرض على القتل وعبر عن كرهه للعرب بدون خجل او وجل، أو احترام للمهنة التي يزعم انه يمارسها. الراحل عرفات، الذي اختلفنا معه حول اتفاق اوسلو سيئ الصيت والسمعة، اصدر مرسوما رئاسيا في حينه يمنع هذا المحرض من الدخول إلى مكتبه في المقاطعة احتراما لنفسه ولشعبه وللأمة العربية برمتها. والانكى من ذلك ان يعاري الذي كان يتمايل كالطاووس في مكتب عباس حضر الى المكان برفقة سياسي اسرائيلي ادين في المحكمة بتلقي الرشاوى وحكمت عليه المحكمة بالسجن الفعلي، فكيف يعلن عباس انه يريد محاربة الفساد وهو في نفس الوقت يستقبل شخصية اسرائيلية ادانتها المحكمة بتلقي الرشاوى؟ هذا من ناحية، من ناحية اخرى لا نفهم ولا نتفهم القرار الفلسطيني باستثناء ممثلي الصحافة العربية في الداخل الفلسطيني من لقاء السيد الرئيس، وهذا التصرف ليس غريبا على ابطال اوسلو، فقبل فترة وجيزة حاولت ان اجري لقاء مع شخصية فلسطينية من الرموز ألمتنفذة في السلطة فكان الرد سلبيا، عندها تذكرت ان هذا القائد "الرمز" يعاني من مرض مستعص حتى على امهر الاطباء وهو مرض "الخواجا"، أي ان الصحافي الاسرائيلي اليهودي يجري اللقاء مع المسؤولين الفلسطينيين متى يشاء، وبحكم العلاقة المهنية معاحد الصحافيين اليهود طلبت منه ان يتدخل لاقناع "خصمه" بالادلاء بحديث لصحافي من "ابناء جلدته". وبعد تدخل الاسرائيلي، الذي يحتل جيشه اراضي فلسطين، وافق المسؤول اياه على اجراء الحديث الصحافي مع "عربي اسرائيلي"، كما يحلو للسيد عباس ان يعرفنا.

من نافل القول التوكيد والتشديد على ان الاعلام هو وسيلة ناجعة للغاية لكل سياسي والكلام ينطبق على الشعب الفلسطيني اكثر من غيره، وعليه نريد ان نسال بصوت عال السيد عباس والقيادة الفلسطينية القديمة الجديدة المحيطة به: لماذا لا تقومون بتجنيد اعلاميين من ابناء جلدتكم، ملمين بالشؤون الاسرائيلية وبلغة الخواجات، لكي يكون التعامل معهم بمسؤولية تضع حدا لوقاحتهم وصلافتهم وإستعلائهم وعنجهيتهم، والرد على تحريضهم المنهجي ضد الشعب الفلسطيني، لماذا لا تضم السلطة الى جيش المستشارين رجال اعلام يجيدون العبرية بطلاقة، فالامر سهل للغاية، فكما تعلّم الوزير العقيد محمد دحلان الانجليزية خلال عدة اشهر في لندن، بالامكان تعلم العبرية في تل ابيب؟ فالعبرية اسهل وتل ابيب اقرب.

والشيء بالشيء يذكر: فقد تبين لي هذا الاسبوع ان رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع حصل على موافقة من الداخلية الاسرائيلية لاستجلاب خادمة من سيريلانكا لتقوم بمهام تنظيف بيته في ابو ديس، اما عباس فقد استجلب بترخيص اسرائيلي خادمتين، الاولى من اثيوبيا والثانية من اندونيسيا، علاوة على ذلك فان كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية يقومون باستيراد العاملات الاجنبيات من خارج البلاد للعمل في بيوتهم، كما قال وزير الداخلية الاسرائيلي، العمّالي اوفير بينيس-باز في تصريح رسمي، لافتا الى ان منح التصريحات للقياديين الفلسطينيين باستيراد العمالة الاجنبية هو بادرة حسن نية من قبل الدولة العبرية تجاه عباس وقريع والآخرين.

وبما ان السيد عباس عبر المائة يوم في منصبه، وهو بالمناسبة لم يحقق شيئا يذكر لابناء شعبه، نرى من واجبنا ومسؤوليتنا كابناء لهذا الشعب ان نسال: هل تحولت السلطة الفلسطينية الى سويسرا الشرق الاوسط وعمت الرفاهية وانتعش الاقتصاد وانتهى الجوع والفقر بشكل سري للغاية، الامر الذي منعنا من اكتشاف ذلك؟ هل الايدي العاملة الفلسطينية باتت بضاعة فاسدة؟ لماذا لا يقوم ابطال اوسلو بتشغيل اسر الشهداء والجرحى والمعتقلين من ابناء هذا الشعب في بيوتهم الفارهة؟ هل هذا الشعب قدم التضحيات من اجل استيراد العاملات من سيريلانكا واثيوبيا واندونيسا؟ وهل هذه الخطوة تندرج ضمن الحرب الضروس التي أعلنها على الفساد في السلطة السيد عباس؟ نسال هذه الاسئلة وقلوبنا تعتصر بالالم على ما فعلت بنا البراغماتية العباسية.

زهير أندراوس
كاتب فلسطيني
-  
رئيس تحرير جريدة كل العرب في الناصرة
 

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع