عندما يتحول الوطن الى عزبة

 

يقر الشعب بسخرية الاستطلاع ومسخرة الاتفاقية

سؤال يطرح نفسه  بكل قوة  ما هو المؤشر الذي يجعل من الانسحاب من غزة جنة سليمان في الضفة ؟

الإعلام الإسرائيلي ابرز في نشراته الإخبارية نتائج الاستطلاع الذي أجراه  مركز استطلاع فلسطيني يقول في نتائجه  المفاجئة أن الغالبية من الفلسطينيين يتوقعون نهضة اقتصادية  أو على اقل تقدير تحسن في الحياة المعيشية للفلسطينيين بعد الانسحاب من غزة ..!

نتائج الاستطلاع لم تأخذ في الاعتبار جدار الفصل العنصري الذي جعل من مدن الضفة الغربية تجمعات سكانية وألغى على الأرض إمكانيات التعايش  مع المكان والزمان في آن معا سوى برخصة إسرائيلية محضة وإرادة إسرائيلية بغض النظر عن المسميات القادمة سواء  تمت مفاوضات الحل النهائي أو تم تأجيلها  إلى زمنا آخر أو جيلا آخر ..

نعم  تتوفر إمكانية واحدة لتحسن الظرف المعيشي في الأراضي الفلسطيني بان نتحول  من شعب فلسطيني يعلو على جراحاته بالإرادة ويسمو على  الظرف  بصموده الأسطوري إلى شعب متسول يقرع أبواب العرب والغرب لتمرير مشاريع لا تدخل سوى في إطار التخدير المرحلي للتماشي مع المشاريع التسويقية الأكبر للمشاريع الاستيطانية الأعظم داخل  مدننا وقرانا ومخيماتنا  حتى غرف نومنا وحماماتنا أيضا ...

يبدو أن المتفائلين الذين توقعوا انفراجا في الوضع الاقتصادي لا يعلمون شيئا عن قسوة الجدار الذي تربع على رئة الفلسطينيين الذين يقفون على أبواب مؤسسات  دعم العمال ضمن مشاريع بدل البطالة ولا يعرفون كم هو العدد الحقيقي للعاطلين عن العمل الذين  يصطفون على أبواب هذه المؤسسات  للحصول على  اقل من مائتي دولار في الشهر.

إسرائيل تنسحب من مستعمرات القطاع وتنتقل إلى مستعمرات الضفة والقدس تكبر بالألم الذي يحيط بأسوارها عبر " الكيبا " التي  لم تترك  أملا  بالتعايش في  المدينة المقدسة  على الأقل بين أصحاب الديانات بعد إغلاقها أمام المسلمين وتحريم الصلاة في الأقصى لمن هم دون الأربعين وهنا السؤال الذي  يدك مضاجعنا  هل الحل أن نمهد للقادم الإسرائيلي  من سياسات  لأننا فقط " نتوقع ونأمل ونرجو " كي نعيش ونستمر بالقبض والصرف بغض النظر عن تبعيات ما نعلن  ونصرح ؟؟

سخرية هذا الاستطلاع لا تقل عن سخرية اتفاقية وزارة  الاقتصاد في  اتفاقية الإعفاء الجمركي مع الصين  فالأول الذي يقفز عن مسببات الدمار في فلسطين وتمزيق الوطن طولا وعرضا لا يقل في خطره عن  الثاني الذي يدمر من تبقى  من رائحة الوطن عبر الزبالة التي سينثرونها في الأسواق الفلسطينية  لتلبية  أهداف ومصالح .. الوطن منها براء .. وإذا كان الجدار الذي احتل مساحة الفكر المتغطرس في الدولة العبرية  يمحوه استطلاع رأي  بالأمل فان تخريب  المعامل والمصانع وبعض المنشئات الإنتاجية الصغيرة في الوطن لا يقل خطرا  عن الجدار الذي يحاولون محو  اقتصاده باتفاقية  اقل ما يمكن القول عنها بأنها  مسخرة .

من الواضح وللأسف أن الوطن تحول إلى عزبة  للبعض يمارسون به ما يشاؤون من أهوائهم دون حسيب أو رقيب فتحت عنوان الانسحاب من غزة " حدث بلا حرج " ....! فمتى تقرر الدولة العبرية الخطوة الأخرى لنقرر نحن الخروج من قمقم الصمت الذي  ضاق ذرعا بالمعزبين في مصير الشعب  ومستقبله .

جميل حامد

صحافي وكاتب فلسطيني- مدير مكتب الحقائق(فلسطين)

Hjam32@yahoo.com

  8/14/2005

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع