مَن قتل موسى عرفات؟ !!

 

 

غزة ـ المركز الفلسطيني للإعلام

عمليّة اغتيال الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية في السلطة الفلسطينية موسى عرفات، يوم (8/9) أثارت زوبعة في فنجان، ويبدو أن بين أهداف هذه الزوبعة، إبعاد التهمة عن الجهة الحقيقة التي تقف وراء هذه العملية، وفي الوقت ذاتها، إلصاق التهمة بجهة بعينها وجرّ أخرى بالمعية وذلك في سياق مخطط يرمي لخلط الأوراق فيما يتعلق بشرعية سلاح المقاومة.

 

وفي هذا السياق جاء بيان وزارة الداخلية في السلطة الفلسطينية يوم (8/9) والذي زعم أن "هناك جهات تُخطط مُنذ فترة لتنفيذ سلسلة عمليات اغتيال وتصفية لشخصيات رسمية في السلطة الوطنية، بهدف خلق حالة من الإرباك على الساحة الفلسطينية" متجاهلاً تماماً تصريحات قياديين في ألوية الناصر صلاح الدين أكدت مسؤوليتها عن العملية، في أعقاب تنفيذها، مع الإشارة إلى أن بيان "الداخلية" قد صدر ولم يكن قد صدر بعد أي بيان أو تصريح لألوية الناصر ينفي مسؤولية الأخيرة عن عملية الاغتيال.

 

ويؤكد المراقبون أن منفذي عملية الاغتيال والذي تجاوز عددهم الثمانين عنصراً، ما كان لهم أن ينفذوا هذه العملية

دون دعم ومساعدة بعض الأجهزة الأمنية الرسمية والتي تنتشر مقارها في المنطقة التي تمت فيه العملية، خاصة وأن عملية الاغتيال نفذت بعد نحو 40 دقيقة من الاشتباكات العنيفة بين العناصر المهاجمة وعناصر الحراسة موسى عرفات، ولم يتدخل خلالها عناصر الأجهزة الأمنية!!.

 

 

ألوية الناصر: دحلان ومشهراوي هما وراء عملية اغتيال موسى عرفات ... !؟

فألوية الناصر صلاح الدين، الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية، والتي نفت للمرّة الثانية مسؤوليتها عن ارتكاب عملية الاغتيال، وجهت أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى الوزير في السلطة الفلسطينية محمد دحلان، وعضو اللجنة الحركية العليا لحركة "فتح" في غزة سمير مشهراوي، بالوقوف وراء عملية الاغتيال.

 

وأوضحت ألوية الناصر صلاح الدين في بيان أصدرته يوم (9/9)،  أنّ نتيجة تحقيق داخلي في القضيّة بيّن أنّ من "يتحمّل مسؤولية هذه الجريمة" من وصفته بـ"المتمارض" محمد دحلان، مشدّدةً على أنّه "كان العقل المدبّر، ومن أعطى القرار بتنفيذها، في حين كان المخطّط ومدير العملية المباشر سمير المشهراوي، الذي تولى أيضاً حماية العناصر التي تعقد مؤتمراتٍ صحافية باسم اللجان، وتزعم مسؤوليتنا عن الجريمة".

 

وأشارت الألوية إلى أن "قوات الأمن الوطني طوّقت مكان الجريمة في الوقت الذي كانت تتمّ فيه، دون تدخل منها، تاركة المجرمين للقيام بجريمتهم حتى نهايتها"، واعتبرت ألوية الناصر صلاح الدين  أن "هذه الجريمة (تشكّل) تحدياً لأمن المواطنين"، مطالبةً باتخاذ إجراءات حازمة وحاسمة تجاه من يعبث بالأمن الوطني، مهما كان موقعه، مشددة على أنها ستسعى "لفضح ومنع محاولات دحلان وزمرته وجهازه الوقائي من تلويث شرف البندقية المقاومة"، متّهمةً من وصفتهم بـ"عملاء جهاز الأمن الوقائي بتنفيذ المخطط الصهيوني بتصفية قادة فتح على أيدي أبنائها".

 

ويقول بيان ألوية الناصر: إننا "في لجان المقاومة الشعبية وجناحها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين، على الرغم من موقفنا المعروف من اللواء موسى عرفات، وخلافنا السياسي، وانتقادنا ورفضنا المستمر لممارساته وفساده، فإنّنا لم نفكّر يوماً بارتكاب جريمة من هذا النوع، وإنّ نجاح محمد دحلان في توريط بعض عناصرنا في الجريمة لا يعني مسؤولية اللجان عنها، لاسيّما وأنّ سياسة الاغتيال السياسي غير مدرجٍ في أجندتنا"، ووعدت بإبقاء بندقيتها "مشرعة ضد الاحتلال الصهيوني فقط".

 

أبو سمهدانة: الاغتيال تم على بعد أمتار من مقرات الأجهزة الأمنية!!

الأمين العام للجان المقاومة الشعبية في فلسطين جمال أبو سمهدانة نفى أيضاً أن تكون لألوية الناصر صلاح الدين علاقة من قريب أو بعيد بعملية اغتيال اللواء موسى عرفات واختطاف نجله منهل، مشيراً إلى أن "العملية تمّت على بعد أمتار من مقرات العديد من الأجهزة الأمنية" .

وقال أبو سمهدانة خلال مؤتمر صحفي عقده يوم (9/9) في رفح  بمدينة رفح:" أن مجموعة كانت تعمل في لجان المقاومة شاركت بعملية الاغتيال مع مجموعات أخرى قامت بتنفيذ العملية ضد اللواء موسى عرفات واختطاف نجله، في مدينة غزة"، مؤكداً  أن سلاح المقاومة الذي تحمله ألوية الناصر صلاح الدين هو سلاح شريف ونظيف وموجه فقط للاحتلال الصهيوني.

 

الشيخ جمال أبو سمهدانة الأمين العام للجان المقاومة الشعبية، والشيخ عبد الكريم القوقا القائد العام لألوية الناصر صلاح الدين الجناح العسكري للجان" أصدرا بياناً نفيا فيه علاقة ألوية الناصر بعملية الاغتيال، وقالا في بيان لها: "

نعلن نحن في قيادة لجان المقاومة الشعبية وجناحها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين عدم مسؤوليتنا عن مقتل موسى عرفات واختطاف نجله منهل قبل يومين، ونؤكد على أن من قام بهذه الحادثة مجموعة صغيرة كانت تنتمي سابقاً لألوية الناصر صلاح الدين وحاولت هذه المجموعة توريط قيادة لجان المقاومة وألوية الناصر لصالح جهة ثالثة".

 

وأضاف البيان "نعلن نفينا القاطع عن أي علاقة بالمجموعة التي قامت بتنفيذ عملية القتل والخطف، ونعلن بأننا لن نتهاون مع أي فرد يقوم بزج اسم اللجان أو ألويتها المظفرة في أي حادثة من أجل المصالح الشخصية".

وأكد بأن سلاح المقاومة الشرعي سيبقى موجهاً نحو الاحتلال ولن يكون سبباً في أي اقتتال داخلي أو فلتان أمني، داعية كافة وسائل الإعلام والفضائيات إلى عدم استقبال أي معلومة أو بيان يخص لجان المقاومة الشعبية وألوية الناصر صلاح الدين إلا من خلال القنوات الرسمية المعروفة لدى الجميع، كما أن أي بيان رسمي يخص اللجان والألوية في فلسطين يتم نشره على موقع الإنترنت الخاص بها.

 

مسؤولون أمنيون متورطون وآخرون متواطئون

مصادر مطلعة في السلطة الفلسطينية أكدت أن زوجة اللواء موسى عرفات استنجدت بقيادات ورموز في السلطة الفلسطينية خلال الهجوم على منزلها لقتل زوجها لكن أحدا لم يلبي نداءها !!.

وحسب تلك المصادر،  فإنه في لحظة الهجوم على المنزل أجرت زوجة عرفات اتصالا هاتفيا مع عدد من قيادات السلطة الفلسطينية بينهم وزراء مهمتهم حفظ الأمن، مضيفة أن عدد من المسئولين رد على اتصالها الهاتفي ووعد بالحضور لكن أحدا لم يصل، بينما لم يرد عدد آخر من أولئك المسؤولين على الهاتف أصلاً.

وتشير المصادر إلى أن زوجة عرفات شتمت عددا من قيادات السلطة وصلوا إلى المنزل بعد تنفيذ عملية الاغتيال، فيما هاجمت إحدى بناته وزيراً داخل المستشفى في غزة بألفاظ نابية دون رد فعل من هذا الوزير.

 

عملية الاغتيال كما يرويها مرافق موسى عرفات

عبد الهادي أبو ندى، المرافق الشخصي لموسى عرفات اعتبر حادثة اغتيال رئيس الاستخبارات العسكرية الفلسطينية السابق انعكاساً لحالة الانفلات الأمني الذي تعيشه الأراضي الفلسطينية، وقال إن نجاح اغتيال مسؤول كبير بالشكل الذي حصل يجعل حياة كل فلسطيني مهددة بالخطر.

 

محمد عثمان، أحد حراس موسى عرفات والذي أصيب في ساقه أثناء عملية الاغتيال قال: إن عملية الاغتيال وتبادل إطلاق النيران واختطاف منهل عرفات دامت قرابة نصف ساعة أطلق خلالها الرصاص والعبوات الناسفة. وروى لحظة أصابته قائلاً: "بيت عرفات مؤلف من ثلاثة طوابق، الأول معد للضيافة وكان فارغاً عند تنفيذ الاغتيال، والثاني كان عرفات نائماً فيه والثالث يعيش فيه ابنه منهل وزوجته وطفلاه، وكانت زوجته نائمة فيه، في أثناء تنفيذ القتل. أما نظام الحراسة في البيت فيكون بتناوب فرقتين على مدار 24 ساعة، كل فرقة مؤلفة من 4 أشخاص.

 

وأضاف: "عند تنفيذ الاغتيال كنت وثلاثة حراس آخرين أمام البيت مع أسلحتنا وقد فوجئنا بضجيج، وحركة سيارات فتحركنا لاستطلاع المنطقة وإذ بأعداد كبيرة من السيارات تقف أمام البيت ويخرج منها عشرات الملثمين فأشهرنا سلاحنا للدفاع فأطلق الرصاص باتجاهنا وأصبت برصاصة في ساقي"، ويتابع: "كان أكثر من مائة ملثم ومسلح قسم منهم بقي في السيارات التي أحاطت بالبيت وقسم آخر انتشر حول البيت ومعه مختلف أنواع الأسلحة فيما توجهت فرقة ثالثة لتنفيذ الاغتيال.

 

وقال: في البداية سيطروا علينا وبعد تكبيلنا ومصادرة أجهزتنا الخليوية تم نقلنا إلى إحدى السيارات، أما الأربعة الذين كانوا نائمين في الداخل فقد كبلوهم وصادروا أجهزتهم الخليوية واحتجزوهم داخل الغرفة الخارجية".

في هذه الأثناء حاولت المجموعة فتح الباب الرئيسي للبيت فلم تتمكن بسبب إحكام إغلاقه ففجرت عبوة ناسفة، وكما قال عبد الهادي أبو ندى، مرافق عرفات، "إن الأخير خرج لمواجهتهم وجرى بينهم تبادل إطلاق الرصاص أصيب خلالها أفراد المجموعة التي اقتحمت البيت"، ويضيف: "أصيب طفلا وزوجة منهل، نجل موسى عرفات، بحالة ذعر وخوف وكانوا يصرخون ويبكون فصعد اللواء عرفات للاطمئنان عليهم فتمكن الملثمون من قتله من الخلف، إذ أصابوه برصاصة في ظهره وأخرى في خاصرته وسقط على الأرض، ثم أكملوا إطلاق الرصاص. وحسب ما ابلغنا الطبيب الذي شرح الجثة فقد أطلقت عليه 23 رصاصة".

بعد القتل، يضيف أبو ندى، صعد الملثمون إلى بيت نجله منهل وخطفوه وأخذوا معهم الجثة إلى السيارة وبعد أكثر من مائتي متر قذفوا بها إلى الشارع ويبدو أنهم أرادوا التأكد من وفاته. بعد ذلك دفعوا بالحراس الأربعة خارج السيارة.

  

دحلان وموسى عرفات وتاريخ من الصراع

صراع محتدم بين محمد دحلان وموسى عرفات استمر فترة طويلة من الزمن، تخللها عدة اشتباكات بين رجال الأمن المحسوبين على دحلان وبين مقربي موسى عرفات، ووصل الخصام إلى ذروته عندما انفجرت سيارة مفخخة بالقرب من قافلة كانت من بينها سيارة موسى عرفات، شهر تشرين أول/أكتوبر 2004.

ولم يتهم موسى عرفات محمد دحلان بشكل مباشر، إلا أنه اتهم الرجال الذين يعملون كـ"طابور خامس" داخل الشعب الفلسطيني، وألمح عرفات من خلال أقواله هذه إلى دحلان ومؤيديه.

 

وحالة الصراع  بين دحلان وموسى عرفات شاركت فيها أطراف داخل حركة فتح والسلطة موالية لياسر عرفات، وأطراف أخرى "متمردة" على قيادة عرفات، وقد أخذت هذه الأطراف في بلورة تيار يقوده عملياً محمد دحلان، وأداته التنفيذية سمير المشهراوي ومجموعات الأمن الوقائي، ويسانده تنظيمياً عبد العزيز شاهين وحسين الشيخ، مقابل معسكر عرفات، المتمثل في أعضاء مركزية فتح، ورؤساء الأجهزة الأمنية والتي كان موسى عرفات أحد أبرز شخصياتها.

 

وعندما تدهورت صحة عرفات التزمت الشخصيات المتنازعة داخل فتح بضبط النفس، خشية انتشار الفوضى، قائمة الخصوم في "فتح" تساوي قائمة الشخصيات فيها، فكتلة موسى عرفات غازي الجبالي ضد محمد دحلان، ودحلان ضد جبريل رجوب.. وعشرات غيرهم من رموز السلطة هم أيضاً داخل دائرة الصراع على مراكز القوى.

 ولأن هذا الصراع مؤسس على مبدأ التنافس على الامتيازات الاقتصادية والسياسية بين زعامات ورموز أجهزة "السلطة"، فلا يمكن أن ينتهي هذا الصراع ما دام أقطابه هم عناصر يسرحون ويمرحون في أروقة "السلطة".

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع