صورتان من الضياع السياسي الفلسطيني

 

بروفيسور عبد الستار قاسم

الأمم قوية بأخلاقها أولا لأن الأخلاق هي الأرضية والقواعد التي تميز بناء مختلف المؤسسات الحياتية للأمة. إذا كانت الأخلاق منهارة ومنحطة فإننا نتوقع هشاشة النظام الاقتصادي وتخلف النظام الاجتماعي وطاغوتية وفساد النظام السياسي وانحطاط الثقافة والفكر. وإذا سمت الأخلاق، ارتقت الأمة بأنظمتها المختلفة وسادت قيم العمل الجماعي والتعاون المتبادل، واكتسبت قوة ومنعة في مختلف مجالات الحياة. ولهذا تحرص الشعوب والأمم التي تتطلع إلى الأمام على الرقي بأخلاقها وتطوير مناهج تربوية تجعل من السمو الأخلاقي سلوكا اعتيادا.

في هذا اليوم الموافق 15/6/2006 لاحظت صورتين تشيران على مدى الهبوط أو الضياع الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني. إحداهما تتعلق برئيس السلطة الفلسطينية، وتتعلق الأخرى برئيس الوزراء الفلسطيني.

بالنسبة لرئيس السلطة، قام في هذا اليوم بزيارة مدينة نابلس وذلك للمشاركة في تخريج فوج من جامعة النجاح. الملاحظ أن رجال الأمن الفلسطينيين انتشروا بكثافة بأسلحتهم في الشوارع المحيطة بجامعة النجاح والطرق التي سيمر منها الرئيس. لا يرى الشعب الفلسطيني هذه القوى الأمنية عندما يتعلق الأمر بأمن المواطن وأمن المؤسسات. الزعران يجوبون الشوارع الفلسطينية بأسلحتهم في مختلف الأماكن الفلسطينيين ويهددون أمن المواطنين وأمن المؤسسات ولا نرى أجهزة أمنية تهب للدفاع عن الأمن الفلسطيني. ولا نرى هذا السلاح عندما يدخل الجيش الإسرائيلي مدن فلسطين وقراها على الرغم من أن الأجهزة الأمنية تقول إنها موجودة للدفاع عن الأمن الفلسطيني.

كيف يستطيع رئيس سلطة فلسطينية يقول للفلسطينيين باستمرار بأنه يحرص على المصلحة الوطنية الفلسطينية أن يمارس مثل هذه الممارسات التي أقل ما يقال فيها إنها تعبير عن ضياع؟

بالنسبة لرئيس الوزراء، ظهرت صورته على الصفحة الأولى من جريدة القدس وهو يجلس مع محمد دحلان. يسمع الشعب الفلسطيني باستمرار اتهامات من حماس موجهة ضد دحلان وأنه يتلقى أموالا وأسلحة من أعداء الشعب الفلسطيني، وأنه هو الذي يشعل الفتيل في منطقة خان يونس، وأنه يعمل بدأب على استقطاب مؤيدين ويسلح بعضهم بغية الانقضاض على الشعب الفلسطيني. ويسمع الشعب أيضا اتهامات حول تلقيه تدريبات من قبل دول لا تريد خيرا بالشعب الفلسطيني وذلك لتأهيله لقيادة الشعب.

إذا كانت كل هذه التهم موجهة لدحلان، فلماذا يجلس معه رئيس الوزراء؟

على هذا الشعب أن يفكر بأمر نفسه، ومن المفروض أن التجارب قد علمته أن التناقض الأخلاقي لن يتمخض إلا عن آلام وأحزان.
 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع