ايهما بين يدي الآخر، الزبيدي ام الوزير؟

بقلم: حمدي فراج *

ليس مطلوب من كل واحد منا ان يذهب الى جنين ليعرف حقيقة ما جرى مع وزير الداخلية العتيد نصر يوسف، لأن هذا يعني ان يذهب كل واحد منا الى القمر ليصدق عملية الصعود اليه.

نقول ذلك ردا على بيان المحافظ الذي نفى ان يكون الوزير قد أقاله، معتبرا ان وسائل الاعلام هي اخترعت النبأ، وعليه فقد طالبها بتحري الدقة في المرات القادمة.

الأولى ان تقوم السلطة بتحري الدقة، بل بتحري اقدامها على خطواتها وقرارات وزرائها، وكذلك تحري الدقة في التراجع عن تلك القرارات وسرعة تنصلها منها، واذا كان الأمر على هذا النحو فاننا نطالبها بأن لا تكون قراراتها عبارة عن ردات أفعال عصبية غاضبة، فالذي يتخذ قراراته وفقا على ردات افعاله، سرعان ما يتراجع عنها، ليتخذ قرارات منسجمة مع حالته الجديدة في الهدوء والارتياح، فيتخذ قرارات اخرى مغايرة لربما تصل في حالة محافظ جنين تعيينه قاضيا للقضاة طالما ان الوزير رضي عنه.

كتائب الاقصى ممثلة بالمناضل الزبيدي اطلق النار على سيارة الوزير.

هل نحن هنا امام جريمة ام لا؟ ليس مهما انها سيارة الوزير ام سيارة الغفير، فما الداعي بعدها ان نسمع الاسباب والتبريرات التي ممكن ان تبدأ ولا تنتهي، كأن يقال احتجاجا على زيارته، او احتجاجا على زيارته بدون التنسيق معه، او احتجاجا على الأجهزة التي لم تنسق معه، وجميع هذه المسوغات اسمعت بشكل او بآخر، وقد نشرتها وسائل الاعلام بما في ذلك صحف السلطة، فهل اي من هذه الاسباب كفيل لأن يعقد الوزير اجتماعا مع الزبيدي فيستمع منه عن الاسباب التي ادت الى اطلاق النار على السيارة؟

على العكس تماما، كان يجب ان لا يتم اجتماعات، بل اعتقالات لمن يتجرأ على استخدام سلاحه في طرح وجهة نظره مهما كانت وجيهة، أليس هذا هو بالضبط الانفلات الأمني الذي اتخمنا لكثرة ما سمعنا ان القيادة الجديدة ستضع حدا له؟ أم ان هناك فرق بين انفلات سلاح حماس و سلاح الأقصى، وبين سلاح الزبيدي وسلاح العبيدي، سلاح يؤدي بصاحبه الى المفتي، وسلاح يؤدي بصاحبه الى عقد اجتماع مع الوزير، يستمع فيه الى (الاسباب)، رغم ان اسماع الاسباب هي من مهمة القاضي، وفي حدود علمنا فان نصر يوسف، الذي رحبنا بتسلمه هذه الوزارة المهمة والحيوية ـ لأنه من بين القلائل الذين استطاعوا ان يقولوا لا لعرفات، في حين كانت البقية الباقية تبصم له بالنعم ـ لم يتسلم منصبا قضائيا بعد، وفي حدود علمنا ان الرئيس محمود عباس لم يذهب بعد الى نفل القضاء الفاسد في بلادنا.

لنا على الوزير العتيد نصر يوسف ان لا يصدر قراراته بناء على ردات فعله، بغض النظر عن حالته المزاجية المتعكرة او الصافية، بل وفق دراسات مسبقة، ولنا عليه ان لا يتراجع عنها بمجرد ان تهدأ نفسه، لأننا والحالة هذه نعود الى المربع الأول، مربع الرئيس ياسر عرفات، الذي لا تجوز عليه الان الا الرحمة. أم ترانا امام حالة حليمة التي تعود دائما كما يقولون الى عادتها القديمة؟

      

* كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع