ما لا يخرج مع العروس لن يلحق بها، يا
أيها المفاوض!!
د. فايز صلاح أبو شمالة
هذا المثل الشعبي الفلسطيني ينطبق إلى أبعد مدى على حال
التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي، ولاسيما فيما يتعلق بشأن الأسرى، فقد
فهم من تصريحات المسئولين الفلسطينيين بعد لقائهم الأخير مع ( موفاز،
ودوف فايسغلاس) بأن إسرائيل ستقوم بالإفراج من طرفها عن العدد 900 سجين
الذي أقر في الجلسة المصغرة لمجلس الوزراء الإسرائيلي، وأن الإنجاز
الوحيد حول هذا الموضوع تمثل في موافقة إسرائيل على تشكيل لجنة وزارية
ستبحث في معايير جديدة لإفراج عن السجناء في السجون الإسرائيلية فور
انتهاء مؤتمر شرم الشيخ.
فإذا كانت القرارات الإسرائيلية، ممثلة بأعلى مستوى قيادي
لديها، وهو رئيس مجلس الوزراء أريل شارون، تقول بعدم جواز إطلاق سراح
السجناء الفلسطينيين الذين (تلطخت أيديهم بدم الإسرائيليين) كما
يقولون، وأصرت إسرائيل على موقفها الذي رضخ له الفلسطينيون، فمن سيضمن
لنا نحن الشعب الفلسطيني، أن قيادتنا السياسية لن تتراجع في اللحظة
الأخيرة، وأمام التصلب الإسرائيلي عن كثير من الثوابت الرئيسية، وتؤجل
كثيراً من قضايانا الهامة والحساسة إلى مراحل التفاوض والمساومة
والابتزاز الذي يتقنه الإسرائيليون.
لم نصدق صباح اليوم ما أشارت إليه صحيفة هآرتس باللغة
العبرية عن مصدر أمني إسرائيلي كبير، بأن الفلسطينيين سيتراجعون في
اللحظة الأخيرة عن مطالبتهم بتحرير كافة الأسرى، وسيكتفون بما يعرض
عليهم من الطرف الإسرائيلي، وأن موضوع الأسرى لن يفجر لقاء شرم الشيخ.
حسب كل متتبع للمستجدات السياسية، فقد فهم أن القول
الإسرائيلي هذا قد جاء من باب الحرب النفسية، وأن هذا الموضوع الإنساني
الخالص الذي وجد له تأييداً داخل اللجنة الأمنية الإسرائيلية، وداخل
الحكومة الإسرائيلية نفسها، سيكون فاتحة إرادة تفاوضية فلسطينية،
ومؤشراً على معطيات جديدة على الأرض، تفرض نفسها على طاولة المفاوضات.
لكن على ما يبدو، فإن المؤشرات التفاوضية التي تظهر حتى
الآن، تدق ناقوس الخطر أمام كل فلسطيني غيور، وتترك جمر الحيرة يلسع في
العقول النائمة، وتطرح السؤال الكبير؛ إلى أين سنصل مع هذا التفاوض
الذي لم يصمد دقائق أمام الإصرار الشاروني؟
فإذا كانت هذه اللحظات الحاسمة من مشروع الهدنة الذي
التزمت بها فصائل المقاومة المسلحة، لم تحقق أبسط الشروط الإنسانية
المتمثلة في الإفراج عن السجناء المرضى، وعن نساء العرب، فهل ستحققها
مرحلة التفاوض المضني الطويل مع الإسرائيليين؟
ما زالت إمكانية التمنع عن المشاركة في قمة شرم الشيخ
قائمة أمام الرئيس الفلسطيني أبي مازن، وما زالت الفرصة أمامه قائمة
للملمة المجتمع الفلسطيني خلف قيادته، لتهتف باسمه، لاسيما إذا ما ظهرت
حسنات وقف إطلاق النار، وظهرت مؤشرات على تكافؤ، وندية التفاوض في عقل
ووجدان المفاوض الفلسطيني، وما عدا ذلك، فإن طفلاً رضيعاً، لن يصفق
لقيادة لم تحقق أبسط ما حلم به شهداء الانتفاضة، وأمهات وزوجات وبنات
الأسرى.
|